الجزء الأول من ما يرجع إلى المسروق منه .
فصل : و أما ما يرجع إلى المسروق فأنواع : منها أن يكون مالا مطلقا لا قصور في ماليته و لا شبهة و هو أن يكون مما يتموله الناس و يعدونه مالا لأن ذلك يشعر بعزته و خطره عندهم و ما لا يتمولونه فهو تافه حقير و قد روي عن سيدتنا عائشة Bها أنها قالت : [ لم تكن اليد تقطع على عهد رسول الله رسول الله صلى الله عليه و سلم في الشيء التافه ] .
و هذا منها بيان شرع متقرر و لأن التفاهة تخل في الحرز لأن التافه لا يحرز عادة أو لا يحرز إحراز الخطر و الحرز المطلق شرط على ما نذكر و كذا تخل في الركن و هو الأخذ على سبيل الاستخفاء لأن أخذ التافه مما لا يستخفى منه فيتمكن الخلل و الشبهة في الركن و الشبهة في باب الحدود ملحقة بالحقيقة و يخرج على هذا مسائل : إذا سرق صبيا لا يقطع لأن الحر ليس بمال و لو سرق صبيا عبدا لا يتكلم و لا يعقل يقطع في قول أبي حنيفة و روي عن أبو يوسف C لا يقطع .
و وجهه : أن العبد ليس بمال محض بل هو مال من وجه آدمي من وجه فكان محل السرقة من وجه دون وجه فلا تثبيت المحلية بالشك فلا يقطع كالصبي العاقل و لنا : أنه مال من كل وجه لوجود معنى المالية فيه على الكمال و لا يد له على نفسه فيتحقق ركن السرقة كالبهيمة و كونه آدميا لا ينفي كونه مالا فهو آدمي من كل وجه و مال من كل وجه لعدم التنافي فيتعلق القطع بسرقته من حيث إنه مال لا من حيث إنه آدمي بخلاف العاقل لأنه و إن كان مالا من كل وجه لكنه في يد نفسه فلا يتصور ثبوت يد غيره عليه للتنافي فلا يتحقق فيه ركن السرقة و هو الأخذ .
و لو سرق ميتة أو جلد ميتة لم يقطع لانعدام المال و لا يقطع في التبن و الحشيش و القصب و الحطب لأن الناس لا يتمولون هذه الأشياء و لا يضنون بها لعدم عزتها و قلة خطرها عندهم بل يعدون الضنة بها من باب الخساسة فكانت تافهة و لا قطع في التراب و الطين و الجص و اللبن و النورة و الآجر و الفخار و الزجاج لتفاهتها .
فرق بين التراب و بين الخشب حيث سوى بين المعمول منه و غير المعمول و فرق في الخشب لأن الصنعة في الخشب أخرجته عن حد التفاهة و الصنعة في التراب لم تخرجه عن كونه تافها يعرف ذلك بالرجوع إلى عرف الناس و عاداتهم .
و من أصحابنا من فصل في الجواب في الزجاج بين المعمول و غير المعمول كما في الخشب و منهم من سوى بينهما و هو الصحيح لأن الزجاج بالعمل لم يخرج عن حد التفاهة لأنه يتسارع إليه الكسر بخلاف الخشب و لا يقطع في الخشب إلا إذا كان معمولا بأن صنع منه أبوابا أو آنية و نحو ما خلا الساج و القنا و الأبنوس و الصندل لأن غير المصنوع من الخشب لا يتمول عادة فكان تافها و بالصنعة يخرج عن التفاهة فيتمول و أما الساج و الأبنوس و الصندل فأموال لها عزة و خطر عند الناس فكانت أموالا مطلقة .
و أما العاج فقد ذكر محمد : أنه لا يقطع إلا في المعمول منه و قيل : هذا الجواب في العاج الذي هو من عظم الجمل فلا يقطع إلا في المعمول منه لأنه لا يتمول لتفاهته و يقطع في المعمول لخروجه عن حد التفاهة بالصنعة كالخشب المعمول .
فأما ما هو من عظم الفيل فلا يقطع فيه أصلا سواء كان معمولا لأن الفقهاء اختلفوا في ماليته حتى حرم بعضهم بيعه و الانتفاع به فأوجب ذلك قصورا في المالية و لا قطع في قصب النشاب فإن اتخذ منه نشابا قطع لما قلنا في الخشب و لا قطع في القرون و معمولة كانت أو غير معمولة .
