الحديث الثاني والأربعون .
[ عن أنس Bه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : قال الله تعالى يابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت للك على ما كان منك ولا أبالي يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة ] رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح .
في هذا الحديث بشارة عظيمة وحلم وكرم عظيم وما لا يحصى من أنواع الفضل والإحسان والرأفة والرحمة والإمتنان ومثل هذا قوله A [ لله أفرح بتوبة عبده من أحد كم بضالته لو وجدها ] وعن أبي أيوب Bه لما حضرته الوفاة قال : كنت قد كتمت عنكم شيئا سمعته من رسول الله A سمعته يقول [ لو لا أنكم تذنبون لخلق الله خلقا يذنبون فيغفر لهم ] وقد جاءت أحاديث كثيرة موافقة لهذا الحديث وقوله [ يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني ] هذا موافق لقوله [ أنا عند ظن عبدى بي فليظن بي ما شاء ] وقد جاء أن العبد إذا أذنب ثم ندم فقال : أي ربي أذنبت ذنبا فاغفر لي ولا يغفر الذنوب إلا أنت قال : فيقول الله تعالى : علم عبدى أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به أشهدكم أني قد غفرت له ثم يفعل ذلك ثانية وثالثة فيقول الله D في كل مرة مثل ذلك ثم يقول : [ اعمل ما شئت فقد غفرت لك ] يعني لما أذنبت واستغفرت .
واعلم أن للتوبة ثلاثة شروط : الإقلاع عن المعصية والندم على ما فات والعزم على أن لا يعود وإن كانت حق آدمي فليبادر بأداء الحق إليه والتحلل منه وإن كانت بينه وبين الله تعالى وفيها كفارة فلا بد من فعل الكفارة وهذا شرط رابع فلو فعل الإنسان مثل هذا في اليوم مرارا وتاب التوبة بشروطها فإن الله يغفر له .
قوله [ على ما كان منك ] أي من تكرار معصيتك [ ولا أبالي ] أي ولا أبالي بذنوبك قوله [ يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ] أي لو كانت أشخاصا تملأ ما بين السماء والأرض وهذا نهاية الكثرة ولكن كرمه وحلمه سبحانه وعفوه أكثر وأعظم وليس بينهما مناسبة ولا التفضيل له هنا مدخل فتتلاشى ذنوب العالم عند حلمه وعفوه قوله [ يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة ] أي أتيتني بما يقارب مثل الأرض قوله [ ثم لقيتني ] أي مت علي الإيمان لا تشرك بي شيئا ولا راحة للمؤمن دون لقاء ربه وقد قال الله تعالى { إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } وقد قال A [ ما أصر من استغفر وإن عاد في اليوم سبعين مرة ] وقال أبو هريرة Bه : قال رسول الله A [ حسن الظن بالله من حسن عبادة الله ]