القسم الثاني ـ ما يرجع إلى عمل المضاربة .
و لو اشترى أمة قيمتها ألف و رأس المال ألف فولدت ولدا يساوي ألفا فادعى الولد لا يكون ولده و لا تكون الأم أم ولد له لأنه ليس لأحدهما فضل على رأس المال هكذا ذكر الكرخي .
و ذكر القدوري C : أن هذا محمول على أنها علقت قبل أن يشتريها فأما إذا كان العلوق بعد الشراء فحكم المسألة يتغير لأن المضارب يغرم العقر مائة فإذا استوفاها رب المال منه جعل المستوفى من رأس المال فينتقص رأس المال و صار تسعمائة فيتعين للمضارب ملك فيهما جميعا فنفذت دعوته و يثبت النسب و إذا ثبت النسب ضمن المضارب من قيمة الأم سبعمائة حتى يستوفي رب المال تمام رأس ماله ثم يغرم خمسين درهما و هو تمام ما بقي من الأم فظهر أن الولد ربح بينهما فيعتق نصف الولد من المضاربة و يسعى في النصف لرب المال .
قال عيسى بن أبان : أن هذا الجواب هو الصحيح و ذكر محمد في الأصل مسألة أخرى طعن فيها عيسى و هو ما إذا اشترى جارية بألف درهم تساوي ألفا فولدت ولدا يساوي ألفا فادعاه المضارب لم يثبت نسبه و يغرم العقر فإن زادت قيمة الولد حتى صارت ألفين يثبت النسب من المضارب لأنه ملك بعضه لظهور الربح في الولد بزيادة قيمته فيعتق ربعه عليه و لا ضمان عليه لأنه عتق بزيادة القيمة و لا صنع له فيها و يسعى العبد في ثلاثة أرباع قيمته لرب المال و الجارية على حالها لم تصر أم ولد للمضارب ما لم يستوف رب المال العقر و السعاية لأن المضارب لا يظهر لا يظهر له الربح في الجارية حتى يصل إلى رب المال شيء من المال فلا يملك شيئا منها و لا صحة للاستيلاد بدون الملك .
و لو لم تزد قيمة الولد و لكن زادت قيمة الأم فصارت ألفين فإن الجارية أم ولد له لظهور الربح فيها بزيادة قيمتها و على المضارب ثلاثة أرباع قيمتها لرب المال و إن لم يكن له صنع فيها لأن ضمانها ضمان تملك لهذا استوى فيه اليسار و الإعسار فيستوي أن يكون بفعله أو من طريق الحكم و لا يثبت نسب الولد من المضارب لأنه لم يملك من الولد شيئا ما لم يأخذ رب المال شيئا من رأس ماله و لو زادت قيمتها جميعا فصارت قيمة كل واحد منهما ألف درهم يثبت نسب الولد و تصير الجارية أم ولد له لأنه ملك بعض كل واحد منهما لأنه ظهر الفضل في كل واحد منهما بزيادة قيمته و يضمن المضارب لرب المال تمام قيمة الجارية ألفي درهم و عقر مائة درهم فظهر أن رب المال استوفى رأس ماله و استوفى من الربح ألفا و مائة و للمضارب أن يستوفي من ربح الولد مقدار ألف و مائة فعتق الولد منه بذلك المقدار و بقي من الولد مقدار تسعمائة ربح بينهما لأن لكل واحد منهما أربعمائة و خمسون فما أصاب المضارب عتق و ما أصاب رب المال سعى فيه الولد .
قال عيسى : هذا الجواب خطأ و الصحيح أن يقال : يضمن المضارب من الأم ثلاثة أرباع قيمتها و نصف العقر و بقي الولد ربحا بينهما يسعى في نصف قيمته لرب المال و يسقط عنه النصف بحصة المضارب .
قال القدوري C : هذا الذي ذكره عيسى هو جواب محمد في المسألة التي قدمناها إذا لم تزد قيمة كل واحد منهما .
و على قياس ما قال محمد في المسألة الزيادة تجب أن يقول : إذا لم تزد قيمتها ينبغي أن يغرم المضارب ألفا و مائة ثم يستوفي المضارب من الولد مائة و بقي تسعمائة بينهما فمن أصحابنا من قال : القياس ما أجاب به في المسألة التي لم تزد القيمة فيها .
و وجهه : أن المضارب لا يغرم بعدما غرم تمام رأس ماله إلا نصف ما بقي من الأم لأن نصف ما بقي من الأم ربح بينهما فلا يجوز أن يغرم الكل و الذي أجاب به في مسألة الزيادة هو الاستحسان لأن في غرم تمام قيمة الجارية تكثير العتق و العتق و الرق إذا اجتمعنا غلبت الحرية الرق .
و من أصحابنا من قال : إنما افترقت المسألتان لوصفهما لأن سبب العتق في مسألة الزيادة زيادة قيمة الولد و في المسألة الأخرى سبب العتق قبض رب المال العقر فلما شارك رب المال المضارب في سبب عتقه أن يجتمع ربحه في الجارية .