و قال أبو يوسف : إن كانت معمولة و هي تساوي عشرة دراهم قطع قيل : إن اختلاف الجواب لاختلاف الموضوع فموضوع المسألة على قول أبي حنيفة C في قرون الميتة لأنها ليست بمال مطلق لاختلاف الفقهاء في ماليتها وجواب أبو يوسف C في قرون المذكى فلم يوجب القطع في غير المعمول منها لأنها من أجزاء الحيوان و أوجب في المعمول كما في الخشب المعمول و عن محمد في جلود السباع المدبوغة أنه لا قطع فيها فإن جعلت مصلاة أو بساطا قطع لأن غير المعمول منها من أجزاء الصيد و لا قطع في الصيد فكذا في أجزائه و بالصنعة صارت شيئا آخر فأشبه الخشب المصنوع و هذا يدل على أن محمدا لم يعتد بخلاف من يقول من الفقهاء إن جلود السباع لا تطهر بالذكاة و لا بالدباغ و لا قطع في البواري لأنها تافهة لتفاحة أصلها و هو القصب و لا قطع في سرقة كلب و لا فهد و لا في سرقة الملاهي من الطبل و الدف و المزمار و نحوها لأن هذه الأشياء مما لا يتمول أو في ماليتها قصور ألا ترى أنه لا ضمان على كاسر الملاهي عند أبي يوسف و محمد و لا على قاتل الكلب و الفهد عند بعض الفقهاء .
و لو سرق مصحفا أو صحيفة فيها حديث أو عربية أو شعر فلا قطع و قال أبو يوسف يقطع إذا كان يساوي عشرة دراهم لأن الناس يدخرونها و يعدونها من نفائس الأموال .
و لنا : أن المصحف الكريم يدخر لا للتمول بل للقراءة و الوقوف على ما يتعلق به مصلحة الدين و الدنيا و العمل به و كذلك صحيفة الحديث و صحيفة العربية و الشعر يقصد بها معرفة الأمثال و الحكم لا التمول .
و أما دفاتر الحساب ففيها القطع إذا بلغت قيمتها نصابا لأن ما فيها لا يصلح مقصودا بالأخذ فكان المقصود هو قدر البياض من الكاغد و كذلك للدفاتر البيض إذا نصابا لما قلنا .
و على هذا يخرج ما قال أبي حنيفة و محمد رحمهما الله : إن كل ما يوجد جنسه تافها مباحا في دار الإسلام فلا قطع فيه لأن كل ما كان كذلك فلا عز له و لا خطر فلا يتموله الناس فكان تافها و الاعتماد على معنى التفاهة دون الإباحة لما نذكر إن شاء الله تعالى .
و عن أبي حنيفة أنه لا قطع في عفص و لا إهليج و لا أشنان و لا فحم لأن هذه الأشياء مباحة الجنس في دار الإسلام و هي تافهة و روي عن أبي يوسف أنه لا يقطع في العفص و الإهليلج و الأدوية اليابسة و لا قطع في طير و لا صيد وحشيا كان أو غيره لأن الطير لا يتمول عادة و قد روي عن سيدنا عثمان و سيدنا علي Bهما أنهما قالا : [ لا قطع في الطير ] ولم ينقل عن غيرهما خلاف ذلك فيكون إجماعا و كذلك ما علم من الجوارح فصار صبودا فلا قطع على سراقة لأنه و إن علم فلا يعد مالا و على هذا يخرج النياش أنه لا يقطع فيما أخذ من القبور في قولهما و قال أبو يوسف : يقطع .
وجه قوله : أنه أخذ مالا من حرز مثله فيقطع كما لو أخذ من البيت و لهما : أن الكفن ليس بمال لأنه لا يتمول بحال لأن الطباع السليمة تنفر عنه أشد النفار فكان تافها و لئن كان مالا ففي ماليته قصور لأنه ما ينتفع بلباس الحي و القصور فوق الشبه ثم الشبهة تنفي وجوب الحد فالقصور أولى روى الزهري أنه قال : [ أخذ نباش في زمن مروان بالمدينة فأجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم و هم متوافرون أنه لا يقطع ] .
و على هذا يخرج سرقة ما لا يحتمل الادخار و لا يبقى من سنة إلى سنة بل يتسارع إليه الفساد أنه لا قطع فيه لأن ما لا يحتمل الادخار لا يعد مالا فلا في سرقة الطعام الرطب و البقول و الفواكه الرطبة في قولهما و عند أبو يوسف يقطع .
وجه قوله : أنه مال منتفع به حقيقة مباح الانتفاع به شرعا على الإطلاق فكان مالا فيقطع كما في سائر الأموال و لهما : أن هذه الأشياء مما لا يتمول عادة و إن كانت صالحة للانتفاع بها في الحال لأنها لا تحتمل الادخار و الإمساك إلى زمان حدوث الحوائج في المستقبل فقل خطرها عند الناس فكانت تافهة و لو سرق تمرا من نخل أو شجر آخر معلقا فيه فلا قطع عليه و إن كان عليه حائط استوثقوا منه و أحرزوه أو هناك حائط لأن ما على رأس النخل لا يعد مالا و لأنه ما دام على رأس الشجر لا يستحكم جفافه فيتسارع إليه الفساد .
و قد روي عن النبي عليه السلام أنه قال : [ لا قطع في ثمر و لا كثر ] قال محمد : الثمر ما كان في الشجر و الكثر الجمار فإن كان قد جذ الثمر و جعله في جرين ثم سرق فإن كان قد استحكم جفافه قطع لأنه صار مالا مطلقا قابلا للادخار و إليه أشار رسول الله صلى الله عليه و سلم حيث قال : [ لا قطع في ثمر و لا كثر ] حتى يؤويه الجرين فإذا آواه فبلغ ثمن المجن ففيه القطع لأنه لا يؤويه الجرين ما لم يستحكم جفافه عادة فإذا استحكم جفافه لا يتسارع إليه الفساد فكان مالا مطلقا .
و كذلك الحنطة إذا كانت في سنبلها فهي يمنزلة الثمر المعلق في الشجر لأن الحنطة ما دامت في السنبل لا تعد و لا يستحكم جفافها أيضا .
و أما الفاكهة اليابسة التي تبقى من سنة إلى سنة فالصحيح من الرواية عن أبي حنيفة C أنه يقطع فيما يتمول الناس إياها لقبولها الادخار فانعدم معنى التفاهة المانعة من وجوب القطع و روي عنه أنه سوى بين رطب الفاكهة و يابسها و ليست بصحيحة .
و لو سرق من الحائط نخلة بأصلها لا يقطع لأن أصل النخلة مما لا يتمول فكان تافها و روينا عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ لا قطع في ثمر و لا كثر ] و قيل في تفسير الكثر : إنه النخل الصغار و يقطع في الحناء و الوسمة لأنه لا يتسارع إليه الفساد فلم يختل معنى المالية و لا قطع في اللحم الطري و الصفيق لأنه يتسارع إليه الفساد و كذلك لا قطع في السمك طريا كان أو مالحا لأن الناس لا يعدونه مالا لتفاهته و لتسارع الفساد إلى الطري منه و لما أنه يوجد جنسه مباحا في دار الإسلام .
و لا قطع في اللبن لأنه يتسارع إليه الفساد فكان تافها و يقطع في الخل و الدبس لعدم التفاهة ألا ترى أنه لا يتسارع إليهما الفساد و لا قطع في عصير العنب و نقيع الزبيب و نبيذ التمر لأنه يتسارع إليه الفساد فكان تافها كاللبن و لا قطع في الطلاء و هو المثلث لأنه مختلف في إباحته و في كونه مالا فكان قاصرا في معنى المالية و كذلك المطبوخ أدنى طبخة من نقيع الزبيب و نبيذ التمر لاختلاف الفقهاء في أباحة شربه .
و أما المطبوخ أدنى من عصير العنب فلا شك أنه لا قطع فيه لأنه حرام فلم يكن مالا و يقطع في الذهب و الفضة لأنهما من أعز الأموال و لا تفاهة فيهما بوجه و كذلك الجواهر و اللآلئ لما قلنا .
و بهذا تبين أن التعويل في هذا الباب في منع وجوب القطع على معنى التفاهة و عدم المالية لا على إباحة الجنس لأن ذلك موجود في الذهب و الفضة و الجواهر و اللآلئ و غيرها .
و يقطع في الحبوب كلها و في الأدهان و الطيب كالعود و المسك و ما أشبه ذلك لانعدام معنى التفاهة و يقطع في الكتان و الصوف و الخز و نحو ذلك و يقطع في جميع الأواني من الصفر و الحديد و النحاس و الرصاص لما قلنا .
و كذلك لو سرق النحاس نفسه أو الحديد نفسه أو الرصاص لعزة هذه الأشياء و خطرها في أنفسها كالذهب و الفضة .
و منها أن يكون متقوما مطلقا فلا يقطع في سرقة الخمر من مسلم مسلما كان السارق أو ذميا لأنه لا قيمة للخمر في حق المسلم و كذا الذمي إذا سرق من ذمي خمرا أو خنزيرا لا يقطع لأنه و إن كان متقوما عندهم فليس بمتقوم عندنا فلم يكن متقوما على الإطلاق و لا يقطع في المباح الذي ليس بمملوك و إن كان مالا لانعدام تقومه و الله تعالى أعلم .
و منها : أن يكون مملوكا في نفسه فلا يقطع في سائر المباحات التي لا يملكها أحد و إن كانت من نفائس الأموال من الذهب و الفضة و الجواهر المستخرجة من معادنها لعدم المالك .
و على هذا أيضا يخرج النباش على أصل أبي حنيفة و محمد أنه الكفن ليس بمملوك لأنه لا يخلو إما أن يكون على ملك الميت و إما أن يكون على ملك الورثة لا سبيل إلى الأول لأن الميت ليس من أهل الملك و لا وجه للثاني ملك الوراث مؤخر عن حاجة الميت إلى الكفن كما هو مؤخر عن الدين و الوصية فلم يكن مملوكا أصلا .
