وعطف ( وآتوا الزكاة ) تتميم لأن الغالب أنه لم يحل ذكر الصلاة من ذكر الزكاة معها حتى استنبط أبو بكر Bه من ذلك أن مانع الزكاة يقاتل عليها فقال لعمر Bه " لأقاتلن بين من فرق بين الصلاة والزكاة " .
وإقراض الله هو الصدقات غير الواجبة شبه إعطاء الصدقة للفقير بقرض يقرضه الله لأن الله وعد على الصدقة بالثواب الجزيل فشابه حال معطي الصدقة مستجيبا رغبة الله فيه بحال من أقرض مستقرضا في أنه حقيق بأن يرجع إليه ما أقرضه وذلك في الثواب الذي يعطاه يوم الجزاء .
ووصف القرض بالحسن يفيد الصدقة المراد بها وجه الله تعالى والسالمة من المن والأذى والحسن متفاوت .
والحسن في كل نوع هو ما فيه الصفات المحمودة في ذلك النوع في بابه ويعرف المحمود من الصدقة من طريق الشرع بما وصفه القرآن في حسن الصدقات وما ورد في كلام النبي A من ذلك .
وقد تقدم في سورة البقرة قوله ( من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة ) وفي سورة التغابن ( إن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم ) .
( وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا ) تذييل لما سبق من الأمر في قوله ( فاقرأوا ما تيسر منه وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأقرضوا الله قرضا حسنا ) فإن قوله ( من خير ) يعم جميع فعل الخير .
وفي الكلام إيجاز حذف . تقدير المحذوف : وافعلوا الخير وما تقدموا لأنفسكم منه تجدوه عند الله فاستغني عن المحذوف بذكر الجزاء على الخير .
و ( ما ) شرطية . ومعنى تقديم الخير : فعله في الحياة شبه فعل الخير في مدة الحياة لرجاء الانتفاع بثوابه في الحياة الآخرة بتقديم العازم على السفر ثقله وأدواته وبعض أهله إلى المحل الذي يروم الانتهاء إليه ليجد ما ينتفع به وقت حصوله .
و ( من خير ) بيان لإبهام ( ما ) الشرطية .
والخير : هو ما وصفه الدين بالحسن ووعد على فعله بالثواب .
ومعنى ( تجدوه ) يجدوا جزاءه وثوابه وهو الذي قصده فاعله فكأنه وجد نفس الذي قدمه وهذا استعمال كثير في القرآن والسنة أن يعبر عن عوض الشيء وجزائه باسم المعوض عنه والمجازى به ومنه قول النبي A في الذي يكنز المال ولا يؤدي حقه " مثل له ثوم القيامة شجاعا أقرع يأخذ بلهزمتيه يقول : أنا مالك أنا كنزك " .
وضمير الغائب في ( تجدوه ) هو المفعول الأول ل ( تجدوا ) ومفعوله الثاني ( خيرا ) .
والضمير المنفصل الذي بينهما ضمير فعل وجاز وقوعه بين معرفة ونكرة خلافا للمعروف في حقيقة ضمير الفصل من وجوب وقوعه بين معرفتين لأن أفعل من كذا أشبه المعرفة في أنه لا يجوز دخول حرف التعريف عليه .
و ( خيرا ) : اسم تفضيل أي خيرا مما تقدمونه إذ ليس المراد أنكم تجدونه من جنس الخير بل المراد مضاعفة الجزاء لما دل عليه قوله تعالى ( إن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم ) وغير ذلك من كثير من الآيات .
وأفاد ضمير الفصل هنا لمجرد التأكيد لتحقيقه .
وعطف ( وأعظم أجرا ) على ( خيرا ) أو هو منسحب عليه تأكيد ضمير الفصل .
وانتصب ( أجرا ) على أنه تمييز نسبة ل ( أعظم ) لأنه في معنى الفعل . فالتقدير : وأعظم أجره كما تقول : وجدته منبسطا كفا والمعنى : أن أجره خير وأعظم مما قدمتموه .
( واستغفروا الله إن الله غفور رحيم [ 20 ] ) يجوز أن تكون الواو للعطف فيكون معطوفا على جملة ( وما تقدموا لأنفسكم ) الخ فيكون لها حكم التذييل إرشاد لتدارك ما عسى أن يعرض من التفريط في بعض ما أمره الله بتقديمه من خير فإن ذلك يشمل الفرائض التي يقتضي التفريط في بعضها توبة منه .
A E