" إلا بالحق " إلا خلقا ملتبسا بالحق والحكمة لا باطلا وعبثا . أو بسبب العدل والإنصاف يوم الجزاء على الأعمال " وإن الساعة لآتية " وإن الله ينتقم لك فيها من أعدائك ويجازيك وإياهم على حسناتك وسيآتهم فإنه ما خلق السموات والأرض وما بينهما إلا لذلك " فاصفح " فأعرض عنهم واحتمل ما تلقى منهم إعراضا جميلا بحلم وإغضاء . وقيل : هو منسوخ بآية السيف . ويجوز أن يراد به المخالقة فلا يكون منسوخا .
" إن ربك هو الخلاق العليم " .
" إن ربك هو الخلاق " الذي خلقك وخلقهم وهو " العليم " بحالك وحالهم فلا يخفى عليه ما يجري بينكم وهو يحكم بينكم . أو إن ربك هو الذي خلقكم وعلم ما هو الأصلح لكم وقد علم أن الصفح اليوم أصلح إلى أن يكون السيف أصلح . وفي مصحف أبي وعثمان : إن ربك هو الخالق وهو يصلح للقليل والكثير والخلاق للكثير لا غير كقولك : قطع الثياب . وقطع الثوب والثياب .
" ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم " .
" سبعا " سبع آيات وهي الفاتحة . أو سبع سور وهي الطوال واختلف في السابعة فقيل : الأنفال وبراءة لأنهما في حكم سورة واحدة ولذلك لم يفصل بينهما بآية التسمية . وقيل سورة يونس . وقيل : هي آل حم أو سبع صحائف وهي الأسباع . و " المثاني " من التثنية وهي التكرير لأن الفاتحة مما تكرر قراءتها في الصلاة وغيرها أو من الثناء لاشتمالها على ما هو ثناء على الله الواحدة مثناة أو مثنية صفة للآية . وأما السور أو الأسباع فلما وقع فيها من تكرير القصص والمواعظ والوعد والوعيد وغير ذلك ولما فيها من الثناء كأنها تثني على الله تعالى بأفعاله العظمى وصفاته الحسنى . ومن إما للبيان أو للتبعيض إذا أردت بالسبع الفاتحة أو الطوال وللبيان إذا أردت الأسباع . ويجوز أن يكون كتب الله كلها مثاني لأنها تثني عليه ولما فيها من المواعظ المكررة ويكون القرآن بعضها فإن قلت : كيف صح عطف القرآن العظيم على السبع وهل هو إلا عطف الشيء على نفسه ؟ قلت : إذا عنى بالسبع الفاتحة أو الطوال فما وراءهن ينطلق عليه اسم القرآن لأنه اسم يقع على البعض كما يقع على الكل . ألا ترى إلى قوله : " بما أوحينا إليك هذا القرآن " يعني سورة يوسف : وإذا عنيت الأسباع فالمعنى : ولقد آتيناك ما يقال له السبع المثاني والقرآن العظيم أي : الجامع لهذين النعتين وهو الثناء أو التثنية والعظم .
" لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم ولا تحزن عليهم واخفض جناحك للمؤمنين وقل إني أنا النذير المبين " .
أي : لا تطمح ببصرك طموح راغب فيه متمن له " إلى ما متعنا به أزواجا منهم " أصنافا من الكفار . فإن قلت : كيف وصل هذا بما قبله ؟ قلت : يقول لرسوله A : قد أوتيت النعمة العظمى التي كل نعمة وإن عظمت فهي إليها حقيرة ضئيلة وهي القرار العظيم فعليك أن تستغني به ولا تمدن عينيك إلى متاع الدنيا . ومنه الحديث : " ليس منا من لم يتغن بالقرآن " وحديث أبي بكر " من أوتي القرآن فرأى أن أحدا أوتي من الدنيا أفضل مما أوتي فقد صغر عظيما وعظم صغيرا " وقيل : وافت من بصرى وأذرعات : سبع قوافل ليهود بني قريظة والنضير فيها أنواع البر والطيب والجوهر وسائر الأمتعة فقال المسلمون : لو كانت هذه الأموال لنا لتقوينا بها ولأنفقناها في سبيل الله فقال لهم الله عز وعلا : لقد أعطيتكم سبع آيات هي خير من هذه القوافل السبع " ولا تحزن عليهم " أي لا تتمن أموالهم ولا تحزن عليهم أنهم لم يؤمنوا فيتقوى بمكانهم الإسلام وينتعش بهم المؤمنون وتواضع لمن معك من فقراء المؤمنين وضعفائهم وطب نفسا عن إيمان الأغنياء والأقوياء " وقل " لهم " إني أنا النذير المبين " أنذركم ببيان وبرهان أن عذاب الله نازل بكم .
" كما أنزلنا على المقتسمين الذين جعلوا القرآن عضين "