و منها : أن لا يكون للسارق فيه ملك و لا تأويل الملك أو شبهته لأن المملوك أو ما فيه تأويل الملك أو الشبهة لا يحتاج فيه إلى مسارقة الأعين فلا يتحقق ركن السرقة و هو الأخذ على سبيل الاستخفاء و الاستسرار على الإطلاق و لأن القطع عقوبة السرقة قال الله في آية السرقة : { جزاء بما كسبا نكالا من الله } فسيتدعي كون الفعل جناية محضة و أخذ المملوك للسارق لا يقع جناية أصلا فالأخذ بتأويل الملك أو الشبهة لا يتمحض جناية فلا يوجب القطع .
إذا عرف هذا فنقول : لا قطع على من سرق ما أعاره من إنسان أو آجره منه لأن ملك الرقبة قائم و لا على من سرق رهنه من بيت المرتهن لأن ملك العين له و إنما الثابت للمرتهن حق الحبس لا غير .
و لو كان الرهن في يد العدل فسرقه المرتهن أو الراهن فلا قطع على واحد منهما أما الراهن فلما ذكرنا أنه ملكه فلا يجب القطع بأخذه و إن منع من الأخذ كما لا يجب الحد عليه بوطئه الجارية المرهونة و إن منع من الوطء .
و أما المرتهن فلأن يد العدل يده من وجه لأن منفعة يده عائدة إليه لأنه يمسكه لحقه فأشبه يد المودع و لا على من سرق مالا مشتركا بينه و بين المسروق منه لأن المسروق ملكهما على الشيوع فكان بعض المأخوذ ملكه فلا يجب القطع بأخذه فلا يجب بأخذ الباقي لأنه السرقة سرقة واحدة و لا على من سرق من بيت المال الخمس لأن له فيه ملكا وحقا .
و لو سرق من عبده المأذون فإن لم يكن عليه دين فلا قطع لأن كسبه خالص ملك المولى و إن كان عليه دين يحيط به و بما في يده لا يقطع أيضا .
أما على أصلها فظاهر لأن كسبه ملك المولى و على أصل أبي حنيفة C إن لم يكن ملكه فله فيه ضرب اختصاص يشبه الملك ألا ترى أنه يملك استخلاصه لنفسه بقضاء دينه من مال آخر فكان في معنى الملك و لهذا لو كان الكسب جارية لم يجز له أن يتزوجها فيورث شبهة أو نقول : إذا لم يملكه المولى و لا المأذون يملكه أيضا لأنه عبد مملوك لا يقدر على شيء و الغرماء لا يملكون أيضا فهذا مملوك لا مالك له معين فلا يجب القطع بسرقته كمال بيت المال و كمال الغنيمة .
و لو سرق من مكاتبة لم يقطع لأن كسب مكاتبته ملكه من وجه أو فيه شبهة الملك له ألا ترى أنه لو كان جارية لا يحل له أن يتزوجها و الملك من وجه أو شبهة الملك يمنع وجوب القطع مع ما أن هذا ملك موقوف على المكاتب و على مولاه في الحقيقة لأنه إن أدى تبين أنه كان ملك المولى فتبين أنه أخذ مال نفسه و إن عجز في الرق تبين أنه كان ملك المكاتب فكان الملك موقوفا للحال فيوجب شبهة فلا يجب القطع كأحد المتبايعين إذا سرق ما شرط فيه الخيار و لا قطع على من سرق من ولده لأن له في مال ولده تأويل أو شبهة الملك لقوله عليه الصلاة السلام : [ أنت و مالك لأبيك ] فظاهر الإضافة إليه بلام التمليك يقتضي ثبوت الملك له من كل وجه إلا أنه لم يثبت لدليل و لا دليل في الملك من وجه فيثبت أو يثبت لشبهة الملك و كل ذلك يمنع وجوب القطع لأنه يورث شبهة في وجوبه .
و أما السرقة من سائر ذي الرحم المحرم فلا توجب القطع أيضا لكن لفقد شرط آخر نذكره في موضعه إن شاء الله تعالى و لو دخل لص دار رجل فأخذ ثوبا فشقه في الدار نصفين ثم أخرجه و هو يساوي عشرة دراهم مشقوقا يقطع في قولهما و قال أبو يوسف C : لا يقطع و لو أخذ شاة فذبحها ثم أخرجها مذبوحة لا يقطع بالإجماع .
وجه قوله : أن السارق وجد منه سبب ثبوت الملك قبل الإخراج و هو الشق لأن ذلك سبب لوجوب الضمان و وجوب الضمان يوجب ملك المضمون من وقت وجود السبب على أصل أصحابنا و ذلك يمنع وجوب القطع و لهذا لم يقطع إذا كان المسروق شاة فذبحها ثم أخرجها كذا هذا .
