للإشارة وأعيدت كلمة ( أهل ) في الجملة المعطوفة دون أن يقال : والمغفرة إلى اختلاف المعنى بين أهل الأول وأهل الثاني على طريقة إعادة فعل وأطيعوا في قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ) .
بسم الله الرحمن الرحيم .
سورة القيامة .
عنونت هذه السورة في المصاحف وكتب التفسير وكتب السنة ب ( سورة القيامة ) لوقوع القسم بيوم القيامة في أولها ولم يقسم به فيما نزل قبلها من السور .
وقال الآلوسي : يقال لها ( سورة لا أقسم ) ولم يذكرها صاحب الإتقان في عداد السور ذات أكثر من اسم .
وهي مكية بالاتفاق .
وعدت الحادية والثلاثين في عداد نزول سور القرآن . نزلت بعد سورة القارعة وقبل سورة الهمزة .
وعدد آيها عند أهل العدد من معظم الأمصار تسعا وثلاثين آية وعدها أهل الكوفة أربعين .
أغراضها .
اشتملت على إثبات البعث .
والتذكير بيوم القيامة وذكر أشراطه .
وإثبات الجزاء على الأعمال التي عملها الناس في الدنيا .
واختلاف أحوال أهل السعادة وأهل الشقاء وتكريم أهل السعادة .
والتذكير بالموت وأنه أول مراحل الآخرة .
والزجر عن إيثار منافع الحياة العاجلة على ما أعد لأهل الخير من نعيم الآخرة .
وفي تفسير أبن عطية عن عمر أبن الخطاب ولم يسنده : أنه قال " من سأل عن القيامة أو أراد أن يعرف حقيقة وقوعها فليقرأ هذه السورة " .
وأدمج في آيات " لا تحرك به لسانك " إلى ( وقرأنه ) لأنها في أثناء نزول هذه السورة كما سيأتي .
( لا أقسم بيوم القيامة [ 1 ] ولا أقسم بالنفس اللوامة [ 2 ] أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه [ 3 ] بلى قادرين على أن نسوي بنانه [ 4 ] ) افتتاح السورة بالقسم مؤذن بأن ما سيذكر بعده أمر مهم لتستشرف له نفس السامع كما تقدم في عدة مواضع من أقسام القرآن .
وكونوا القسم بيوم القيامة براعة استهلال لأن غرض السورة بيوم القيامة .
وفيه أيضا كون المقسم به هو المقسم على أحواله تنبيها على زيادة مكانته عند المقسم في قول أبي تمام : .
وثناياك إنها اغريض ... ولئال تؤم وبرق وميض كما تقدم عند قوله تعالى ( حم والكتاب المبين إنا جعلنا قرآنا عربيا ) في سورة الزخرف .
وصيغة ( لا أقسم ) صيغة قسم أدخل حرف النفي على فعل ( أقسم ) لقصد المبالغة في تحقيق حرمة المقسم به بحيث يوهم للسامع أن المتكلم يهم أن يقسم به ثم يترك القسم مخافة الحنث بالمقسم به فيقول : لا أقسم به أي ولا أقسم بأعز منه عندي وذلك كناية عن تأكيد القسم وتقدم عند قوله تعالى ( فلا أقسم بمواقع النجوم ) في سورة الواقعة .
وفي محسن بديعي من قبيل ما يسمى تأكيد المدح بما يشبه الذم . وهذا لم نذكره في ما مضى ولم يذكره أحد .
والقسم ( بيوم القيامة ) باعتباره ظرفا بما يجري فيه من عدل الله وإفاضة فضله وما يحضره من الملائكة والنفوس المبارك .
وتقد الكلام على ( يوم القيامة ) غير مرة منها قوله تعالى ( ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب ) في سورة البقرة .
وجواب القسم يؤخذ من قوله ( أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه ) لأنه دليل الجواب إذ التقدير : لنجمع عظام الإنسان أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه .
وفي الكشاف " قالوا أنه ( أي لا أقسم ) في الإمام بغير ألف " وتبرأ منه بلفظ ( قالوا ) لأنه مخالف للموجود في المصاحف . وقد نسب إلى البزي عن أبن كثير أنه قرأ ( لا أقسم ) الأول دون ألف وهي رواية عنه ذكره الشيخ علي النوري في غيث النفع ولم يذكرها الشاطبي . واقتصر أبن عطية على نسبتها إلى أبن كثير دون تقيد فتكون اللام لام قسم . والمشهور عن أبن كثير خلاف ذلك وعطف قوله ( ولا أقسم ) تأكيدا للجملة المعطوف عليها وتعريف ( النفس ) تعريف الجنس أي الأنفس اللوامة . والمراد نفوس المؤمنين . ووصف اللوامة مبالغة لأنها تكثر لوم صاحبها على التقصير في التقوى والطاعة . وهذا اللوم هو المعبر عنه في الاصطلاح بالمحاسبة ولومها يكون بتفكيرها وحديثها النفسي . قال الحسن " ما يرى المؤمن إلا يلوم نفسه على ما فات ويندم على الشر لم فعله وعلى الخير لم لا لم يستكثر منه " فهذه نفوس خيرة حقيقة أن تشرف بالقسم بها وما كان يوم القيامة إلا لكرامتها