كتاب العارية .
الكلام في هذا الكتاب يقع في مواضع : في بيان ركن العارية و في بيان شرائط الركن و في بيان حكم العقد و في بيان ما يملكه المستعير من التصرف في المستعار و ما لا يملكه و في بيان صفة الحكم و في بيان حال المستعار و في بيان ما يوجب تغير حاله أما ركنها فهو الإيجاب من المعير و أما القبول من المستعير فليس يركن عند أصحابنا الثلاثة استحسانا و القياس أن يكون ركنا وهو قول زفر كما في الهبة حتى إن من حلف لا يعير فلانا فأعاره و لم يقبل يحنث كما حلف لا يهب فلانا شيئا فوهبه و لم يقبل و هو مسألة كتاب الهبة و الإيجاب هو أن يقول : أعرتك هذا الشيء أو منحتك هذا الثوب أو هذه الدار أو أطمعتك هذه الأرض أو هذه الأرض لك طعمة أو أخدمتك هذا العبد أو هذا العبد لك خدمة أو حملتك على هذه الدابة إذا لم ينو به الهبة أو داري لك سكنى أو داري لك عمرى سكنى أما لفظ الإعارة فصريح في بابها و أما المنحة فهي اسم للعطية التي ينتفع الإنسان بها زمنا ثم يردها على صاحبها و هو معنى العارية .
قال النبي عليه السلام : [ المنحة مردودة و منحه الأرض زراعتها ] قال النبي E : [ ازرعها أو امنحها أخاك ] و كذا الإطعام المضاف إلى الأرض هو إطعام منافعها التي تحصل منها بالزراعة من غير عوض عرفا و عادة و هو معنى العارية .
و أما إخدام العبد إياه فجعل خدمته بغير عوض و هو تفسير العارية و كذا قوله داري لك سكنى أو عمرى سكنى هو جعل سكنى الدار له من غير عوض و سكنى الدار منفعتها المطلوبة منها عادة فقد أتى بمعنى الإعارة و أما قوله : حملتك على هذه الدابة فإنه يحتمل الإعارة و الهبة فأي ذلك نوى فهو على ما نوى لأنه نوى ما يحتمل لفظه و عند الإطلاق ينصرف إلى العارية لأنها أدنى فكان الحمل عليها أولى و لو قال : داري لك رقبى أو حبس فهو عارية عند أبي حنيفة و محمد و عند أبي يوسف : هبة و قوله رقبى أو حبس باطل و هي مسألة كتاب الهبة