وعطف على ذلك أمرهم بعبادة الله لأنهم إذا خضعوا له حق الخضوع عبدوه وتركوا عبادة الأصنام وقد كان المشركون يعبدون الأصنام بالطواف حولها ومعرضين عن عبادة الله, ألا ترى أنهم عمدوا إلى الكعبة فوضعوا فيها الأصنام ليكون طوافهم بالكعبة طوافا بما فيها من الأصنام .
أو المراد : واعبدوا العبادة الكاملة وهي التي يفرد بها لأن إشراك غيره في العبادة التي يستحقها إلا هو كعدم العبادة إذ الإشراك إخلال كبير بعبادة الله قال تعالى ( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا ) .
وقد ثبت في ا ؟ بار الصحيحة أن النبي A قرأ النجم فسجد فيها " أي عند قوله ( فاسجدوا لله واعبدوا ) " وسجد من كان معه من المسلمين والمشركين إلا شيخا مشركا " هو أمية بن خلف " أخذ كفا من تراب أو حصى فرفعه إلى جهته . قال : يكفيني هذا . وروي أن عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود كانا يسجدان عند هذه الآية في القراءة في الصلاة .
وفي أحكام ابن العربي أن ابن عمر سجد فيها, وفي الصحيحين والسنن عن زيد بن ثابت قال قرأت : النجم عند النبي A فلم يسجد فيها . وفي سنن ابن ماجه عن أبي الدرداء " سجدت مع النبي A إحدى عشرة سجدة ليس فيها من المفصل شيء " . وعن أبي بن كعب : كان آخر فعل النبي A ترك السجود في المفصل . وعن ابن عباس : أن النبي A لم يسجد في المفصل منذ تحول إلى المدينة, وسورة النجم من المفصل .
واختلف العلماء في السجود عند هذه الآية فقال مالك : سجدة النجم ليست من عزائم القرآن " أي ليست مما يسن السجود عندها . هذا مراده بالعزائم وليس المراد أن من سجود القرآن عزائم ومنه غيره عزائم ف ( عزائم ) وصف كاشف " ولم ير سجود القرآن في شيء من المفصل ووافقه أصحابه عدا أبن وهب قرآها من عزائم السجود هي وسجدة سورة الانشقاق وسجدة سورة العلق مثل قول أبي حنيفة . وفي المنتقى : أنه قول ابن وهب وابن نافع .
A E وقال أبو حنيفة : هي من عزائم السجود . ونسب ابن العربي في أحكام القرآن مثله إلى الشافعي وهو المعروف في كتب الشافعية والحنابلة .
وإنما سجد النبي A فيها وإن كان الأمر في قوله ( فاسجدوا ) مفرعا على خطاب المشركين بالتوبيخ لأن المسلمين أولى بالسجود لله وليعضد الأمر القوي بالفعل ليبادر به المشركون . وقد كان ذلك مذكرا للمشركين بالسجود لله فسجدوا مع النبي A ثم نسخ السجود فيها بعد ذلك فلم يروا عن النبي A بعد الهجرة ولخبر زيد بن ثابت وأبي بن كعب وعمل معظم أصحاب النبي A من أهل المدينة .
بسم الله الرحمن الرحيم .
سورة القمر .
اسمها بين السلف ( سورة اقتربت الساعة ) . ففي حديث أبي واقد الليثي " أن رسول الله A كان يقرأ بقاف واقتربت الساعة في الفطر والأضحى وبهذا الاسم عنون لها البخاري في كتاب التفسير .
وتسمى ( سورة القمر ) وبذلك ترجمها الترمذي . وتسمى ( سورة اقتربت ) حكاية لأول كلمة فيها .
وهي مكية كلها عند الجمهور وعن مقاتل : أنه استثنى منها قوله تعالى ( أم يقولون نحن جميع منتصر ) إلى قوله ( وأمر ) قال : نزل يوم بدر " ولعل ذلك من أن النبي A تلا هذه الآية يوم بدر " .
وهي السورة السابعة والثلاثون في ترتيب نزول السور عند جابر بن زيد نزلت بعد سورة الطارق وقبل سورة ص .
وعدد آيها خمس وخمسون باتفاق أهل العدد .
وسبب نزولها ما رواه الترمذي عن أنس بن مالك قال " سأل أهل مكة النبي A آية فانشق القمر بمكة فنزلت ( اقتربت الساعة وانشق القمر ) إلى قوله ( سحر مستمر ) " .
وفي أسباب النزول للواحدي بسنده إلى عبد الله بن مسعود قال : انشق القمر على عهد محمد A فقالت قريش هذا سحر ابن أبي كبشة سحركم فسألوا السفار فقالوا نعم قد رأينا فأنزل الله D ( اقتربت الساعة وانشق القمر ) الآيات .
وكان نزولها في حدود سنة خمس قبل الهجرة ففي الصحيح " أن عائشة قالت : أنزل على محمد بمكة وإني لجارية ألعب ( بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر )