فصل : الجناية على ما هو نفس من وجه دون وجه .
وأما الجناية على ما هو نفس من وجه دون وجه وهو الجنين بأن ضرب على بطن حامل فألقت جنينا فيتعلق بها أحكام وجملة الكلام فيه : أن الجنين لا يخلو إما أن يكون حرا بأن كانت أمه حرة أو أمة علقت من مولاها أو من مغرور وإما أن يكون رقيقا ولا يخلو إما إن ألقته ميتا وإما إن ألقته حيا فإن كان حرا وألقته ميتا ففيه الغرة والكلام في الغرة في مواضع : في بيان وجوبها وفي تفسيرها وتقديرها وفي بيان من تجب عليه وفي بيان من تجب له أما الأول : فالغرة واجبة استحسانا .
والقياس أن لا شيء على الضارب لأنه يحتمل أن يكون حيا وقت الضرب ويحتمل أنه لم يكن بأن لم تخلق فيه الحياة بعد فلا يجب الضمان بالشك ولهذا لا يجب في جنين البهيمة شيء إلا نقصان البهيمة كذا هذا إلا أنهم تركوا القياس بالسنة وهو ما روي عن مغيرة بن شعبة Bه أنه قال : كنت بين جاريتين فضربت إحداهما الأخرى بمسطح فألقت جنينا ميتا وماتت فقضى رسول الله صلى الله عليه و سلم على عاقلة الضاربة بالدية وبغرة الجنين .
و [ روي أن سيدنا عمر Bه اختصم إليه في إملاص المرأة الجنين فقال سيدنا عمر Bه : أنشدكم الله تعالى هل سمعتم من رسول الله صلى الله عليه و سلم في ذلك شيئا ؟ فقام المغيرة Bه فقال كنت بين جاريتين وذكر الخبر وقال فيه : فقام عم الجنين فقال : إنه أشعر وقام والد الضارية فقال : كيف ندي من لا صاح ولا استهل ولا شرب ولا أكل ودم مثل ذلك بطل فقال E : أسجع كسجع الكهان ] وروى كسجع الأعراب فيه غرة عبد أو أمة فقال سيدنا عمر Bه : من شهد معك بهذا ؟ فقام محمد بن سلمة فشهد فقال سيدنا عمر Bه : كدنا أن نقضي فيها برأينا وفيها سنة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم .
وروى هذه القصة أيضا حمل بن مالك بن النابغة ولأن الجنين إن كان حيا فقد فوت الضارب حياته وتفويت الحياة قتل وإن لم يكن حيا فقد منع من حدوث الحياة فيه فيضمن كالمغرور لما منع من حدوث الرق في الولد وجب الضمان عليه وسواء استبان خلقه أو بعض خلقه لأنه E قضى بالغرة ولم يستفسر فدل أن الحكم لا يختلف وإن لم يستبن شيء من خلقه فلا شيء فيه لأنه ليس بجنين إنما هو مضغة وسواء كان ذكرا أو أنثى لما قلنا ولأن عند عدم استواء الخلقة يتعذر الفصل ببن الذكر والأنثى فسقط اعتبار الذكورة والأنوثة فيه