" رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر " " فى الله " أي في ذات الله ومن أجله . يقال : هو حق عالم وجد عالم أي : عالم حقا وجدا . ومنه " حق جهاده " . فإن قلت : ما وجه هذه الإضافة وكان القياس : حق الجهاد فيه أو حق جهادكم فيه كما قال : " وجهدوا فى الله " ؟ قلت : الأضافة تكون بأدنى ملابسة واختصاص فلما كان الجهاد مختصا بالله من حيث أنه مفعول لوجهه ومن أجله صحت إضافته إليه . ويجوز أن يتسع في الظرف كقوله : .
ويوما شهدناه سليما عامرا .
" اجتبكم " اختاركم لدينه ولنصرته " وما جعل عليكم فى الدين من حرج " فتح باب التوبة للمجرمين وفسح بأنواع الرخص والكفارات والديات والأروش . ونحوه قول تعالى : " يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر " البقرة : 185 ، وأمة محمد A هي الأمة المرحومة الموسومة بذلك في الكتب المتقدمة .
نصب الملة بمضمون ما تقدمها كأنه قيل : وسع دينكم توسعة ملة أبيكم ثم حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه . أو على الاختصاص أي : أعني بالدين ملة أبيكم كقولك : الحمد الله الحميد . فإن قلت : لم يكن " إبرهيم " أبا للأمة كلها . قلت : هو أبو رسول الله صلىالله عليه وسلم فكان أبا لأمته لأن أمة الرسول في حكم أولاده " هو " يرجع إلى الله تعالى . وقيل : إلى إبراهيم . ويشهد للقول الأول قراءة أبي بن كعب : " الله سماكم " " من قبل وفى هذا " أي من قبل القرآن في سائر الكتب وفي القرآن أي : فضلكم على الأمم وسماكم بهذا الاسم الأكرم " ليكون الرسول شهيدا عليكم " أنه قد بلغكم " وتكونوا شهداء على الناس " بأن الرسل قد بلغتهم وإذ خصكم بهذه الكرامة والأثرة . فاعبدوه وثقوا به ولا تطلبوا النصرة والولاية إلا منه فهو خير مولى وناصر .
عن رسول الله A : " من قرأ سورة الحج أعطي من الأجر كحجة حجها وعمرة اعتمرها بعدد من حج واعتمر فيما مضى وفيما بقي " .
سورة المؤمنون .
مكية وهي مائة وتسع عشرة آية .
وثماني عشرة عند الكوفيين .
بسم الله الرحمن الرحيم .
" قد أفلح المؤمنون الذين هم فى صلاتهم خشعون " .
" قد " نقيضه " لما " هي تثبت المتوقع و " لما " تنفيه ولا شك أن المؤمنين كانوا متوقعين لمثل هذه البشارة وهي الإخبار بثبات الفلاح لهم فخوطبوا بما دل على ثبات ما توقعوه . والفلاح : الظفر بالمراد وقيل : البقاء في الخير . و " أفلح " دخل في الفلاح كأبشر : دخل في البشارة . ويقال : أفلحه : أصاره إلى الفلاح . وعليه قراءة طلحة بن مصرف : أفلح على البناء للمفعول . وعنه : " أفلحوا " على : أكلوني البراغيث . أو على الإبهام والتفسير . وعنه : " أفلح " بضمة بغير واو اجتزاء بها عنها كقوله : .
فلؤ أن الأطبا كان حولي .
فإن قلت : ما المؤمن ؟ قلت : هو في اللغة المصدق . وأما في الشريعة فقد اختلف فيهعلىقولين أحدهما : أن كل من نطق بالشهادتين مواطئا قلبه لسانه فهو مؤمن . والآخر أنه صفة مدح لا يستحقها إلا البر التقي دون الفاسق الشقي .
" خشعون " الخشوع في الصلاة : خشية القلب وإلباد البصر - عن قتادة : وهو إلزامه موضع السجود . وعن النبي A : أنه كان يصلي رافعا بصره إلى السماء فلما نزلت هذه الآية رمى ببصره نحو مسجده وكان الرجل من العلماء إذا قام إلى الصلاة هاب الرحمن أن يشد بصره إلى شيء أو يحدث نفسه بشأن من شأن الدنيا . وقيل : هو جمع الهمة لها والإعراض عما سواها . ومن الخشوع : أن يستعمل الآداب فيتوقى كف الثوب والعبث بجسده وثيابه والالتفات والتمطي والتثاؤب والتغميض وتغطية الفم والسدل والفرقعة والتشبيك والاختصار وتقليب الحصا . روي عن النبي A : أنه أبصر رجلا يعبث بلحيته في الصلاة فقال : " لو خشع قلب هذا خشعت جوارحه " ونظر الحسن إلى رجل يعبث بالحصا وهو يقول : اللهم زوجني الحور العين فقال : بئس الخاطب أنت تخطب وأنت تعبث . فإن قلت : لم أضيفت الصلاة إليهم ؟ قلت : لأن الصلاة دائرة بين المصلي والمصلى له فالمصلي هو المنتفع بها وحده وهي عدته وذخيرته فهي صلاته : وأما المصلى له فغني متعال عن الحاجة إليها والانتفاع بها .
" والذين هم عنها مغرضون " .
اللغو : ما لا يعنيك من قول أو فعل كاللعب والهزل وما توجب المروءة إلغاءه وإطراحه يعني أن بهم من الجد ما يشغلهم عن الهزل