فضل القرآن على سائر الكلام .
حدثنا هدبة بن خالد أبو خالد ثنا همام ( ثنا قتادة ) ثنا أنس بن مالك عن أبى موسى رضى الله عنهما عن النبى A قال : [ مثل الذى يقرأ القرآن كمثل الأترجة طعمها طيب وريحها طيب والذى لايقرأ القرآن كالتمرة طعمها طيب ولا ريح لها ومثل الفاجر الذى يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر ومثل الفاجر الذى لايقرأ القرآن كمثل الحنظلة طعمها مرولاريح لها ] .
وهكذا رواه فى مواضع أخر مع بقية الجماعة من طرق عن قتادة به ووجه مناسبة الباب لهذا الحديث أن طيب الرائحة دار مع القرآن وجودا وعدما فدل على شرفه على ما سواه من الكلام الصادر من البر والفاجر ثم قال : ثنا مسدد ثنا يحيى عن سفيان حدثنى عبدالله بن دينار قال : سمعت ابن عمر رضى الله عنهما عن النبى A قال : [ انما أجلكم فى أجل من خلا من الأمم كما بين صلاة العصر ومغرب الشمس ومثلكم ومثل اليهود والنصارى كمثل رجل استعمل عمالا فقال : من يعمل لى إلى نصف النهار على قيراط ؟ فعملت اليهود فقال : من يعمل لى من نصف النهار إلى العصر ؟ فعملت النصارى ثم أنتم تعملون من العصر إلى المغرب بقيراطين قيراطين قالوا : نحن أكثر عملا وأقل عطاء قال : هل ظلمتكم من حقكم شيئا ؟ قالوا : لا قال : فذاك فضلى أوتيته من شئت ] .
تفرد به من هذا الوجه ومناسبته للترجمة أن هذه الأمة مع قصر مدتها فضلت الأمم الماضية مع طول مدتها كما قال تعالى : { كنتم خير أمة أخرجت للناس } .
وفى المسند والسنن عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله A : .
[ أنتم توفون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله ] وإنما فازوا بهذا ببركة الكتاب العظيم القرآن الذى شرفه الله على كل كتاب أنزله وجعله مهيمنا عليه وناسخا له وخاتما له لأن كل الكتب المتقدمة نزلت إلى الأرض جملة واحدة وهذا القرآن نزل بحسب الوقائع لشدة الاعتناء به وبمن أنزل عليه فكل مرة كنزول كتاب من الكتب المتقدمة وأعظم الأمم المتقدمة هم اليهود والنصارى فاليهود استعملهم الله من لدن موسى إلى زمان عيسى والنصارى من ثم إلى أن بعث محمدا A ثم استعمل أمته إلى قيام الساعة وهو المشبه بآخر النهار وأعطى المتقدمين قيراطا قيراطا وأعطى هؤلاء قيراطين ضعفى ما أعطى أولئك فقالوا أى ربنا ما لنا أكثر عملا وأقل أجرا ؟ فقال : هل ظلمتكم من أجركم شيئا ؟ قالوا : لا قال : فذاك فضلى - أى الزائد على ما أعطيتكم أوتيه من اشاء كما قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم والله غفور رحيم * لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون على شيء من فضل الله وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم }