حكم الضمان .
هذا حكم الحد فأما حكم الضمان فلا ضمان إذا كان رجوعه قبل القضاء أو بعده قبل الإمضاء لما قلنا .
و أما بعد الإمضاء فإن كان الحد جلدا فلا شيء على الراجع من أرش السياط و لا من الدية إن مات عند أبي حنيفة C : و عندهما يجب و إن كان رجما غرم الراجع ربع الدية لأن الثلاثة يحفظون ثلاثة أرباع الدية فكان التالف بشهادة الربع .
هذا إذا كان شهود الزنا أربعة فأما إذا كانوا خمسة فرجع واحد منهم فإن القاضي يقيم الحد على المشهود عليه بما بقي من الشهود لأن الأربعة نصاب تام يحفظون الحد على المشهود عليه .
و إن أمضى الحد ثم رجع اثنان ضمنا ربع الدية إن مات المرجوم لأن الثلاثة قاموا بثلاثة أرباع الحق فكان التالف بشهادتهما الربع فيضمنانه و إن لم يمت فليس عليهما أرش للضرب عند أبي حنيفة و عندهما يجب و قد تقدمت المسألة و الثاني وجوب التعزير في عموم الشهادات سوى الشهادة على الزنا بأن تعمد شهادة الزور و ظهر عند القاضي بإقراره لأن قول الزور جناية ليس فيها سوى القذف حد .
مقدر فتوجب التعزير بلا خلاف بين أصحابنا و إنما اختلفوا في كيفية التعزير .
قال أبو حنيفة عليه الرحمة : تعزير تشهير فينادى عليه في سوقه او مسجد حيه و يحذر الناس منه فيقال : هذا شاهد الزور فاحذروه .
و قال أبي يوسف و محمد رحمهما الله كان يضم إليه ضرب أسواط هذا إذا تاب فأما إذا لم يتب و أصر على ذلك بأن قال : إني شهدت بالزور و أنا على ذلك قائم فإنه يعزر بالضرب بالإجماع .
احتجا بما روى عن سيدنا عمر بن الخطاب Bه : أنه ضرب شاهد الزور و سخم وجهه و لأن قول الزور من أكبر الكبائر و ليس إليه فيما سوى القذف بالزنا حد مقدر فيحتاج إلى أبلغ الزواجر .
و لأبي حنيفة C : ما روى ان شريحا كان شاهد الزور و لا يعزره و كان لا تخفى قضاياه على أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم رضوان الله تعالى عليهم و لم ينقل انه أنكر عليه منكر لأن الكلام فيمن أقر أنه شهد بزور نادما على ما فعل لا مصرا عليه و الندم توبة على لسان رسول الله صلى الله عليه و سلم و التائب لا يستوجب الضرب حتى لو كان مصرا على ذلك يضرب و فعل سيدنا عمر Bه محمول عليه توفيقا بين الدلائل و الله أعلم