روى القرطبي في تفسيره بسنده إلى يحيى بين يحيى التميمي النيسابوري إلى أبي سعيد الخدري قال : سمعت رسول الله A غير مرة ولا مرتين يقول آخر صلاته أو حين ينصرف ( سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين ) .
ومن المروي عن علي بن أبي طالب " من أراد أن يكتال بالمكيال الأوفى من الأجر يوم القيامة فليقل آخر مجلسه حين يريد أن يقوم ( سبحان ربك رب العزة عما يصفون ) إلى آخر السورة وفي بعض أسانيده أنه رفعه إلى رسول الله A ولم يصح .
بسم الله الرحمن الرحيم .
سورة ص .
سميت في المصاحف وكتب التفسير وكتب السنة والآثار عن السلف ( سورة صاد ) كما ينطق باسم حرف الصاد تسمية لها بأول كلمة منها هي صاد ( بصاد فألف فدال ساكنة سكون وقوف ) شأن حروف التهجي عند التهجي بها أن تكون موقوفة أي ساكنة الأعجاز . وأما قول المعري يذكر سليمان عليه السلام : .
وهو من سخرت له الإنس والج ... ن بما صح من شهادة صاد فإنما هي كسرة القافية الساكنة تغير إلى الكسرة ( لأن الكسر أصل في التخلص من السكون ) كقول امرئ القيس : .
" عقرت بعيري يا امرأ القيس فانزل وفي الإتقان عن كتاب جمال القراء للسخاوي : أن سورة ص تسمى أيضا سورة داود ولم يذكر سنده في ذلك .
وكتب اسمها في المصاحف بصورة حرف صاد مثل سائر الحروف المقطعة في أوائل السور اتباعا لما كتب في الصحف . وهي مكية في قول الجميع وذك في الإتقان أن الجعبري حكى قولا بأنها مدنية قال السيوطي : وهو خلاف حكاية جماعة الإجماع على أنها مكية . وعن الداني في كتاب العدد بأنها مدنية وقال : إنه ليس بصحيح .
وهي السورة الثامنة والثلاثون في عداد نزول السورة نزلت بعد سورة ( اقتربت الساعة ) وقبل سورة الأعراف .
وعدت آيها ستا وثمانين عند أهل الحجاز والشام والبصرة وعدها أيوب بن المتوكل البصري خمسا وثمانين . وعدت عند أهل الكوفة ثمانا وثمانين . روى الترمذي عن ابن عباس قال : مرض أبو طالب فجاءته قريش وجاءه النبي A وعند أبي طالب مجلس رجل فقام أبو جهل يمنع النبي A من أن يجلس وشكوه إلى أبي طالب فقال : يا بن أخي ما تريد من قومك ؟ قال : إني أريد منهم كلمة واحدة تدين لهم بها العرب وتؤدي إليهم العجم الجزية . قال : كلمة واحدة ! . قال : يا عم يقولوا لا إله إلا الله فقالوا : أإلها واحدا ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاف قال فنزل فيهم القرآن ( ص والقرءان ذي الذكر ) إلى قوله ( ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق ) قال : حديث حسن . فهذا نص في أن نزولها في آخر حياة أبي طالب وهذا المرض مرض موته كما في أبن عطية فتكون هذه الصورة قد نزلت في سنة ثلاث قبل الهجرة .
إغراضها .
أصلها ما علمت من حديث الترمذي في سبب نزولها . وما اتصل به من توبيخ المشركين على تكذيبهم الرسول A وتكبرهم عن قبول ما أرسل به وتهديدهم بمثل ما حل بالأمم المكذبة قبلهم وأنهم إنما كذبوه لأنه جاء بتوحيد الله تعالى ولأنه اختص بالرسالة من دونه وتسلية الرسول A عن تكذيبهم وأن يقتدي بالرسل من قبله داود وأيوب وغيرهم وما جوزوا عن صبرهم واستطراد الثناء على داود وسليمان وأيوب وأتبع ذكر أنبياء آخرين لمناسبة سنذكرها .
وإثبات البعث لحكمة جزاء العاملين بأعمالهم من خير وشر .
وجزاء المؤمنين المتقين وضده من جزاء الطاغين والذين أضلوهم وقبحوا لهم الإسلام والمسلمين .
ووصف أحوالهم يوم القيامة .
وذكر أول غواية حصلت وأصل كل ضلالة وهي غواية الشيطان في قصة السجود لآدم . وقد جاءت فاتحتها مناسبة لجميع أغراضها إذ ابتدئت بالقسم بالقرآن الذي كذب به المشركون وجاء المقسم عليه أن الذين كفروا في عزة وشقاق وكل ما ذكر فيها من أحوال المكذبين سببه اعتزازهم وشقاقهم ومن أحوال المؤمنين سببه ضد ذلك مع ما في الافتتاح بالقسم من التشويق إلى ما بعده فكانت فاتحتها مستكملة خصائص حسن الابتداء .
( ص )