إنا بني نهشل لا ندعي لأب .
أي لا ننتسب إليه .
" وما ينبغى للرحمن أن يتخذ ولدا " .
انبغى : مطاوع " بغى " إذا طلب أي : ما يتأتى له اتخاذ الولد وما يتطلب لو طلب مثلا لأنه محال غير داخل تحت الصحة . أما الولادة المعروفة فلا مقال في استحالتها . أما التبني فلا يكون إلا فيما هو من جنس المتبنى وليس للقديم سبحانه جنس تعال عما يقول الظالمون علوا كبيرا .
" إن كل من في السموات و الأرض إلا ءاتي الرحمن عبدا لقد أحصهم وعدهم عدا وكلهم ءاتيه يوم القيامة فردا " .
" من " موصفة لأنها وقعت بعد كل نكرة وقوعها بعد رب فى قوله : .
رب من أنضجت غيظا صدره .
وقراء بن مسعود وأبو حيوة " آت الرحمن " على أصله قبل الإضافة . الإحصاء الحصر والضبط يعني : حصرهم بعلمه وأحاط بهم " وعدهم عدا " الذين اعتقدوا في الملائكة - وعيسى وعزير أنهم أولاد الله كانوا بين كفرين أحدهما : القول بأن الرحمن يصح أن يكون والدا . والثانى : شراك الذين زعموهم لله أولادا في عبادته كما يخدم الناس أبناء الملوك خدمتهم لآبائهم فهدم الله الكفر الأول فيما تقدم من الآيات ؛ ثم عقبه بهدم الكفر الآخر . والمعنى : ما من معبود لهم في السموات والأرض من الملائكة ومن الناس إلا وهو يأتي الرحمن أي : يأوي إليه ويلتجيء إلى ربوبيته عبدا منقادا مطيعا خاشعا خاشيا راجيا كما يفعل العبيد وكما يجب عليهم لا يدعي لنفسه ما يدعيه له هؤلاء الضلال . ونحوه قوله تعالى : " أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه " الإسراء : 57 ، وكلهم متقلبون في ملكوته مقهورون بقهره وهو مهيمن عليهم محيط بهم ويجمل أمورهم وتفاصيلها وكيفيتهم وكميتهم ؛ لا بفوته شيء من أحوالهم وكل واحد منهم يأتيه يوم القيامة منفردا ليس معه من هؤلاء المشركين أحد وهم برآء منهم .
" إن الذين ءامنو وعملوا الصلحات سيجعل لهم الرحمن ودا " قرأ جناح بن حبيش " ودا " بالكسر والمعنى : سيحدث لهم في القلوب مودة ويزرعها لهم فيها من غير تودد منهم ولا تعرض للأسباب التي توجب الود ويكتسب بها الناس مودات القلوب من قرابة أو صداقة أو اصطناع بمبرة أو غير ذلك وإنما هو اختراع منه ابتداء اختصاصا منه لأوليائه بكرامة خاصة كما قذف في قلوب أعدائهم الرعب والهيبة إعظاما لهم وإجلالا لمكانهم . والسين إما لأن السورة مكية وكان المؤمنون حينئذ ممقوتين بين الكفرة فوعدهم الله تعالى ذلك إذا دجا الإسلام . وإما أن يكون ذلك يوم القيامة يحببهم الله إلى خلقه بما يعرض من حسناتهم وينشر من ديوان أعمالهم . وروي أن النبي A قال لعلي Bه : " يا علي قل : اللهم اجعل لي عندك عهدا واجعل لي في صدور المؤمنين مودة " فأنزل الله هذه الآية . وعن ابن عباس رضي الله عنهما : يعني يحبهم الله ويحببهم إلى خلقه . وعن رسول الله A : " يقول الله D : يا جبريل قد أحببت فلانا فأحبه فيحبه جبريل ثم ينادي في أهل السماء إن الله قد أحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يضع له المحبة في أهل الأرض " وعن قتادة : ما أقبل العبد إلى الله إلا أقبل الله بقلوب العباد إليه .
" فإنما يسرنه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا وكم أهلكنا قبلهم من قرن هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا " .
هذه خاتمة السورة ومقطعها فكأنه قال : بلغ هذا المنزل أو بشر به وأنذر فإنما أنزلناه بلسانك أي بلغتك وهو اللسان العربي المبين وسهلناه وفصلناه " لتبشر به " وتنذر . واللد : الشداد الخصومة بالباطل الاخذون في كل لديدة ؛ أي في كل شق من المراء والجدال لفرط لجاجهم يريد أهل مكة .
وقوله : " وكم أهلكنا " تخويف لهم وإنذار . وقرىء " تحس " من حسه إذا شعر به . ومنه الحواس والمحسوسات . وقرأ حنظلة " تسمع " مضارع أسمعت . والركز : الصوت الخفي . ومنه : ركز الرمح إذا غيب طرفه في الأرض . والركاز : المال المدفون .
عن رسول الله A :