و أما في المسألة الأخرى لما كان عتقه بسبب الزيادة صرف نصيب رب المال إلى الجارية لأن المضارب قد ملكها و قد قيل أيضا إن في تلك المسألة إنما قصد تكثير العتق و في المسألة الأخرى إذا لم تزد القيمة لا يتبين تكثير العتق لأن الفضل فيما بينهما مقدار نصف العشر فلا يتبين بذلك المقدار تكثير العتق .
و قد قالوا في المضارب : إذا اشترى جارية بألف فولدت ولدا يساوي ألفا فادعاه رب المال ثبت النسب و عتق الولد و صارت الجارية أم ولد له و انتقضت المضاربة و لا ضمان عليه لأن دعوته صادفت ملكه فثبت النسب و استندت الدعوة إلى وقت العلوق و لا قيمة للولد في ذلك الوقت و لا فضل في المال فلا تجب عليه القيمة و لا العقر لأنه وطئ ملك نفسه و ليس له أن يتزوج عبدا و لا أمة من مال المضاربة في قول أبي حنيفة و محمد عليها الرحمة و عند أبي يوسف C يزوج الأمة و لا يزوج العبد و قد ذكرنا المسألة في موضع آخر .
و روى ابن رستم عن محمد أنه ليس له أن يزوج أمه من المضاربة لأنه لا يملك أن يشتري شيئا من مال المضاربة لنفسه فلا يملك أن يعقد على جارية المضاربة لنفسه فإن تزوج بإذن رب المال فهو جائز إذا لم يكن في المال ربح و قد خرجت من المضاربة أما الجواز فلأنه إذا لم يكن في المال ربح لم يكن للمضارب فيها ملك و إنما له حق التصرف و إنه لا يمنع النكاح كالعبد المأذون .
و أما خروج الأمة عن المضاربة فلأن العادة أن من تزوج امة حصنها و منعها من الخروج و البروز و المضاربة تقضي العرض على البيع و إبرازها للمشتري و كان اتفاقهما على التزوج إخراجا إياها عن المضاربة و يحسب مقدار قيمتها من رأس المال لأنه لما أخرجها من المضاربة صار كأنه استرد ذلك القدر من رأس المال .
و قد قال الحسن بن زياد عن أبي حنيفة : إن المضارب لا يملك أن يزوج أمه من المضاربة لعبد من المضاربة لأن تصرف المضارب يختص بالتجارة و التزويج ليس من التجارة .
و ذكر القدوري C و قال : ينبغي أن يكون هذا قولهم لأن عند أبي يوسف إن كان يملك تزويج الأمة لا يملك تزويج العبد .
و لو أخذ المضارب نخلا أو شجرا أو رطبة معاملة على أن ينفق من المال لم يجز على رب المال و إن كان قال له رب المال حين دفع إليه : اعمل فيه برأيك لأن الأخذ منه معاملة عقد على منافع نفسه و منافع نفس المضارب لا تدخل تحت عقد المضاربة فصار كما لو آجر نفسه للخدمة و لا يعتبر ما شرط من الإتفاق لن ذلك ليس بمعقود عليه بل هو تابع للعمل كالخيط في إجازة الخياط و الصبغ في الصباغة .
و كذا لا يعتبر قوله : اعمل برأيك لما ذكرنا ان ذلك يفيد تفويض الرأي إليه في المضاربة و المضاربة تصرف في المال و هذا النبي منافع نفسه و منافع نفس المضارب لا يجوز أن يستحق بدلها رب المال .
و لو أخذ أرضا مزارعة على أن يزرعها فما خرج من ذلك كان نصفين فاشترى طعاما ببعض المزارعة فزرعه قال محمد : هذا يجوز إن قال له : اعمل برأيك و إن لم يكن قال له : اعمل برأيك لم يجز لأنه يوجب حقا لرب الأرض في مال رب المال فيصير كأنه شاركه بمال المضاربة و إنه لا يملك الإشتراك بإطلاق العقد ما لم يقل : اعمل برأيك فإذا قال ملك كذا هذا .
و قال الحسن بن زياد : إن الأرض و البذر و البقر إذا كان من قبل رب الأرض و العمل على المضارب لم يكن ذلك على المضاربة بل يكون للمضارب خاصة لما ذكرنا أنه عقد على منافع نفسه فكان له بدل منافع نفسه فلا يستحقه رب المال و كذلك إذا شرط البقر على المضارب لأن العقد وقع على منفعته و إنما البقر آلة العمل و الآلة تبع ما لم يقع عليها العقد و لو دفع المضارب أيضا بغير بذر مزراعة جازت سواء قال : اعمل برأيك أو لم يقل لأنه لم يوجب شركة في مال رب المال إنما آجر أرضه و الإجارة داخلة تحت عقد المضاربة و الله D أعلم .
