السخري - بالضم والكسر - : مصدر سخر كالسخر إلا أن في ياء النسب زيادة قوة في الفعل كما قيل الخصوصية في الخصوص . وعن الكسائي والفراء : أن المكسور من الهز والمضموم من السخرة والعبودية أي : تسخروهم واستعبدوهم والأول مذهب الخليل وسيبويه . قيل : هم الصحابة وقيل : أهل الصفة خاصة . ومعناه : اتخذتموهم هزؤا وتشاغلتهم بهم ساخرين " حتى أنسؤكم " بتشاغلكم بهم على تلك الصفة " ذكرى " فتركتموه أي : تركتم أن تذكروني فتخافوني في أوليائي . وقرئ : " أنهم " بالفتح والكسر استئناف أي : قد فازوا حيث صبروا فجزوا بصبرهم أحسن الجزاء . وبالفتح على أنه مفعول جزيتهم كقولك جزيتهم فوزهم .
" قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين " " قال " في مصاحف أهل الكوفة . وقل : في مصاحف أهل الحرمين والبصرة والشام ؛ ففي قال ضمير الله أو المأمور بسؤالهم من الملائكة وفي " قل " ضمير الملك أو بعض رؤساء أهل النار .
" قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فسئل العادين قال إن لبثتم إلا قليلا لو أنكم كنتم تعلمون " استقروا مدة لبثهم في الدنيا بالإضافة إلى خلودهم ولما هم فيه من عذابها لأن الممتحن يستطيل أيام محنته ويستقصر ما مر عليه من أيام الدعة إليها . أو لأنهم كانوا في سرور وأيام السرور قصار أو لأن المنقضي في حكم ما لم يكن وصدقهم الله في تقالهم لسني لبثهم في الدنيا ووبخهم على غفلتهم التي كانوا عليها . وقرئ : ( فسل العادين ) والمعنى : لا نعرف من عدد تلك السنين إلا أنا نستقله ونحسبه يوما أو بعض يوم ؛ لما نحن فيه من العذاب وما فينا أن نعدها كم هي فسل من فيه أن يعد ومن يقدر أن يلقي إليه فكره . وقيل : فسل الملائكة الذين يعدون أعمار العباد ويحصون أعمالهم . وقرئ : ( العادين ) بالتخفيف أي : الظلمة فإنهم يقولون كما نقول . وقرئ : ( العاديين ) أي : القدماء المعمرين فإنهم يستقرونها فكيف بمن دونهم ؟ وعن ابن عباس : أنساهم ما كانوا فيه من العذاب بين النفختين .
" أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون فتعالى الله الملك الحق لا إلاه إلا هو رب العرش الكريم ومن يدع مع الله إلاها ساخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون وقل رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين " " عبثا " حال أي : عابثين كقوله : " لاعبين " أو مفعول له أي : ما خلقناكم للعبث ولم يدعنا إلى خلقكم إلى حكمة اقتضت ذلك وهي : أن نتعبكم ونكلفكم المشاق من الطابعات وترك المعاصي ثم نرجعكم من دار التكليف إلى دار الجزاء فنثيب المحسن ونعاقب المسيء " وأنكم إلينا لا ترجعون " معطوف على " أنتا خلقناكم " ويجوز أن يكون معطوفا على " عبثا " أي : للعبث ولترككم غير مجوعين . وقرئ : ( ترجعون ) بفتح التاء " الحق " الذي يحق له الملك ؛ لأن كل شيء منه وإليه . أو الثابت الذي لا يزول ولا يزول ملكه . وصف العرش بالكرم لأن الرحمة تنزل منه والخير والبركة . أو لنسبته إلى أكرم الأكرم ين كما يقال : بيت كريم إذا كان ساكنوه كراما . وقرئ : الكريم بالرفع . ونحوه : " ذو العرش المجيد " البروج : 15 . " لا برهان له به " كقوله : " ما لم ينزل به سلطانا " آل عمران : 115 وهي صفة لازمة نحو قوله : " يطير بجناحيه " الأنعام : 38 جيء بها للتوكيد لا أن يكون في الآلهة ما يجوز أن يقوم عليه برهان . ويجوز أن يكون اعتراضا بن الشرط والجزاء ؛ كقولك : من أحسن إلى زيد لا أحق بالإحسان منه فالله مثيبه . وقرئ : أنه لا يفلح بفتح الهمزة . ومعناه : حسابه عدم الفلاح والأصل : حسابه أنه لا يفلح هو فوضع الكافرون موضع الضمير لأن " من يدع " في معنى الجمع وكذلك ( حسابه . . أنه لا يفلح ) في معنى : ( حسابهم أنهم لا يفلحون ) .
جعل فاتحة السورة " قد أفلح المؤمنون " وأورد في خاتماها : " إنه لا يفلح الكافرون " فشتان ما بين الفاتحة والخاتمة .
عن رسول الله A : ( من قرأ سورة المؤمنون بشرته الملائكة بالروح والريحان وما تقر به عينه عند نزول ملك الموت ) .
وروي : أن أول سورة قد أفلح وآخرها من كنوز العرش من عمل بثلاث آيات من أولها واتعظ بأربع آيات من آخرها : فقد نجا وأفلح .
وعن عمر بن الخطاب Bه :