أن المشركين مثلوا بالمسلمين يوم أحد : بقروا بطونهم وقطعوا مذاكيرهم ما تركوا أحدا غير ممثول به إلا حنظلة بن الراهب فوقف رسول الله A على حمزة وقد مثل به وروي : فرآه مبقور البطن فقال : " أما والذي أحلف به لئن أظفرني الله بهم لأمثلن بسبعين مكانك " فنزلت فكفر عن يمينه وكف عما أراده ولا خلاف في تحريم المثلة . وقد وردت الأخبار بالنهي عنها حتى بالكلب العقور . إما أن يرجع الضمير في " لهو " إلى صبرهم وهو مصدر صبرتم . ويراد بالصابرين : المخاطبون أي : ولئن صبرتم لصبركم خير لكم فوضع الصابرون موضع الضمير ثناء من الله عليهم بأنهم صابرون على الشدائد . أو وصفهم بالصفة التي تحصل لهم إذا صبروا عن المعاقبة . وإما أن يرجع إلى جنس الصبر وقد دل عليه صبرتم ويراد بالصابرين جنسهم كأنه قيل : وللصبر خير وللصابرين ونحوه قوله تعالى " فمن عفا وأصلح فأجره على الله " الشورى : 40 ، . " وأن تعفوا أقرب للتقوى " البقرة : 237 ، ثم قال لرسوله A " اصبر " أنت فعزم عليه بالصبر " وما صبرك إلا بالله " أي بتوفيقه وتثبيته وربطه على قلبك " ولا تحزن عليهم " أي على الكافرين كقوله " فلا تأس على القوم الكافرين " المائدة : 68 ، أو على المؤمنين وما فعل بهم الكافرون " ولا تك في ضيق " وقرئ : ولا تكن في ضيق أي : ولا يضيقن صدرك من مكرهم والضيق : تخفيف الضيق أي في أمر ضيق . ويجوز أن يكون الضيق والضيق مصدرين كالقيل والقول " إن الله مع الذين اتقوا " أي هو ولي الذين اجتنبوا المعاصي " و " ولي " والذين هم محسنون " في أعمالهم . وعن هرم بن حيان أنه قيل له حين احتضر : أوص . فقال : إنما الوصية من المال ولا مال لي وأوصيكم بخواتم سورة النحل . عن رسول الله A : " من قرأ سورة النحل لم يحاسبه الله بما أنعم عليه في دار الدنيا وإن مات في يوم تلاها أو ليلته كان له من الأجر كالذي مات وأحسن الوصية " .
سورة الإسراء .
مكية وآياتها 111 .
بسم الله الرحمن الرحيم .
سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع العليم " .
" سبحان " علم للتسبيح كعثمان للرجل وانتصابه بفعل مضمر متروك إظهاره تقديره : أسبح الله سبحان ثم نزل سبحان منزلة الفعل فسد مسده ودل على التنزيه البليغ من جميع القبائح التي يضيفها إليه أعداء الله . و " أسرى " وسرى لغتان . و " ليلا " نصب على الظرف فإن قلت : الإسراء لا يكون إلا بالليل فما معنى ذكر الليل ؟ قلت : أراد بقوله " ليلا " بلفظ التنكير : تقليل مدة الإسراء وأنه أسرى به في بعض الليل من مكة إلى الشأم مسيرة أربعين ليلة وذلك . أن التنكير فيه قد دل على معنى البعضية . ويشهد لذلك قراءة عبد الله وحذيفة : من الليل أي بعض الليل كقوله " ومن الليل فتهجد به نافلة " الإسراء : 79 ، يعني الأمر بالقيام في بعض الليل . واختلف في المكان الذي أسرى منه فقيل : هو المسجد الحرام بعينه وهو الظاهر . وروي عن النبي A : " بينما أنا في المسجد الحرام في الحجر عند البيت بين النائم واليقظان إذ أتاني جبريل عليه السلام بالبراق " وقيل : أسري به من دار أم هانئ بنت أبي طالب والمراد بالمسجد الحرام : الحرم لإحاطته بالمسجد والتباسه به . وعن ابن عباس : الحرم كله مسجد وروي :