قال المرادي في شرح التسهيل قال : بعضهم ولم يسمع غيرها ولا يقاس عليها وعن سيبويه أنه أجاز القياس عليها في النداء اه . قلت : وعلى قول سيبويه بنى الحريري قوله في المقامة السابعة والثلاثين " صه يا عقق يا من هو الشجا والشرق " .
وهمزة : وصف مشتق من الهمز . وهو أن يعيب أحدا أحدا بالإشارة بالعين أو بالشدق أو بالرأس بحضرته أو عند توليه ويقال : هامز وهماز وصيغة فعلة يدل على تمكن الوصف من الموصوف .
ووقع ( همزة ) وصفا لمحذوف تقديره : ويل لكل شخص همزة فلما حذف موصوفه صار الوصف قائما مقامه فأضيف إليه ( كل ) .
ولمزة : وصف مشتق من اللمز وهو المواجهة بالعيب وصيغته دالة على أن ذلك الوصف ملكة لصاحبه كما في همزة .
وهذان الوصفان من معاملة أهل الشرك للمؤمنين يومئذ ومن عامل من المسلمين أحدا من أهل دينه بمثل ذلك كان له نصيب من هذا الوعيد .
فمن اتصف بشيء من هذا الخلق الذميم من المسلمين مع أهل دينه فإنها خصلة من خصال أهل الشرك . وهي ذميمة تدخل في أذى المسلم وله مراتب كثيرة بحسب قوة الأذى وتكرره ولم يعد من الكبائر إلا ضرب المسلم . وسب الصحابة Bهم .
وإدمان هذا الأذى بأن يتخذه ديدنا فهو راجع إلى إدمان الصغائر وهو معدود من الكبائر .
وأتبع ( الذي جمع مالا وعدده ) لزيادة تشنيع صفتيه الذميمتين بصفة الحرص على المال . وإنما ينشأ ذلك من بخل النفس والتخوف من الفقر والمقصود من ذلك دخول أولئك الذين عرفوا بهمز المسلمين ولمزهم الذين قيل إنهم سبب نزول السورة لتعيينهم في هذا الوعيد .
A E واسم الموصول من قوله ( الذي جمع مالا ) نعت آخر ولم يعطف ( الذي ) بالواو لأن ذكر الأوصاف المتعددة للموصوف الواحد يجوز أن يكون بدون عطف نحو قوله تعالى ( ولا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم مناع للخير معتد أثيم عتل بعد ذلك زنيم ) .
والمال : مكاسب الإنسان التي تنفعه وتكفي مؤونة حاجته من طعام ولباس وما يتخذ منه ذلك كالأنعام والأشجار ذات الثمار المثمرة . وقد غلب لفظ المال في كل قوم من العرب على ما هو كثير من مشمولاتهم فغلب اسم المال بين أهل الخيام على الإبل قال زهير : .
فكلا أراهم أصبحوا يعقلونه ... صحيحات مال طالعات بمخزم يريد إبل الدية ولذلك قال : طالعات بمخرم .
وهو عند أهل القرى الذين يتخذون الحوائط يغلب على النخل يقولون خرج فلان إلى ماله أي إلى جناته . وفي كلام أبي هريرة " وأن إخواني الأنصار شغلهم العمل في أموالهم " وقال أبو طلحة " وإن أحب أموالي إلي بئر حاء " . وغلب عند أهل مكة على الدراهم لأن أهل مكة أهل تجر ومن ذلك قول النبي A للعباس " أين المال الذي عند أم الفضل " .
وتقدم في قوله تعالى ( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ) سورة آل عمران .
ومعنى ( عدده ) أكثر من عده أي حسابه لشدة ولعه بجمعه فالتضعيف للمبالغة في ( عد ) ومعاودته .
وقرأ الجمهور ( جمع مالا ) بتخفيف الميم . وقرأه ابن عامر وحمزة والكسائي وأبو جعفر ورويس عن يعقوب وخلف بتشديد الميم مزاوجا لقوله ( عدده ) وهو مبالغة في ( جمع ) . وعل قراءة الجمهور دل تضعيف ( عدده ) على معنى تكلف جمعه بطريق الكناية لأنه لا يكرر عده إلا ليزيد جمعه .
ويجوز أن يكون ( عدده ) بمعنى أكثر إعداده أي إعداد أنواعه فيكون كقوله تعالى ( والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ) .
وجملة ( يحسب أن ماله أخلده ) يجوز أن تكون حالا من همزة فيكون مستعملا في التهكم عليه في حرصه على جمع المال وتعديده لأنه لا يوحد من يحسب أن ماله يخلده فيكون الكلام من قبيل التمثيل أو تكون الحال مرادا بها التشبيه وهو تشبيه بليغ .
ويجوز أن تكون الجملة مستأنفة والخبر مستعملا في الإنكار أو على تقدير همزة استفهام محذوفة مستعملا في التهكم به بأنه موقن بأن مال يخلده حتى كأنه حصل إخلاده وثبت .
والهمزة في ( أخلده ) للتعدية أي جعله خالدا .
وقرأ الجمهور ( يحسب ) بكسر السين وقرأه ابن عامر وعاصم وحمزة وأبو جعفر بفتح السين وهما لغتان .
ومعنى الآية : أن الذين جمعوا المال يشبه حالهم حال من يحسب أن المال يقيهم الموت ويجعلهم خالدين لأن الخلود في الدنيا أقصى متمناهم إذ لا يؤمنون بحياة أخرى خالدة