و أما القسم الذي للمضارب أن يعمله إذا قيل له : اعمل برأيك و إن لم ينص عليه فالمضاربة و الشركة و الخلط فله أن يدفع مال المضاربة مضاربة إلى غيره و أن يشارك غيره في مال المضاربة شركة عنان و أن يخلط مال المضاربة بمال نفسه إذا قال له رب المال : اعمل برأيك و ليس له أن يعمل شيئا من ذلك إذا لم يقل له ذلك .
أما المضاربة فلأن مثل المضاربة و الشيء لا يستتبع مثله فلا يستفاد بمطلق عقد المضاربة مثله و لهذا لا يملك الوكيل التوكيل بمطلق العقد كذا هذا .
و أما الشركة فهي أولى أن لا يملكها بمطلق العقد لأنها أعم من المضاربة و الشيء لا يستتبع مثله فما فوقه أولى .
و أما الخلط فلأنه يوجب في مال رب المال حقا لغيره فلا يجوز إلا بإذنه و إن لم يقل له ذلك فدفع المضارب مال المضاربة مضاربة إلى غيره فنقول : لا يخلو من وجوه إما إن كان المضاربتان صحيحتين و إما إن كانتا فاسدتين و أما إن كانت إحداهما صحيحة و الأخرى فاسدة فإن كانتا صحيحتين فإن المال لا يكون مضمونا على المضارب الأول بمجرد الدفع إلى الثاني حتى لو هلك المال في يد الثاني قبل أن يعمل يهلك أمانة و هذا قول أصحابنا الثلاثة و قال زفر : يصير مضمونا بنفس الدفع عمل الثاني أو لم يعمل و إذا هلك قبل العمل يضمن و هو رواية عن أبي يوسف أيضا .
وجه قول زفر : أن رب المال لم يقل للمضارب : اعمل برأيك لم يملك دفع المال مضاربة إلى غيره فإذا دفع صار بالدفع مخالفا فصار ضامنا كالمودع إذا أودع .
و لنا : أن مجرد الدفع إيداع منه و هو يملك إيداع مال المضاربة فلا يضمن بالدفع .
و روى الحسن عن أبي حنيفة C : أنه لا ضمان على الأول حتى يعمل به الثاني و ربح فإذا عمل به و ربح كان ضامنا حين ربح و إن عمل في المال فلم يربح حتى ضاع من يده فلا ضمان عليه .
و روى محمد عن أبي يوسف : أنه لا ضمان عليه حتى يعمل الثاني فإذا عمل ضمن ربح الثاني أو لم يربح و هكذا روى ابن سماعة و الفضل بن غانم عن أبي يوسف و هو قول محمد C و ذكر القاضي في شرح مختصر الطحاوي أن هذا ظاهر الرواية عن أبي حنيفة .
وجه قولهما : أنه لما عمل فقد تصرف في المال بغير إذن المالك فيتعين به الضمان سواء ربح أو لم يربح و لأبي حنيفة لا سبيل إلى التضمين بالدفع لأنه إيداع و إيضاع و لا بالعمل لأنه ما لم يربح فهو في حكم المبضع و المبضع لا يضمن بالعمل و لا يجوز أن يضمن بالشرط لأنه مجرد قول و مجرد القول في ملك الغير لا يتعلق به ضمان لكنه إذا ربح فقد ثبت له شركة في المال بإثبات المضارب الأول فصار الأول مخافا فيضمن كما لو خلط مال المضاربة بغيره أو شارك به و إذا وجب الضمان بالعمل و الربح أو بنفس العمل على اختلافهم في ذلك فرب المال بالخيار إن شاء ضمن الأول و إن شاء ضمن الثاني .
أما على أصل أبي يوسف و محمد في المودع إذا أودع فظاهر لوجود سبب وجوب الضمان من كل واحد منهما لأن الأول تعدى بالدفع و الثاني تعدى بالقبض فصار عندهما كالمودع إذا أودع .
و أما على أصل أبي حنيفة في مسألة الوديعة فيحتاج إلى الفرق لأن الضمان عنده على المودع الأول لا على الثاني و في مسألة المضاربة أثبت له الخيار تضمين الثاني لأن المضارب الثاني يعمل في المال لمنفعة نفسه و هي الربح فكان عاملا لنفسه فجاز أن يضمن و المودع الثاني لم يقبض لمنفعة نفسه بل لمنفعة الأول لحفظ الوديعة فلم يضمن فإن ضمن المضارب الأول لا يرجع بما ضمن على الثاني وصحت المضاربة بين الأول و الثاني و الربح على ما شرطا لأنه لما تقرر الضمان على الأول فقد ملك المضمون و صار كأنه دفع مال نفسه مضاربة إلى الثاني فكان الربح على ما شرطا لأن الشرط قد صح و إن ضمن الثاني رجع بما ضمن على الأول و صار حاصل الضمان على الأول لأن الأول غرة بالعقد فصار مغرورا من جهته فكان له أن يرجع عليه بما ضمن كمودع الغاصب و هو ضمان كفالة في الحقيقة لأن الأول التزم له سلامة المقبوض عن الضمان و لم يسلم له بخلاف الرهن و هو ما إذا غصب رجل شيئا فرهنه فملك في يد المرتهن فاختار المالك تضمين المرتهن أنه يرجع على الراهن بما ضمن و لا يصح عقد الرهن .
