وقد اصطلح العلماء على جعل كلمة ( علم اليقين ) اسما اصطلاحيا لما أعطاه الدليل بتصور الأمور على ما هي عليه حسب كلام السيد الجرجاني في كتاب التعريفات . ووقع في كلام أبي البقاء في الكليات ما يدل على أن بعض هذه المركبات نقلت في بعض الاصطلاحات العلمية فصارت ألقابا لمعان وقال : علم اليقين لأصحاب البرهان وعين اليقين وحق اليقين أيضا لأصحاب الكشف والعيان كالأنبياء والأولياء على حسب تفاوتهم في المراتب قال : وقد حقق المحققون من الحكماء بأن بعد المراتب الأربع للنفس " يعني مراتب تحصيل العلم للنفس المذكورة في المنطق الأوليات والمشاهدات الباطنية والتجريبات والمتواترات " مرتبتين : إحداهما مرتبة عين اليقين وهي أن تصير النفس بحيث تشاهد المعقولات في المعارف التي تفيضها النفس كما هي والثانية مرتبة حق اليقين وهي أن تصير النفس بحيث تتصل بالمعقولات اتصالا عقليا وتلاقي ذاتها تلاقيا روحانيا . واصطلح علماء التصوف على جعل كل مركب من هذه الثلاثة لقبا لمعنى من الانكشاف العقلي وجرت في كتاب الفتوحات المكية للشيخ محيي الدين بن عربي .
( فسبح باسم ربك العظيم [ 52 ] ) تفريع على جميع ما تقدم من وصف القرآن وتنزيهه على المطاعن وتنزيه النبي A عما افتراه عليه المشركون وعلى ما أيده الله به من ضرب المثل للمكذبين به بالأمم التي كذبت الرسل فأمر النبي A بأن يسبح الله تسبيح ثناء وتعظيم شكرا له على ما أنعم به عليه من نعمة الرسالة وإنزال هذا القرآن عليه .
واسم الله هو العلم الدال على الذات .
والباء للمصاحبة أي سبح الله تسبيحا بالقول لأنه يجمع اعتقاد التنزيه والإقرار به وإشاعته .
والتسبيح : التنزيه عن النقائص بالاعتقاد والعبادة والقول فتعين أن يجري في التسبيح القولي اسم المنزه فلذلك قال ( فسبح باسم ربك ) ولم يقل فسبح ربك العظيم . وقد تقدم في الكلام على البسملة وجه إقحام اسم في قوله ( بسم الله الرحمن الرحيم ) .
وتسبيح المنعم بالاعتقاد والقول وهما مستطاع شكر الشاكرين إذ لا يبلغ إلى شكره بأقصى من ذلك قال ابن عطية : وفي ضمن ذلك استمرار النبي A على أداء رسالته وإبلاغها . وروي أن رسول الله A قال لما نزلت هذه الآية " اجعلوها في ركوعكم ) . واستحب التزام ذلك جماعة من العلماء وكره مالك التزام ذلك لئلا يعد واجبا فرضا اه .
وتقدم نظير هذه الآية في آخر سورة الواقعة .
بسم الله الرحمن الرحيم .
سورة المعارج .
سميت هذه السورة في كتب السنة وفي صحيح البخاري وجامع الترمذي وفي تفسير الطبري وان عطية وابن كثير ( سورة سأل سائل ) . وكذلك رأيتها في بعض المصاحف المخطوطة بالخط الكوفي بالقيروان في القرن الخامس .
وسميت في معظم المصاحف المشرقية والمغربية وفي معظم التفاسير ( سورة المعارج ) . وذكر في الإتقان أنها تسمى ( سورة الواقع ) .
وهذه الأسماء الثلاثة مقتبسة من كلمات وقعت في أولها وأخصها بها جملة ( سال سائل ) لأنها لم يرد مثلها في غيرها من سور القرآن إلا أنها غلب عليها اسم ( سورة المعارج ) لأنه أخف .
وهي مكية بالاتفاق . وشذ من ذكر أن آية ( والذين في أموالهم حق معلوم ) مدنية .
وهي السورة الثامنة والسبعون في عداد نزول سور القرآن عند جابر بن زيد نزلت بعد سورة الحاقة وقبل سورة النبأ .
وعد جمهور الأمصار آبها أربعا وأربعين . وعدها أهل الشام ثلاثا وأربعين .
أغراضها .
حوت من الأغراض تهديد الكافرين بعذاب يوم القيامة وإثبات ذلك اليوم ووصف أهواله .
A E ووصف شيء من جلال الله فيه وتهويل دار العذاب وهي جهنم . وذكر أسباب استحقاق عذابها .
ومقابلة ذلك بأعمال المؤمنين التي أوجبت لهم دار الكرامة وهي أضداد صفات الكافرين .
وتثبيت النبي A . وتسليته على ما يلقاه من المشركين .
ووصف كثير من خصال المسلمين التي بثها الإسلام فيهم وتحذير المشركين من استئصالهم وتبديلهم بخير منهم .
( سال سائل بعذاب واقع [ 1 [ للكافرين ليس له دافع [ 2 ] نن الله ذي المعارج [ 3 ] )