و لهما : أن السرقة تمت في ملك المسروق منه فيوجب القطع و إنما قلنا ذلك لأن الثوب المشقوق لا يزول عن ملكه ما دام مختارا للعين و إنما يزول عند اختيار الضمان فقبل الاختيار كان الثوب على ملكه فصار سارقا ثوبين قيمتهما عشرة دراهم و هكذا نقول في الشاة أن السرقة تمت في ملك المسروق منه إلا أنها تمت في اللحم و لا قطع في اللحم .
و قوله : وجب الضمان عليه بالشق قلنا : قبل الاختيار تضمين السارق و سلم الثوب إليه لا يقطع لأنه عند اختيار الضمان ملكه من حين وجود الشق فتبين أنه أخرج ملك نفسه عن الحرز فلا قطع عليه .
و حكي عن الفقيه أبو جعفر الهندواني C أنه قال : موضوع المسالة أنه شق الثوب عرضا فأما لو شقه طولا فلا قطع لأنه بالشق طولا خرقه خرقا متفاحشا بالضمان .
و ذكر ابن سماعة : أن السارق إذا خرق الثوب تخريقا مستهلكا و قيمته بعد تخريقه عشرة أنه لا قطع عليه في قول أبي حنيفة و محمد C و هذا يؤيد قول الفقيه أبي جعفر الهندواني لأن التخريق إذا وقع استهلاكا أوجب استقرار الضمان و ذلك يوجب ملك المضمون و إذا لم يقع استهلاكا كان وجوب الضمان فيه موقوفا على اختيار المالك فلا يجب قبل الاختيار فلا يملك المضمون و الله تعالى أعلم .
و على هذا يخرج ما إذا سرق عشرة دراهم من غريم له عشرة أنه لا يقطع لأنه ملك المأخوذ بنفس الأخذ فصار قصاصا بحقه فلم يبق في حقه هذا المال سارقا فلا يقطع .
و لو كان المسروق من خلاف جنس حقه يقطع لأنه لا يملك بنفس الأخذ بل بالاستبدال و البيع فكان سارقا ملك غيره فيقطع كالأجنبي إلا إذا قال : أخذته لأجل حقي على ما نذكر و ههنا جنس من المسائل يمكن تخريجها إلى أصل آخر هو أولى بالتخرج عليه و سنذكره إن شاء الله تعالى بعد .
منها : أن يكون معصوما ليس للسارق فيه حق الأخذ و لا تأويل الأخذ و لا شبهة التناول لأن القطع عقوبة محضة فيستدعي جناية محضة و أخذ غير المعصوم لا يكون جناية أصلا و ما فيه تأويل التناول أو شبهة التناول لا يكون جناية محضة فلا تناسبه العقوبة المحضة و لأن ما ليس بمعصوم يؤخذ مجاهرة لا مخافتة فيتمكن الخلل في ركن السرقة .
و إذا عرف هذا فنقول : لا قطع في سائر المباحات التي لا يملكها أحد و لا في المباح المملوك و هو مال الحربي في دار الحرب .
و أما مال الحربي المستأمن في دار الإسلام فلا قطع فيه استحسانا و القياس أن يقطع وجه القياس : أنه سرق مالا معصوما لأن الحربي استفاد العصمة بالأمان بمنزلة الذمي و لهذا كان مضمونا بالإتلاف كمال الذمي .
وجه الاستحسان : أن هذا مال فيه شبهة الإباحة لأن الحربي المستأمن من أهل دار الحرب و إنما دخل دار الإسلام ليقضي بعض حوائجه ثم يعود عن قريب فكونه من أهل دار الحرب يورث شبهة الإباحة في ماله و لهذا أورث شبهة الإباحة في دمه حتى لا يقتل به المؤمن قصاصا و لأنه كان مباحا و إنما تثبت العصمة بعارض أمان هو على شرف الزوال فعند الزوال يظهر أن العصمة لم تكن على الأصل المعهود إن كل عارض على أصل إذا زال يلحق بالعدم من الأصل كأنه لم يكن فيجعل كأن العصمة لم تكن ثابتة بخلاف الذمي لأنه من أهل دار الإسلام و قد استفاد العصمة بأمان مؤيد فكان معصوم الدم و المال عصمة مطلقة ليس فيها شبهة الإباحة و بخلاف ضمان المال لأن الشبهة لا تمنع وجوب ضمان المال لأنه حق العبد و حقوق العباد لا تسقط بالشبهات و كذا لا قطع على الحربي المستأمن في سرقة مال المسلم أو الذمي عند أبي حنيفة و محمد رحمهما الله لأنه أخذه على اعتقاد الإباحة و لذا لم يلتزم أحكام الإسلام .