و وجه الفرق : أن قبض المرهون شرط صحة الرهن و لما ضمن المرتهن تبين أن قبضه لم يصح فتبين إن الرهن لم يصح إذ لا صحة له بدون القبض فأما في المضاربة فيضمن الثاني إبطال القبض بعد وجوده لأن المضاربة عقد جائز فكان لبقائه حكم الابتداء كأنه ابتدأ العقد بعد أداء الضمان فكان التضمين إبطال القبض بعد وجوده و ذلك لا يبطل المضاربة .
ألا ترى أن المضارب لو باع المال من رب المال لا تبطل المضاربة و إن بطل قبضه و لو رد المرتهن الرهن على الراهن يبطل الرهن لذلك افترقا .
و ذكر ابن سماعة عن محمد : أنه يطيب الربح للأسفل و لا يطيب للأعلى على قياس قول أبي حنيفة عليه الرحمة لأن استحقاق الأسفل بعمله و لا خطر في عمله فيطيب له الربح .
فأما الأعلى فإنما يستحق الربح برأس المال و الملك في رأس المال إنما حصل له بالضمان فلا يخلو عن نوع خبث فلا يطيب له و إن كانتا فاسدتين فلا ضمان على واحد منهما لأن الأول أجير في مال المضاربة و الثاني أجير الأول فصار كمن استأجر رجلا يعمل في ماله فاستأجر الأجير رجلا .
و إن كانت إحداهما صحيحة و الأخرى فاسدة فإن كانت الأولى صحيحة و الأخرى فاسدة فكذلك لا ضمان على واحد منهما و إن عمل المضارب الثاني في المال لأن المضارب الثاني أجير الأول و الأجير لا يستحق شيئا من الربح فلم يثبت له شركة في رأس المال فلا يجب الضمان على الأول و لا على الثاني لأنه لا ضمان على الأجير و له أجر مثل عمله على المضارب الأول و للمضارب الأول ما شرط له من الربح لوقوع المضاربة صحيحة و إن كانت الأولى فاسدة و الثاني صحيحة فكذلك لأن الأول أجير في مال المضاربة فلا حق له في الربح فلم ينفذ شرطه فيه فلا يلزمه الضمان إذ الضمان إنما يجب بإثبات الشركة و يكون الربح كله لرب المال لأنه ربح حصل في مضاربة فاسدة و للمضارب الأول أجر مثله لأن عمل الثاني وقع له فكأنه عمل بنفسه و للثاني على الأول مثل ما شرط له من الربح لأنه عمل مضاربة صحيحة و قد سمي له أشياء فهو مستحق للغير فيضمن هذا إذا لم يقل له رب المال : اعمل برأيك فأما إذا قال له : اعمل برأيك فله أن يدفع مال المضاربة مضاربة إلى غيره لأنه فوض الرأي إليه و قد رأى أن يدفعه مضاربة فكان له ذلك .
ثم إذا عمل الثاني و ربح كيف يقسم الربح ؟ جملة الكلام فيه أن رب المال لا يخلو أما إن كان أطلق الربح في عقد المضاربة و لم يضفه إلى المضارب بأن قال : على أن ما رزق الله تعالى من الربح فهو بيننا نصفان أو قال : ما أطعم الله تعالى من ربح فهو بيننا نصفان .
و أما إن أضافه إلى المضارب بأن قال : على أن ما رزقك الله تعالى من الربح أو ما أطعمك الله D من ربح أو على أن ما ربحت من شيء أو ما أصبت من ربح فإن أطلق الربح و لم يضفه إلى المضارب ثم دفع المضارب الأول المال إلى غيره مضاربة بالثلث فربح الثاني فثلث جميع الربح للثاني لأن شرط الأول للثاني قد صح لأنه يملك نصف الربح فكان ثلث جميع الربح بعض ما يستحقه الأول فجاز شرطه للثاني فكان ثلث جميع الربح للثاني و نصفه لرب المال لأن الأول لا يملك من نصيب رب المال شيئا فانصرف شرطه إلى نصيبه لا إلى نصيب رب المال فبقي نصيب رب المال على حاله و هو النصف و سدس الربح للمضارب الأول لأنه لم يجعله للثاني فبقي له بالعقد الأول و يطيب له ذلك لأن عمل المضارب الثاني وقع له فكأنه عمل بنفسه كمن استأجر إنسانا على خياطة ثوب بدرهم فاستأجر الأجير من خاطه بنصف درهم طاب له الفضل لأن عمل أجيره وقع له فكأنه عمل بنفسه كذا هذا و لو دفع إلى الثاني مضاربة بالنصف فنصف الربح للثاني و نصفه لرب المال و لا شيء للمضارب الأول لأنه جعل جميع ما يستحقه و هو نصف الربح للثاني و صح جعله لأنه مالك للنصف و النصف لرب المال بالعقد الأول و صار كمن استأجر رجلا على خياطة ثوب بدرهم فاستأجر الأجير من خاطه بدرهم و لو دفعه إليه مضاربة بالثلثين فنصف الربح لرب المال و نصفه للمضارب الثاني و يرجع الثاني على الأول بمثل سدس الربح الذي شرطه له لأن شرط الزيادة إن لم ينفذ في حق رب المال لما لم يرض لنفسه بأقل من نصف الربح فقد صح فيما بين الأول و الثاني لأن الأول غر الثاني بتسمية الزيادة و الغرور في العقود من أسباب وجوب الضمان و هو في الحقيقة ضمان الكفالة و هو أن الأول صار ملتزما سلامة هذا القدر للثاني و لم يسلم له فيغرم للثاني مثل سدس الربح و لا يصير بذلك مخالفا لأن شرطه لم ينفذ في حق رب المال فالتحق بالعدم في حقه فلا يضمن و صار كمن استأجر رجلا لخياطة ثوب بدرهم فاستأجر الأجير من يخيطه بدرهم و نصف زيادة الأجرة كذا هذا .
