الصلاة بمكة .
و يخرج على ما ذكرنا الصلاة بمكة خارج الكعبة أنه إن كان في حال مشاهدة الكعبة لا تجوز صلاته إلا إلى عين الكعبة لأن قبلته حالة المشاهدة عين الكعبة بالنص و يجوز إلى أي الجهات من الكعبة شاء بعد أن كان مستقبلا لجزء منها لوجود تولية الوجه شطر الكعبة .
فإن صلى منحرفا عن الكعبة غير مواجه لشيء منها لم يجز لأنه ترك التوجه إلى قبلته مع القدرة عليه و شرائط الصلاة لا تسقط من غير عذر .
ثم إن صلوا بجماعة لا يخلو أما إن صلوا متحلقين حول الكعبة صفا بعد صف و أما إن صلوا إلى جهة واحدة منها مصطفين فإن صلوا إلى جهة واحدة جازت صلاتهم إذا كان كل واحد منهم مستقبلا جزأ من الكعبة و لا يجوز لهم أن يصطفوا زيادة على حائط الكعبة و لو فعلوا ذلك لا تجوز صلاة من جاوز الحائط لأن الواجب حالة المشاهدة استقبال عينها و إن صلوا حول الكعبة متحلقين جاز لأن الصلاة بمكة تؤدى و هكذا من لدن رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى يومنا هذا و الأفضل للإمام أن يقف في مقام إبراهيم صلوات الله عليه ثم صلاة الكل جائزة سواء كانوا أقرب إلى الكعبة من الإمام أو أبعد إلا صلاة من كان أقرب إلى الكعبة من الإمام في الجهة التي يصلي الإمام إليها بأن كان متقدما على الإمام بحذائه فيكون ظهره إلى وجه الإمام أو كان على يمين الإمام أو يساره متقدما عليه من تلك الجهة و يكون ظهره إلى الصف الذي مع الإمام و وجهه إلى الكعبة لأنه إذا كان متقدما على إمامه فلا يكون تابعا له فلا يصح اقتداؤه به بخلاف ما إذا كان أقرب إلى الكعبة من الإمام من غير الجهة التي صلى إليها الإمام لأنه في حكم المقابل للإمام و المقابل لغيره يصلح أن يكون .
تابعا له بخلاف المتقدم عليه و على هذا إذا قامت امرأة بجنب الإمام في الجهة التي يصلي إليها الإمام و نوى الإمام إمامتها فسدت صلاة الإمام لوجود المحاذاة في صلاة مطلقة مشتركة و فسدت صلاة القوم بفساد صلاة الإمام و لو قامت في .
الصف في غير جهة الإمام لا تفسد صلاة الإمام لأنها في الحكم كأنها خلف الإمام و فسدت صلاة من على يمينها و يسارها و من كان خلفها على ما يذكر في موضعه و لو كانت الكعبة منهدمة فتحلق الناس حول أرض الكعبة و صلوا هكذا أو صلى منفردا متوجها إلى جزء منها جاز .
و قال الشافعي : لا يجوز إلا إذا كان بين يديه سترة .
وجه قوله : أن الواجب استقبال البيت و البيت اسم للبقعة و البناء جميعا إلا إذا كان بين يديه سترة لأنها من توابع البيت فيكون مستقبلا لجزء من البيت معنى .
و لنا : إجماع الأمة فإن الناس كانوا يصلون إلى البقعة حين رفع البناء في عهد ابن الزبير حين بنى البيت على قواعد الخليل صلوات الله عليه و في عهد الحجاج حين أعاده إلى ما كان عليه في الجاهلية و كانت صلاتهم مقضية بالجواز و به تبين أن الكعبة اسم للبقعة سواء كان ثمة بناء أو لم يكن و قد وجد .
التوجه إليها إلا أنه يكره ترك اتخاذ السترة لما فيه من استقبال الصورة و قد نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن ذلك في ا لصلاة .
و روي أنه لما رفع البناء في عهد ابن الزبير أمر ابن عباس بتعليق الأنطاع في تلك البقعة ليكون ذلك بمنزلة السترة لهم و على هذا إذا صلى على سطح الكعبة جازت صلاته عندنا و إن لم يكن بين يديه سترة .
و عند الشافعي : لا تجزيه بدون السترة .
و الصحيح قولنا لما ذكرنا أن الكعبة اسم للعرصة و لأن البناء لا حرمة له لنفسه بدليل أنه لو نقل إلى عرصة أخرى و صلى إليها لا يجوز بل كانت حرمته لاتصاله بالعرصة المحترمة .
و الدليل عليه أن من صلى على جبل أبي قبيس جازت صلاته بالإجماع و معلوم أنه لا يصلي إلى البناء بل إلى الهواء دل أن العبرة للعرصة و الهواء دون البناء هذا إذا صلوا خارج الكعبة فأما إذا صلوا في جوف الكعبة فالصلاة في جوف الكعبة جائزة عند عامة العلماء نافلة كانت أو مكتوبة