والتفصيل : التبيين . والمراد ب ( كل شيء ) الأشياء الكثيرة مما يرجع إلى الاعتبار بالقصص .
A E وإطلاق الكل على الكثرة مضى عند قوله تعالى ( وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها ) في سورة الأنعام .
والهدى الذي في القصص : العبر الباعثة على الإيمان والتقوى بمشاهدة ما جاء من الأدلة في أثناء القصص على أن المتصرف هو الله تعالى وعلى أن التقوى هي أساس الخير في الدنيا والآخرة وكذلك الرحمة فإن في قصص أهل الفضل دلالة على رحمة الله لهم وعنايته بهم وذلك رحمة للمؤمنين لأنهم باعتبارهم بها يأتون ويذرون فتصلح أحوالهم ويكونون في اطمئنان بال وذلك رحمة من الله بهم في حياتهم وسبب لرحمته إياهم في الآخرة كما قال تعالى ( من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ) .
بسم الله الرحمن الرحيم .
سورة الرعد .
هكذا سميت من عهد السلف . وذلك يدل على أنها مسماة بذلك من عهد النبي A إذ لم يختلفوا في اسمها .
وإنما سميت بإضافتها إلى الرعد لورود ذكر الرعد فيها بقوله تعالى ( ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ويرسل الصواعق ) . فسميت بالرعد لأن الرعد لم يذكر في سورة مثل هذه السورة فإن هذه السورة مكية كلها أو معظمها . وإنما ذكر الرعد في سورة البقرة وهي نزلت بالمدينة وإذا كانت آيات ( هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا ) إلى قوله ( وهو شديد المحال ) مما نزل بالمدينة كما سيأتي تعين أن ذلك نزل قبل نزول سورة البقرة .
وهذه السورة مكية في قول مجاهد وروايته عن ابن عباس ورواية علي بن أبي طلحة وسعيد بن جبير عنه وهو قول قتادة . وعن أبي بشر قال : سألت سعيد ابن جبير عن قوله تعالى ( ومن عنده علم الكتاب ) " أي في آخر سورة الرعد " أهو عبد الله بن سلام ؟ فقال : كيف وهذه سورة مكية وعن ابن جريج وقتادة في رواية عنه وعن ابن عباس أيضا : أنها مدنية وهو عن عكرمة والحسن البصري وعن عطاء عن ابن عباس . وجمع السيوطي وغيره بين الروايات بأنها مكية إلا آيات منها نزلت بالمدينة يعني قوله ( هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا ) إلى قوله ( شديد المحال ) وقوله ( قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب ) . قال ابن عطيه : والظاهر أن المدني فيها كثير وكل ما نزل في شأن عامر بن الطفيل وأربد بن ربيعة فهو مدني .
وأقول أشبه آياتها بأن يكون مدنيا قوله ( أو لم يروا إنا نأتي الأرض تنقصها من أطرافها ) كما ستعلمه وقوله تعالى ( كذلك أرسلناك في أمة ) إلى ( وإليه متاب ) فقد قال مقاتل وابن جريج : نزلت في صلح الحديبية كما سيأتي عند تفسيرها .
ومعانيها جارية على أسلوب معاني القرآن المكي من الاستدلال على الوحدانية وتفريع المشركين وتهديدهم . والأسباب التي أثارت القول بأنها مدنية أخبار واهية وسنذكرها في مواضعها من هذا التفسير ولا مانع من أن تكون مكية . ومن آياتها نزلت بالمدينة وألحقت بها فإن ذلك في بعض سور القرآن فالذين قالوا : هي مكية لم يذكروا موقعها من ترتيب المكيات سوى أنهم ذكروها بعد سورة يوسف وذكروا بعدها سورة إبراهيم .
والذين جعلوها مدنية عدوها في النزول بعد سورة القتال وقبل سورة الرحمان وعدوها سابعة وتسعين في عداد النزول . وإذ قد كانت سورة القتال نزلت عام الحديبية أو عام الفتح تكون سورة الرعد بعدها .
وعدت آياتها ثلاثا وأربعين من الكوفيين وأربعا وأربعين في عدد المدنيين وخمسا وأربعين عند الشام .
مقاصدها .
أقيمت هذه السورة على أساس إثبات صدق الرسول A فيما أوحي إليه من إفراد الله بالإلهية والبعث وإبطال أقوال المكذبين فلذلك تكررت حكاية أقوالهم خمس مرات موزعة على السورة بدءا ونهاية .
ومهد لذلك بالتنويه بالقرآن وأنه منزل من الله والاستدلال على تفرده تعالى بالإلهية بدلائل خلق العالمين ونظامهما الدال على انفراده بتمام العلم والقدرة وإدماج الامتنان لما في ذلك من النعم على الناس .
ثم انتقل إلى أقوال أهل الشرك ومزاعمهم في إنكار البعث .
وتهديدهم أن يحل بهم ما حل بأمثالهم .
والتذكير بنعم الله على الناس .
وإثبات أن الله هو المستحق للعبادة دون آلهتهم .
وأن الله العالم بالخفايا وأن الأصنام لا تعلم شيئا ولا تنعم بنعمة