و عند أبو يوسف : يقطع و الخلاف فيه كالخلاف في حد الزنا و لا يقطع العادل في سرقة مال الباغي لأن ماله ليس بمعصوم في حقه كنفسه و لا الباغي في سرقة مال العادل لأنه أخذه عن تأويل و تأويله و إن كان فاسدا لكن التأويل الفاسد عند انضمام المنعة إليه ملحق بالتأويل الصحيح في منع وجوب القطع و لهذا ألحق به في حق منع وجوب القصاص و الحد و الله سبحانه و تعالى أعلم .
و على هذا تخرج السرقة من الغريم و جملة الكلام فيه : أن الأمر لا يخلو إما إن كان سرق منه من جنس حقه و إما إن كان سرق منه خلاف جنس حقه فإن سرق جنس حقه بأن سرق منه عشرة دراهم و له عليه عشرة فإن كان دينه عليه حالا لا يقطع لأن الأخذ مباح له لأنه ظفر بجنس حقه و من له الحق إذا ظفر بجنس حقه يباح أخذه و إذا أخذه يصير مستوفيا حقه .
و كذلك إذا سرق منه أكثر من مقدار حقه لأن بعض المأخوذ حقه علي للشيوع و لا قطع فيه فكذا في الباقي كما إذا سرق مالا مشتركا و إن كان دينه مؤجلا فالقياس أن يقطع و في الاستحسان لا يقطع .
وجه القياس : أن الدين إذا كان مؤجلا فليس له حق الأخذ قبل حلول الأجل ألا ترى أن للغريم أن يسترده منه فصار كما لو سرقه أجنبي .
وجه الاستحسان : أن حق الأخذ لم يثبت قبل حل الأجل فسبب ثبوت الأخذ قائم و هو الدين لأن تأثير التأجيل تأخير في المطالبة لا في سقوط الدين فقيام سبب ثبوته يورث الشبهة و إن سرق خلاف جنس حقه بان كان عليه دراهم فسرق منه دنانير أو عروضا قطع هكذا أطلق الكرخي C ذكر في كتاب السرقة : أنه إذا سرق العروض ثم قال : أخذت لأجل حقي لا يقطع فيحمل مطلق قول الكرخي على المطلق و هو ما إذا سرق و لم يقل أخذت لأجل حقي لأنه إذا لم يقل فقد أخذ مالا ليس له حق أخذه ألا ترى أنه لا يصبر قصاصا إلا بالاستبدال و التراضي و لم يتأول الأخذ أيضا فكا أخذه بغير حق و لا شبهة حق و هذا يدل على أنه لا يعيد بخلاف قول من يقول من الفقهاء : إن لصاحب الحق إذا ظفر بخلاف جنس حقه أن يأخذه لأنه قول لم يقل به أحد من السلف فلا يعتبر خلافا مؤذنا للشبهة .
و إذا قال : أخذت لأجل حقي فقد أخذه متأولا لأنه اعتبر المعنى و هي المالية لا الصورة و الأموال كلها في معنى المالية متجانسة فكان أخذا عن تأويل فلا يقطع و لو أخذ صنفا من الدراهم أجود من حقه أو أراد لم يقطع لأن المأخوذ من جنس حقه من حيث الأصل و إنما خالفه من حيث الوصف ألا يرى أنه لو رضي به يصير مستوفيا حقه و لا يكون مستبدلا حتى يجوز في الصرف و السلم مع أن الاستبدال ببدل الصرف و السلم لا يجوز و إذا كان المأخوذ من جنس حقه من حيث الأصل تثبت شبهة حق الأخذ فيلحق بالحقيقة في باب الحد كما في الدين المؤجل .
و لو سرق حليا من فضة و عليه دراهم أو حليا من ذهب و عليه دنانير يقطع لأن هذا لا يصير قصاصا من حقه إلا بالمراضاة و يكون ذلك بيعا و استبدالا فأشبه العروض و إن كان السارق قد استهلك العروض أو الحلي و وجب عليه قيمته و هو مثل الذي عليه من العين فإن هذا يقطع أيضا لأن المقاصد إنما تقع بعد الاستهلاك فلا يوجب سوى القطع .
و لو سرق مكاتب أو عبد من غريم يقطع لأنه ليس له حق بنين المولى من غير أمره فصار كالأجنبي حتى لو كان المولى و كله بقبض الدين لا يقطع لثبوت حق القبض له بالوكالة فصار كصاحب الدين و لو سرق من غريم مكاتبه أو من غريم عبده المأذون فإن لم يكن على العبد دين لم يقطع لأن ذلك ملك مولاه فكان له حق أخذه و إن كان عليه دين قطع لأنه ليس له حق القبض فصار كالأجنبي .
و لو سرق من غريم أبيه أو ولده يقطع لأنه لا حق له فيه و لا في قبضه إلا إذا كان غريم ولده الصغير فلا يقطع لأن حق القبض له كما في دين نفسه و الله تعالى أعلم .
