بيان مايلزم الشاهد بتحمل الشهادة .
فصل : و أما بيان مايلزم الشاهد بتحمل الشهادة فالذي يلزمه أداء الشهادة لله سبحانه و تعالى فيما سوى أسباب الحدود لقوله تعالى : { و أقيموا الشهادة لله } و قوله عز شأنه : { كونوا قوامين بالقسط شهداء لله } إلا أن في الشهادة القائمة على حقوق العباد و أسبابها لا بد من طلب المشهود له لوجوب الداء فإذا طلب وجب عليه لأداء حتى لو امتنع بعد الطلب يأثم لقوله تعالى : { و لا يأب الشهداء إذا ما دعوا } أي دعوا لأداء الشهادة لأن الشهادة أمانة المشهود له في ذمة الشاهد و قال سبحانه تعالى : و { فليؤد الذي اؤتمن أمانته } و قال تعالى جل شأنه : { إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها } .
و أما في حقوق الله تبارك و تعالى و فيما سوى أسباب الحدود نحو طلاق امرأة و إعتاق عبد و الظهار و الإبلاء و نحوها من أسباب الحرمات تلزمه الإقامة حسبه لله تبارك و تعالى عند الحاجة إلى الإقامة من غير طلب من أحد من العباد و أما في أسباب الحدود من الزنا و السرقة و شرب و الخمر و القذف فهو مخير بين أن يشهد حسبه الله تعالى و بين أن يستر لأن كل واحد منهما أمر مندوب إليه قال الله تبارك و تعالى : { و أقيموا الشهادة لله } و قال عليه الصلاة و السلام : [ من ستر على مسلم ستر الله عليه في الدنيا و الآخرة ] و قد ندبه الشرع إلى كل واحد منهما إن شاء اختار جهة الحسبة فأقامها الله تعالى و إن شاء اختار جهة الستر فيستر على أخيه المسلم