( إقامة حد بأرض خير لأهلها من مطر أربعين ليلة ) . وعلى الإمام أن ينصب للحدود رجلا عالما بصيرا يعقل كيف يضرب . والرجل يجلد قائما على مجرده ليس عليه إلا إزاره ؛ ضربا وسطا لا مبرحا ولا هينا مفرقا على الأعضاء كلها لا يستثنى منها إلا ثلاثا : الوجه والرأس والفرج وفي لفظ الجلد : إشارة إلى أنه ينبغي أن يتجاوز الألم إلى اللحم . والمرأة تجلد قاعدة ولا ينزع من ثيابها إلا الحشو والفرو وبهذه الآية استشهد أبو حنيفة على أن الجلد حد غير المحصن بلا تغريب . وما احتج به الشافعي على وجوب التغريب من قوله A : ( البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام ) وما يروى عن الصحابة : أنهم جلدوا ونفوا ؛ منسوخ عنده وعند أصحابه بالآية أو محمول على وجه التعزير والتأديب من غير وجوب . وقول الشافعي في تغريب الحر واحد وله في العبد ثلاثة أقاويل : يغرب سنة كالحر ويغرب نصف سنة كما يجلد خمسين جلدة ولا يغرب كما قال أبو حنيفة . وبهذه الآية نسخ الحبس والأذى في قوله تعالى : " فأمسكوهن في البيوت " النساء : 15 ، وقوله تعالى : " فآذوهما " . قيل : تسميته عذابا دليل على أنه عقوبة . ويجوز أن يسمى عذابا لأنه يمنع من المعاودة كما سمي نكالا .
الطائفة : الفرقة التي يمكن أن تكون حلقة وأقلها ثلاثة أو أربعة ؛ وهي صفة غالبة كأنها الجماعة الحافة حول الشيء . وعن ابن عباس في تفسيرها : أربعة إلى أربعين رجلا من المصدقين بالله . وعن الحسن : عشرة . وعن قتادة : ثلاثة فصاعدا . وعن عكرمة : رجلان فصاعدا . وعن مجاهد : الواحد فما فوقه . وفضل قول ابن عباس لأن الأربعة هي الجماعة التي يثبت بها هذا الحد والصحيح أن هذه الكبيرة من أمهات الكبائر ولهذا قرنها الله بالشرك وقتل النفس في قوله : " ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما " الفرقان : 68 ، وقال : " ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا " الإسراء : 32 وعن النبي A : ( يا معشر الناس اتقوا الزنى فإن فيه ست خصال : ثلاث في الدنيا وثلاث في الآخرة . فأما اللاتي في في الدنيا : فيذهب البهاء : ويورث الفقر وينقص العمر وأما اللاتي في الآخرة : فيوجب السخطة وسوء الحساب والخلود في النار ) 9 ولذلك وفى الله فيه عقد المائة بكماله بخلاف حد القذف وشرب الخمر . وشرع فيه القتلة الهولة وهي الرجم ونهى المؤمنين عن الرأفة على المجلود فيه . وأمر بشهادة الطائفة للتشهير فوجب أن تكون طائفة يحصل بها التشهير والواحد والثنان ليسوا بتلك المثابة واختصاصه المؤمنين لأن ذلك أفضح والفاسق بين صلحاء قومه أخجل . ويشهد له قول ابن عباس Bهما : إلى أربعين رجلا من المصدقين بالله .
" الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين " الفاسق الخبيث الذي من شأنه الزنى والتقحب لا يرغب في نكاح الصوالح من النساء اللاتي على خلاف صفته وإنما يرغب في فاسقة خبيثة من شكله أو في مشركة والفاسقة الخبيثة المسافحة كذلك لا يرغب في نكاحها الصلحاء من الرجال وينفرون عنها وإنما يرغب فيها من هو من شكلها من الفسقة أو المشركين . ونكاح المؤمن الممدوح عند الله الزانية ورغبته فيها وانخراطه بذلك في سلك الفسقة المتسمين بالزنى : محرم عليه محظور ؛ لما فيه من التشبه بالفساق وحضور موقع التهمة والتسبب لسوء القالة فيه والغيبة وأنواع المفاسد . ومجالسه الخطائين كم فيها من التعرض لاقتراف الآثام فكيف بمزاوجه الزواني والقحاب ؛ وقد نبه على ذلك بقوله : " وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم " النور : 32 وقيل : كان بالمدينة موسرات من بغايا المشركين فرغب فقراء المهاجرين في نكاحهن فاستأذنوا رسول الله A فنزلت . وعن عائشة Bها أن الرجل إذا زنى بامرأة ليس له أن يتزوجها لهذه الآية وإذا باشرها كان زانيا . وقد أجازه ابن عباس Bهما وشبهه بمن سرق ثمر شجرة ثم اشتراه