و على هذا أيضا يخرج سرقة المصحف على أصل أبي حنيفة أنه لا قطع فيه لأن تأويل الأخذ إذ الناس لا يضنون ببذل المصاحف الشريفة لقراءة القرآن العظيم عادة فأخذه الآخذ متأولا و كذلك سرقة البربط و الطبل و المزمار و جميع آلات الملاهي لأن آخذها يتأول أنه بأخذها منع المالك عن المعصية و نهيه عن المنكر و ذلك مأمور به شرعا و كذلك سرقة شطرنج ذهب أو فضة لما قلنا و كذلك سرقة صليب أو صنم من فضة من حرز لأنه يتأول أنه أخذه الكسر .
و أما الدراهم التي عليها التماثيل فيقطع قيمتها لأنها لا تعبد عادة فلا تأويل له في الأخذ للمنع من العبادة فيقطع و على هذا يخرج ما إذا قطع سارق في مال ثم سرقه منه سارق آخر لا يقطع لأن المسروق ليس بمعصوم في حق المسروق منه و لا متقوم في حقه لسقوط عصمته و تقومه في حقه بالقطع و لأن كون يد المسروق منه يدا صحيحة شرط وجوب القطع و يد السارق ليست يدا صحيحة لما نذكره إن شاء الله تعالى .
و لو سرق مالا فقطع فيه فرده إلى المالك ثم عاد فسرقه منه ثانيا فجملة الكلام فيه أن المردود لا يخلوا : .
إما إن كان على حاله لم يتغير و إما إن أحدث المالك فيه ما يوجب تغيره فإن كان على حاله لم يقطع استحسانا و الفياس أن يقطع و هو رواية الحسن عن أبو يوسف و به أخذ الشافعي رحمهم الله .
أما الكلام مع الشافعي C : فمبني على أن العصمة الثابتة للمسروق حقا للعبد قد سقطت عند السرق الأولى لضرورة وجوب القطع على أصلنا و على أصله لم تسقط بل بقيت على ما كانت و سنذكر تقرير هذا الأصل في موضعه إن شاء الله .
و أما الكلام مع أبو يوسف وجه ما روي : أن المحل و إن سقطت قيمته الثابتة حقا للمالكية في السرقة الأولى فقد عادت بالرد إلى المالك ألا ترى أنها عادت في حق الضمان حتى لو أتلفه السارق يضمن فكذا في حق القطع .
و لنا : أن العصمة و إن عادت بالرد لكن مع شبهة العدم لأن السقوط لضرورة و أثر القطع قائم بعد الرد فيورث شبهة في العصمة و لأنه سقط المسروق في حق السارق بالقطع في السرقة الأولى .
ألا ترى أنه لو أتلفه لا يضمن و أثر القطع بعد الرد قائم فيورث شبهة عدم التقوم في حقه فيمنع وجوب القطع و لا يمنع وجوب الضمان لأن الضمان لا يسقط بالشبهة لما بينا .
هذا إذا كان المردود على حاله لم يتغير فأما إذا أحدث المالك فيه حدثا يوجب تغيره عن حاله ثم سرقه السارق الأول فالأصل فيه أنه لو فعل الغاصب في المغصوب لأوجب انقطاع حق المالك يقطع و إلا فلا لأنه إذا فعل ذلك فقد تبدلت العين و تصير في حكم عين أخرى و إذا لم يفعل لم تتبدل .
و على هذا يخرج ما إذا سرق غزلا فقطع فيه و رد إلى الممالك فنسجه ثوبا فعاد فسرقه أنه يقطع لأن المسروق قد تبدل ألا ترى أنه لو كان مغصوبا لا يقطع حق المالك و لو سرق ثوب خز فقطع فيه ورد إلى المالك فنقضه فسرق النقض لم يقطع لأنه العين لم تتبدل .
ألا ترى أنه لو فعله الغاصب لا ينقطع حق المالك و لو نقضه المالك ثم غزله غزلا ثم سرقه السارق لم يقطع لأن هذا لو وجد من الغاصب لا ينقطع حق المغصوب منه فيدل على تبدل العين .
و لو سرق بقرة فقطع فيها و ردها على المالك فولدت ولدا ثم سرق الولد يقطع لأن الولد عين أخرى لم يقطع فيها فيقطع بسرقتها و على هذا يخرج جنس هذه المسائل و الله سبحانه و تعالى أعلم .