و لو أضافه إلى المضارب فدفعه الأول مضاربة إلى غيره بالثلث أو بالنصف أو بالثلثين فجميع ما شرط للثاني من الربح يسلم له و ما شرط للمضارب الأول من الربح يكون بينه و بين رب المال نصفين بخلاف الفصل الأول .
و وجه الفرق : أن هنا شرط رب المال لنفسه نصف ما رزق الله تعالى للمضارب أو نصف ما ربح المضارب فإذا دفع إلى الثاني مضاربة بالثلث كان الذي رزق الله D المضارب الأول الثلثين فكان الثلث للثاني و الثلثان بين رب المال و بين المضارب الأول نصفين لكل واحد منهما الثلث و إذا دفع مضاربة بالنصف كان ما رزقه الله تعالى للمضارب الأول النصف فكان النصف للثاني و النصف بينهما نصفين و إذا دفعه مضاربة بالثلثين كان الذي رزقه الله تعالى الثلث و الثلثان للثاني و الثلث بينهما لكل واحد منهما السدس و في الفصل الأول رب المال إنما شرط لنفسه نصف جميع ما رزق الله تعالى و نصف جميع الربح و ذلك ينصرف إلى كل الربح .
و كذا له أن يخلط مال المضاربة بمال نفسه لأنه فرض الرأي إليه و قد رأى الخلط و إذا ربح قسم الربح على المالين فربح ماله يكون له خاصة و ربح مال المضاربة يكون بينهما على الشرط .
و كذا له أن يشارك غيره شركة عنان لما قلنا و يقسم الربح بينهما على الشرط قد صح و إذا قسم الربح بينهما يكون مال المضاربة مع حصة المضارب من الربح فيستوفي منها رب المال رأس ماله و ما فضل يكون بينهما على الشرط .
و أما القسم الذي ليس للمضارب أن يعمله أصلا و رأسا فشراء ما لا يملك بالقبض و ما لا يجوز بيعه فيه إذا قبضه .
أما الأول : فنحو شراء الميتة و الدم و الخمر و الخنزير و أما الولد و المكاتب و المدير لأن المضاربة تتضمن الإذن بالتصرف الذي يحصل به الربح و الربح لا يحصل إلا بالشراء و البيع فما لا يملك بالشراء لا يحصل فيه الربح و ما يملك بالشراء لكن لا يقدر على بيعه لا يحصل فيه الربح أيضا فلا يدخل تحت الإذن فإن اشترى شيئا من ذلك كان مشتريا لنفسه لا للمضاربة فإن دفع فيه شيئا من مال المضاربة يضمن و إن اشترى ثوبا أو عبدا أو عرضا من العروض بشيء مما ذكرنا سوى الميتة و الدم فالشراء على المضاربة لأن المبيع هنا مما يملك بالقبض و يجوز بيعه فكان هذا شراء فاسدا و الإذن بالشراء المستفاد بعقد المضاربة يتناول الصحيح و الفاسد .
و أما إذا كان الثمن ميتة أو دما فما اشترى به لا يكون على المضاربة لأن الميتة و الدم لا تملك بالقبض أصلا .
أما الثاني : فنحو أن يشتري ذا رحم محرم من رب المال فلا يكون المشتري للمضاربة بل يكون مشتريا لنفسه لأنه لو وقع شراؤه للمضاربة لعتق على رب المال فلا يقدر على بيعه بعد ذلك و لا يحصل المقصود من الإذن فلا يدخل تحت الإذن .
و لو اشترى ذا رحم محرم من نفسه فإن لم يكن في المال ربح فالشراء على المضاربة لأنه لا ملك له فيه فيقدر على بيعه فيحصل المقصود و إن كان في المال ربح لم يكن الشراء على المضاربة لأنه إذا كان في المضاربة ربح يملك قدر نصيبه من الربح فيعتق ذلك القدر عليه فلا يقدر على بيعه و لا على بيع الباقي لأنه معتق البعض و ما لا يقدر على بيعه لا يكون للمضاربة لما قلنا .
و أما المضاربة المقيدة : فحكمها حكم المضاربة المطلقة في جميع ما وصفنا لا تفارقها إلا في قدر القيد و الأصل فيه أن القيد إن كان مفيدا يثبت لأن الأصل في الشروط اعتبارها ما أمكن و إذا كان القيد مفيدا كان يمكن الاعتبار فيعتبر لقول النبي عليه أفضل الصلاة و السلام : [ المسلمون عند شروطهم ] فيتقيد بالمذكور و يبقى مطلقا فيما وراءه على الأصل المعهود في المطلق إذا قيد ببعض المذكور إنه يبقى مطلقا فيما وراءه كالعام إذا خص منه بعضه إنه يبقى عاما فيما وراءه و إن لم يكن مفيدا لا يثبت بل يبقى مطلقا لأن ما لا فائدة فيه يلغو و يلحق بالعدم .
إذا عرفنا هذا فنقول : إذا دفع رجل إلى رجل مالا مضاربة على أن يعمل به في الكوفة فليس له أن يعمل في غير الكوفة لأن قوله على أن من ألفاظ الشرط و إنه شرط مفيد لأن الأماكن تختلف بالرخص و الغلاء و كذا في السفر خطر فيعتبر .
و حقيقة الفقه في ذلك أن الأذى كان عدما و إنما يحدث بالعقد فيبقى فيما وراء ما تناوله العقد على أصل العدم و كذا لا يعطيها بضاعة لمن يخرج بها من الكوفة لأنه إذا لم يملك الإخراج بنفسه فلأن لا يملك الأمر بذلك أولى و إن أخرجها من الكوفة فإن اشترى بها و باع ضمن لأنه تصرف لا على الوجه المأذون فصار فيه مخالفا فيضمن و كأن المشتري لنفسه له ربحه و عليه وضيعته لكن لا يطيب له الربح عند أبي حنيفة و محمد و عند أبي يوسف يطيب و إن لم يشتر بها شيئا حتى ردها إلى الكوفة برئ من الضمان و رجع المال مضاربة على حاله لأنه عاد إلى الوفاق قبل تقرر الخلاف فيبرأ عن الضمان كالمودع إذا خالف ثم عاد إلى الوفاق .
و لو لم يرده حتى هلك قبل التصرف لا ضمان عليه لأنه لما لم يتصرف لم يتقرر الخلاف فلا يضمن .
و لو اشترى ببعضه و رد بعضه فما اشتراه فهو له و ما رد رجع على المضاربة لأنه تقرر الخلاف في القدر المشترى و زال عن القدر المردود و لو دفع إليه على أن يعمل في سوق الكوفة فعمل في [ الكوفة ] في غير سوقها فهو جائز على المضاربة استحسانا و القياس أن لا يجوز .
وجه القياس : أنه شرط عليه العمل في مكان معين فلا يجوز في غيره كما لو شرط ذلك في بلد معين .
وجه الاستحسان : أن التقييد بسوق الكوفة غير مفيد لأن البلد الواحد بمنزلة بقعة واحدة فلا فائدة في التعليق بهذا الشرط فيلغو الشرط .
و لو قال له : اعمل به في سوق [ الكوفة ] أو لا تعمل به إلا في سوق الكوفة فعمل في غير سوق الكوفة يضمن لأن قوله لا تعمل إلا في سوق الكوفة حجر له فلا يجوز تصرفه بعد الحجر و في الفصل الأول ما حجر عليه بل شرط عليه أن يكون عمله في السوق و الشرط غير مفيد فلغا .
و لو قال له : خذ هذا المال تعمل به في الكوفة لم يجز له العمل في غيرها لأن في كلمة ظرف فقد جعل الكوفة ظرفا للتصرف الذي أذن له فيه فلو جاز في غيرها لم تكن الكوفة ظرفا لتصرفه و كذلك إذا قال له : فاعمل به في الكوفة لما قلنا و لأن الفاء من حروف التعليق فتوجب تعلق ما قبلها بما بعدها و إنما يتعلق إذا لم يجز التصرف في غيرها .
و كذلك إذا قال : خذ هذا المال بالتصرف بالكوفة لأن الباء حرف إلصاق فتقتضي التصاق الصفة بالموصوف و هذا يمنع جواز التصرف في غيرها و لو قال : خذ هذا المال مضاربة و اعمل به في الكوفة فله أن يعمله بالكوفة و حيث ما بدا له لأن قوله خذ هذا المال مضاربة إذن له في التصرف مطلقا و قوله : و اعمل به في الكوفة إذن له بالعمل في الكوفة فكان له أن يعمل في أي موضع شاء كمن قال لغيره : أعتق عبدا من عبيدي ثم قال له : أعتق عبدي سالما أن له أن يعتق أي عبد شاء و لا يتقيد التوكيل بإعتاق سالم كذا هذا إذ المضاربة توكيل بالشراء و البيع و لو قال : خذ هذا المال مضاربة إلى سنة جازت المضاربة عندنا و قال الشافعي C : المضاربة فاسدة .
