حال المفقود .
فصل : و أما حال المفقود فعبارة مشايخنا رحمهم الله عن حاله أنه حي في حق نفسه ميت في حق غيره و الشخص الواحد لا يكون حيا و ميتا حقيقة لما فيه من الاستحالة و لكن معنى هذه العبارة أنه تجري عليه أحكام الأحياء فيما كان له فلا يورث ماله و لا تبين امرأته كأنه حي حقيقة و تجري عليه أحكام الأموات فيما لم يكن له فلا يرث أحدا كأنه ميت حقيقة لأن الثابت باستصحاب الحال يصلح لإبقاء ما كان على ما كان و لا يصلح لإثبات ما لم يكن و ملكه في أحكام أمواله و نسائه أمر قد كان و استصحبنا حال الحياة لإبقائه و أما ملكه في مال غيره فأمر لم يكن فتقع الحاجة إلى الإثبات و استصحاب الحال لا يصلح حجة لإثبات ما لم يكن .
و تحقيق العبارة عن حاله أن حاله غير معلوم يحتمل أنه حي و يحتمل أنه ميت و هذا يمنع التوارث و البينونة لأنه إن كان حيا يرث أقاربه و لا يرثونه و لا تبين امرأته و إن كان ميتا لا يرث أقاربه و يرثونه و الإرث من الجانبين أمر لم يكن ثابتا بيقين فوقع الشك في ثبوته فلا يثبت بالشك و الاحتمال و كذلك البينونة على الأصل المعهود في الثابت بيقين لا يزول بالشك و غير الثابت بيقين لا يثبت بالشك .
فإذا مات واحد من أقاربه يوقف نصيبه إلى أن يظهر حاله أنه حي أم ميت لاحتمال الحياة و الموت للحال حتى إن من هلك و ترك ابنا مفقودا و ابنتين و ابن و طلبت الابنتان الميراث فإن القاضي يقضي لهما بالنصف و يوقف النصف الثاني إلى أن يظهر حاله لأنه إن كان حيا كان له النصف و النصف للابنتين و لا شيء لابن الابن و إن كان ميتا كان للابنتين الثلثان و الباقي لابن الابن فكان استحقاق النصف للابنتين ثابتا بيقين فيدفع ذلك إليهما و يوقف النصف الآخر إلى أن يظهر حاله ـ فإن لم يظهر حتى مضت المدة التي يعرف فيها موته يدفع الثلثان إليهما و الباقي لابن الابن و كذا لو أوصى له بشيء يوقف و كذا إذا فقد المرتد و لا يدري أنه لحق بدار الحرب أم لا توقف تركته كالمسلم