و منها أن يكون محرزا مطلقا خاليا عن شبهة العدم مقصودا بالحرز و الأصل في اعتبار شرط الحرز ما روي في الموطأ عن النبي عليه الصلاة السلام أنه قال : [ لا قطع في ثمر معلق و لا في حريسة جبل فإذا أواه المراح أو الجرين فالقطع فيما بلغ ثمن المجن ] و روي عنه عليه الصلاة السلام أنه قال [ : لا قطع في ثمر و لا كثر حتى يؤويه الجرين فإذا أواه الجرين ففيه القطع ] علق عليه الصلاة السلام القطع بإيواء المراح و المراح حرز الإبل و البقر و الغنم و الجربن حرز الثمر فدل أن الحرز شرط و لأن ركن السرقة هو الأخذ على سبيل الاستخفاء و الأخذ من غير حرز لا يحتاج إلى الاستخفاء فلا يتحقق ركن السرقة و لأن القطع وجب القطع وجب لصيانة الأموال على أربابها قطعا لأطماع السراق عن أموال الناس و الأطماع إنما تميل إلى ماله خطر في القلوب و غير المحرز لا خطر له في القلوب و غير المحرز لا خطر له في القلوب عادة فلا تميل الأطماع إليه فلا حاجة إلى الصيانة بالقطع و بهذا لم يقطع فيما دون النصاب و ما ليس بمال متقوم محتمل الادخار ثم الحرز نوعان : حرز بنفسه و حرز بغيره أما الحرز بنفسه فهو كل بقعة معدة للإحراز ممنوعة الدخول فيها إلا كالدور و الحوانيت و الخيم و الفساطيط و الخزائن و الصناديق .
و أما الحرز بغيره فكل مكان غير معد للإحراز يدخل إليه بلا إذن و لا يمنع منه كالمساجد و الطرق و حكمه حكم الصحراء إن لم يكن هناك حافظ و إن كان هناك حافظ فهو حرز لهذا سمي حرزا بغيره حيث وقف صيرورته حرزا و لو وجد فلا عبرة بوجود بل وجوده و العدم سواء و كل واحد من الحرزين معتبر بنفسه على حياله بدون صاحبه لأنه عليه السلام علق القطع بإيواء المراح من غير شرط وجود الحافظ .
و روي [ أن صفوان Bه كان نائما في المسجد متوسدا بردائه فسرقه سارق من تحت رأسه فقطعه رسول الله صلى الله عليه و سلم و لم يعتبر الحرز بنفسه فدل أن كل واحد من نوعي الحرز معتبر بنفسه فإذا سرق من النوع الأول يقطع سواء كان ثمة حافظ أو لا لوجود الأخذ من الحرز و سواء كان مغلق الباب أو لا باب له بعد أن كان محجوزا بالبناء لأن البناء يقصد به الإحراز كيف ما كان و إذا سرق من النوع الثاني يقطع إذا كان الحافظ قريبا منه في مكان يمكنه حفظه و يحفظ في مثله المسروق عادة و سواء كان الحافظ مستيقظا في ذلك المكان أو نائما لأن الإنسان يقصد الحفظ في الحالين جميعا و لا يمكن الأخذ إلا يفعله .
ألا ترى أنه عليه الصلاة و السلام قطع سارق صفوان كان نائما و لو أذن لإنسان بالدخول في داره فسرق المأذون له بالدخول شيئا منها لم يقطع و إن كان فيها حافظ أو كان صاحب المنزل نائما عليه لما أذن له بالدخول فقد صار في حكم أهل الدار فإذا أخذ شيئا فهو خائن .
و قد روي عن رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ أنه قال لا قطع على خائن ] و كذلك لو سرق من بعض بيوت الدار المأذون في دخولها و هو مقفل أو من صندوق في الدار أو من صندوق في بعض البيوت و هو مقفل عليه إذا كان البيت من جملة الدار المأذون في دخولها لأن الدار الواحدة حرز واحد و قد خرجت بالإذن له من أن تكون حرزا في حقه فكذلك بيوتها و ما روي أن أسود بات عند سيدنا أبي بكر الصديق Bه فسرق حليا لهم فيحتمل أن يكون مسروقا من دار النساء لا من دار الرجال و الداران المختلفان إذا أذن بالدخول في إحداهما لا تصير الأخرى مأذونا بالدخول في إحداهما لا تصير الأخرى مأذونا بالدخول فيها و المحتمل لا يكون حجة .
و روي عن أبو يوسف أنه قال في رجل كان في حمام أو خان و ثيابه تحت رأسه فسرقها سارق : أنه لا قطع عليه سواء كان نائما أو يقظانا و إن كان في صحراء و ثوبه تحت رأسه قطع .
و كذلك روي عن محمد في رجل سرق من رجل و هو معه في الحمام أو سرق من رجل و هو معه في سفينة أو نزل قوم في خان فسرق بعضهم من بعض أنه لا قطع على السارق و كذلك الحانوت لأن الحمام و الخان و الحانوت كل واحد حرز بنفسه فإذا أذن للناس في دخوله خرج من أن يكون حرزا فلا يعتبر فيه الحافظ فلا يصير حرزا بالحافظ و لهذا قالوا : إذا سرق من الحمام ليلا يقطع لأن الناس لم يؤذنوا بالدخول فيه ليلا فأما الصحراء أو المسجد و إن كان مأذون الدخول إليه فليس حرزا بنفسه بل بالحافظ و لم يوجد الإذن من الحافظ فلا يبطل معنى الحرز فيه