وجه قوله : أنه إذا وقت للمضاربة وقتا فيحتمل أنه لا يجوز كونها في الوقت فلا يفيد العقد فائدة .
و لنا : أن المضاربة توكيل و التوكيل يحتمل التخصيص بوقت دون وقت و ذكر الطحاوي و قال : لم يجز عند أصحابنا توقيت المضاربة و قياس قولهم في الوكالة إنها لا تختص بالوقت لأنهم قالوا : لو وكل رجلا ببيع عبده اليوم فباعه غدا جاز كالوكالة المطلقة و ما قاله ليس بسديد لأنهم قالوا في الوكيل إذا قيل له : بعه اليوم و لا تبعه غدا جاز ذلك و لم يكن له أن يبيعه غدا و كذا إذا قيل له : على أن تبيعه اليوم دون غد .
و لو قال : خذ هذا المال مضاربة بالنصف على أن يشتري به الطعام أو قال : فاشتري به طعام أو قال : تشتري به الطعام أو قال : خذ هذا المال مضاربة بالنصف في الطعام فذلك كله سواء و ليس له أن يشتري سوى الطعام بالإجماع لما ذكرنا على أن [ أن ] للشرط و الأصل في الشرط المذكور في الكلام اعتباره و الفاء لتعليق ما قبلها بما بعدها .
و قوله يشتري به الطعام تفسير التصرف المأذون به : و قوله : في الطعام ففي كلمة ظرف فإذا دخلت على ما لا يصلح ظرفا تصير بمعنى الشرط و كل ذلك يقتضي التقييد بالشرط المذكور و إنه شرط مفيد لأنه بعض أنواع التجارة يكون أقرب إلى المقصود من بعض و كذا الناس مختلفون في ذلك فقد يهدي الإنسان إلى بعض التجارة دون بعض فكان الشرط مفيدا فيتقيد به و لا يملك أن يشتري غير الطعام و الطعام هو الحنطة و دقيقها إذ لا يراد به كل ما يتطعم بل البعض دون البعض و الأمر يختلف عادة البلدان فاسم الطعام في عرفهم لا ينطلق إلا على الحنطة و دقيقها و كذلك لو ذكر جنسا آخر بأن قال له : خذ هذا المال مضاربة بالنصف على أن تشتري به الدقيق أو الخبز أو البر أو غير ذلك ليس له أن يعمل من غير ذلك الجنس بلا خلاف لكن له أن يشتري ذلك الجنس في المصر و غيره و أن يبضع فيه و أن يعمل فيه جميع ما يعمله المضارب في المضاربة المطلقة لما ذكرنا أن اللفظ المطلق إذا قيد ببعض الأشياء يبقى على إطلاقه فيما وراءه .
و قال ابن سماعة : سمعت محمدا قال في رجل دفع إلى رجل مالا مضاربة فقال له : إن اشتريت به الحنطة فلك من الربح النصف و لي النصف و إن اشتريت به الدقيق فلك الثلث و لي الثلثان فقال : هذا جائز و له أن يشتري أي ذلك شاء على ما سمى له رب المال لأنه خيره بين عملين مختلفين فيجوز كما لو خير الخياط بين الخياطة الرومية و الفارسية .
و لو دفع إليه على أنه إن عمل في المصر فله ثلث الربح و إن سافر فله النصف جاز و الربح بينهما على ما شرطا إن عمل في المصر فله الثلث و إن سافر فله النصف و لو اشترى في المصر و باع في السفر او اشترى في السفر و باع في المصر فقد روى عن محمد أنه قال : المضاربة في هذا على الشراء فإن اشترى في المصر فما ربح في ذلك المتاع فهو على ما شرط في المصر سواء باعه في المصر أو في غيره لأن المضارب إنما يستحق الربح بالعمل و العمل يحصل بالشراء فإذا اشترى في المصر تعين أحد العملين فلا يتغير بالسفر و إن عمل ببعض المال في السفر و بالبعض في الحضر فربح كل واحد من المالين على ما شرط و لو قال له : على أن تشتري من فلان و تبيع منه جاز عندنا و هو على فلان خاصة ليس له أن يشتري و يبيع من غيره .
و قال الشافعي C : المضاربة فاسدة لأن في تعيين الشخص تضييق طريق الوصول إلى المقصود من التصرف و هو الربح و تغيير مقتضى العقد لأن مقتضى العقد التصرف مع من شاء .
و لنا : أن هذا شرط مفيد لاختلاف الناس في الثقة و الأمانة لأن الشراء من بعض الناس قد يكون أربح لكونه أسهل في البيع و قد يكون أوثق على المال فكان التقييد بنوع دون نوع و قوله التعيين يغير مقتضى العقد قلنا : ليس كذلك بل هو مباشرة العقد مفيدا من الابتداء و إنه قيد مفيد فوجب اعتباره .
