الرسل في أنهم ينصرون عليهم ولم يصدقوهم فيه . وقرئ : كذبوا بالتشديد على وظن الرسل أنهم قد كذبتهم قومهم فيما وعدوهم من العذاب والنصرة عليهم . وقرأ مجاهد كذبوا بالتخفيف على البناء للفاعل على : وظن الرسل أنهم قد كذبوا فيما حدثوا به قومهم من النصرة إما على تأويل ابن عباس وأما على أن قومهم إذا لم يروا لموعدهم أثرا قالوا لهم : إنكم قد كذبتمونا فيكونون كاذبين عند قومهم . أو وظن المرسل إليهم أن الرسل قد كذبوا . ولو قرئ بهذا مشددا لكان معناه ؟ وظن الرسل أن قومهم كذبوهم في موعدهم . وقرئ : فننجي بالتخفيف والتشديد من أنجاه ونجاه . وفنجى على لفظ الماضي المبني للمفعول وقرأ ابن محيصن فنجا والمراد ب " من نشاء " المؤمنون لأنهم الذين يستأهلون أن يشاء نجاتهم . وقد بين ذلك بقوله " ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين " .
" لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون " .
الضمير في " قصصهم " للرسل وينصره قراءة من قرأ : في قصصهم بكسر القاف .
وقيل : هو راجع إلى يوسف وإخوته . فإن قلت : فالإم يرجع الضمير في " ما كان حديثا يفترى " فيمن قرأ بالكسر ؟ قلت : إلى القرآن أي : ما كان القرآن حديثا يفترى " ولكن " كان " تصديق الذي بين يديه " أي قبله من الكتب السماوية " وتفصيل كل شيء " يحتاج إليه في الدين لأنه القانون الذي يستند إليه السنة والإجماع والقياس بعد أدلة العقل . وانتصاب ما نصب بعد لكن للعطف على خبر كان . وقرئ : ذلك بالرفع على " ولكن هو تصديق الذي بين يديه " عن رسول الله A : " علموا أرقاءكم سورة يوسف فإنه أيما مسلم تلاها وعلمها أهله وما ملكت يمينه هون الله عليه سكرات الموت وأعطاه القوة أن لا يحسد مسلما " .
سورة الرعد .
قيل مكية وقيل مدنية .
بسم الله الرحمن الرحيم .
" المر تلك آيات الكتاب والذي أنزل إليك من ربك الحق ولكن أكثر الناي لا يؤمنون " .
" تلك " إشارة إلى آيات السورة . والمراد بالكتاب السورة أي : تلك الآيات آيات السورة الكاملة العجيبة في بابها ثم قال : " والذي أنزل إليك " من القرآن كله هو " الحق " الذي لا مزيد عليه لا هذه السور وحدها وفي أسلوب هذا الكلام قول الأنمارية : هم كالحلقة المفرغة لا يدرى أين طرفاها ؟ تريد الكملة .
" الله الذي رفع السموات بغير عمد ترونها ثم استوى على العرش وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى يدبر الأمر يفصل الآيات لعلكم بلقاء ربكم توقنون وهو الذي مد الأرض وجعل فيها رواسي وأنهار ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين يغشي الليل النهار إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون " .
" الله " مبتدأ و " الذي " خبره بدليل قوله : " وهو الذي مد الأرض " ويجوز أن يكون صفة . وقوله : " يدبر الأمر يفصل الآيات " خبر بعد خبر . وينصره ما تقدمه من ذكر الآيات " رفع السموات بغير عمد ترونها " كلام مستأنف استشهاد برؤيتهم لها كذلك . وقيل : هي صفة لعمد . ويعضده قراءة أبي ترونه . وقرئ : عمد بضمتين " يدبر الأمر " يدبر أمر ملكوته وربوبيته " ويفصل " آياته في كتبه المنزلة " لعلكم توقنون " بالجزاء وبأن هذا المدبر والمفصل لا بد لكم من الرجوع إليه . وقرأ الحسن : ندبر بالنون " جعل فيها زوجين اثنين " خلق فيها من جميع أنواع الثمرات زوجين زوجين حين مدها ثم تكاثرت بعد ذلك وتنوعت . وقيل : أراد بالزوجين : الأسود والأبيض والحلو والحامض والصغير والكبير وما أشبه ذلك من الأصناف المختلفة " يغشى الليل النهار " يلبسه مكانه فيصير أسود مظلما بعد ما كان أبيض منيرا . وقرئ : يغشى بالتشديد .
" وفي الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون "