سورة الذاريات .
A E تسمى هذه السورة ( والذاريات ) بإثبات الواو تسمية لها بحكاية الكلمتين الواقعتين في أولها . وبهذا عنونها البخاري في كتاب التفسير من صحيحه وابن عطية في تفسيره والكواشي في تلخيص التفسير والقرطبي .
وتسمى أيضا ( سورة الذاريات ) بدون الواو اقتصارا على الكلمة التي لم تقع في غيرها من سور القرآن . وكذلك عنونها الترمذي في جامعه وجمهور المفسرين .
وكذلك هي في المصاحف التي وقفنا عليها من مشرقية ومغربية قديمة .
ووجه التسمية أن هذه الكلمة لم تقع بهذه الصيغة في غيرها من سور القرآن .
وهي مكية بالاتفاق .
وقد عدت السورة السادسة والستين في ترتيب نزول السور عند جابر بن زيد . نزلت بعد سورة الأحقاف وقبل سورة الغاشية .
واتفق أهل عد الآيات على أن آيها ستون آية .
؟ أغراض هذه السورة .
احتوت على تحقيق وقوع البعث والجزاء .
وإبطال مزاعم المكذبين به وبرسالة محمد صلى الله عليه وسلم ورميهم بأنهم يقولون بغير تثبت .
ووعيدهم بعذاب يفتنهم .
ووعد المؤمنين بنعيم الخلد وذكر ما استحقوا به تلك الدرجة من الإيمان والإحسان .
ثم الاستدلال على وحدانية الله والاستدلال على إمكان البعث وعلى أنه واقع لا محالة بما في بعض المخلوقات التي يشاهدونها ويحسون بها دالة على سعة قدرة الله تعالى وحكمته على ما هو أعظم من إعادة خلق الإنسان بعد فنائه وعلى أنه لم يخلق إلا لجزائه .
والتعريض بالإنذار بما حاق بالأمم التي كذبت رسل الله وبيان الشبه التام بينهم وبين أولئك .
وتلقين هؤلاء المكذبين الرجوع إلى الله وتصديق النبي صلى الله عليه وسلم ونبذ الشرك . ومعذرة الرسول صلى الله عليه وسلم من تبعة إعراضهم والتسجيل عليهم بكفران نعمة الخلق والرزق .
ووعيدهم على ذلك بمثل ما حل بأمثالهم .
( والذاريات ذروا [ 1 ] فالحاملات وقرا [ 2 ] فالجاريات يسرا [ 3 ] فالمقسمات أمرا [ 4 ] إنما توعدون لصادق [ 5 ] وإن الدين لواقع [ 6 ] ) القسم المفتتح به مراد منه تحقيق المقسم عليه وتأكيد وقوعه وقد أقسم الله بعظيم من مخلوقاته وهو في المعنى قسم بقدرته وحكمته ومتضمن تشريف تلك المخلوقات بما في أحوالها من نعم ودلالة على الهدى والصلاح وفي ضمن ذلك تذكير بنعمة الله فيما أوجد فيها .
والمقسم بها الصفات تقتضي موصفاتها فآل إلى القسم بالموصوفات لأجل تلك الصفات العظيمة . وفي ذلك إيجاز دقيق على أن في طي ذكر الموصوفات توفيرا لما تؤذن به الصفات من موصوفات صالحة بها لتذهب أفهام السامعين في تقديرها كل مذهب ممكن .
وعطف تلك الصفات بالفاء يقتضي تناسبها وتجانسها فيجوز أن تكون صفات لجنس واحد وهو الغالب في عطف الصفات بالفاء كقول ابن زيابة : .
يا لهف زيابة للحارث الص ... ابح فالغانم فالآيب ويجوز أن تكون مختلفة الموصوفات إلا أن موصوفاتها متقاربة متجانسة كقول امرئ القيس : .
بسقط اللوى بين الدخول فحومل ... فتوضح فالمقراة............ وقول لبيد : .
بمشارق الجبلين أو بمحجر ... فتضمنتها فردة فرخامها فصوائق إن أيمنت......... . . .....................البيت ويكثر ذلك في عطف البقاع المتجاورة وقد تقدم ذلك في سورة الصافات .
واختلف أئمة السلف في محمل هذه الأوصاف وموصوفاتها . وأشهر ما روي عنهم في ذلك ما روي عن علي بن أبي طالب وابن عباس ومجاهد أن ( الذاريات ) الرياح لأنها تذرو التراب و ( الحاملات وقرا ) : السحاب و ( الجاريات ) : السفن و ( المقسمات أمرا ) الملائكة وهو يقتضي اختلاف الأجناس المقسم بها .
وتأويله أن كل معطوف عليه يسبب ذكر المعطوف لالتقائهما في الجامع الخيالي فالرياح تذكر بالسحاب وحمل السحاب وقر الماء يذكر بحمل السفن والكل يذكر بالملائكة .
ومن المفسرين من جعل هذه الصفات الأربع وصفا للرياح قاله في الكشاف ونقل بعضه عن الحسن واستحسنه الفخر وهو الأنسب لعطف الصفات بالفاء .
A E