و لو قال : على أن تشتري بها من أهل الكوفة و تبيع فاشترى و باع من رجال الكوفة من غير أهلها فهو جائز لأن هذا الشرط لا يفيد إلا ترك السفر كأنه قال : على أن تشتري ممن بالكوفة و كذلك إذا دفع إليه مالا مضاربة في الصرف على أن يشتري من الصيارفة و يبيع كان له أن يشتري من غير الصيارفة ما بدا له من الصرف لأن التقييد بالصيارفة لا يفيد إلا تخصيص البلد أو النوع فإذا حصل ذلك من صيرفي أو غيره فهو سواء .
و لو دفع إليه مالا مضاربة ثم قال له بعد ذلك : اشتر به البز و بع فله أن يشتري البز و غيره لأنه أذن بالشراء مطلقا ثم أمره بشراء البز فكان له أن يشتري ما شاء و هذا كقوله خذ هذا المال مضاربة و اعمل به بالكوفة إلا أن هناك القيد مقارن و ههنا متراخ و قد ذكرناه .
و ذكر القدوري C : أن هذا محمول على أنه نهاه بعد الشراء و الحكم في التقيد الطارىء على مطلق العقد أنه إن كان ذلك قبل الشراء يعمل و إن كان بعدما اشترى به لا يعمل إلى أن يبيعه بمال عين فيعمل التقييد عند ذلك حتى لا يجوز أن يشتري إلا ما قال .
و لو دفع إليه مالا مضاربة على أن يبيع و يشتري بالقيد فليس له أن يشتري و يبيع إلا بالنقد لأن هذا التقييد مفيد فيتقيد بالمذكور .
و لو قال له : بع بنسيئة و لا تبع بالنقد فباع بالنقد جاز لأن النقد أنفع من النسيئة فلم يكن بها مفيدا فلا يثبت القيد و صار كما لو قال للوكيل : بع بعشرة فباع بأكثر منها جاز كذا هذا .
و أما الذي يرجع إلى عمل رب المال مما له أن يعمله و ما ليس له أن يعمله فقد قال أصحابنا : إذا باع رب المال مال المضاربة بمثل قيمته أو أكثر جاز بيعه و إذا باع بأقل من قيمته لم يجز إلا أن يجيزه المضارب سواء باع بأقل من قيمته مما لا يتغابن الناس فيه أو مما يتغابن الناس فيه لأن جواز بيع رب المال من طريق الإعانة للمضارب و ليس من الإعانة إدخال النقص عليه بل هو استهلاك فلا يتحمل قل أو كثر و على هذا لو كان المضارب اثنين فباع أحدهما بإذن رب المال لم يجز أن يبيعه إلا بمثل القيمة او أكثر إلا أن يجيزه المضارب الآخر لأن أحد المضاربين لا ينفرد بالتصرف بنفس العقد بل بإذن رب المال و هو لا يملك التصرف بنفسه إذا كان فيه غبن فلا يملك الأمر به و إذا اشترى المضارب بمال المضاربة متاعا و فيه فضل أو فضل فيه فأراد رب المال بيع ذلك فأبى المضارب و أراد إمساكه حتى يجد ربحا فإن المضارب يجبر على بيعه إلا أن يشاء أن يدفعه إلى رب المال لأن منع المالك عن تنفيذ إرادته في ملكه لحق يحتمل الثبوت و العدم و هو الربح لا سبيل إليه و لكن يقال له : إن اردت الإمساك فرد عليه ماله و إن كان فيه ربح يقال له : ادفع إليه رأس المال و حصته من الربح و يسلم المتاع إليك .
و لو أخذ رجل مالا ليعمل لأجل ابنه مضاربة فإن كان الإبن صغيرا لا يعقل البيع فالمضاربة للأب و لا شيء للابن من الربح لأن الربح في باب المضاربة يستحق بالمال أو بالعمل و ليس للابن واحد منهما فإن كان الابن يقدر على العمل فالمضاربة للابن و الربح له إن عمل فإن عمل الأب بأمر الابن فهو متطوع و إن عمل بغير أمره صار بمنزلة الغاصب لأنه ليس له أن يعمل فيه بغير إذن فصار كالأجنبي .
و قد قالوا في المضارب إذا اشترى جارية : فليس لرب المال أن يطأها سواء كان فيه ربح أو لم يكن أما إذا كان فيه ربح فلا شك فيه لأن للمضارب فيه ملكا و لا يجوز وطء الجارية المشتركة و إن لم يكن فيها ربح فللمضارب فيها حق يشبه الملك بدليل أن رب المال لا يملك منعه من التصرف و لو مات كان للمضارب أن يبيعها فصارت كالجارية المشتركة .
و يجوز شراء رب المال من المضارب و شراء المضارب من رب المال و إن لم يكن في المضاربة ربح في قول أصحابنا الثلاثة