فصل : شرائط الركن .
وأما شرائط الركن فبعضها يرجع إلى نفس الركن وبعضها يرجع إلى الموصي وبعضها يرجع إلى الموصى له وبعضها يرجع إلى الموصى به .
أما الذي يرجع إلى نفس الركن فهو أن يكون القبول موافقا للإيجاب فإن خالف الإيجاب لم يصح القبول لأنه إذا خالفه لم يرتبط فبقي الإيجاب بلا قبول فلا يتم الركن .
وبيان ذلك إذا قال لرجلين : أوصيت بهذه الجارية لكما فقبل أحدهما بعد موت الموصي ورد الآخر لم يصح القبول لأنه أوصى لهما جميعا فكان وصية لكل واحد منهما بنصف الجارية وكانت الجارية بينهما لو قبلا فإذا رد أحدهما لم يوجد الشرط وهو قبولهما جميعا فبطلت الوصية .
ولو أوص بها لإنسان ثم أوصى بها لآخر فقبل أحدهما الوصية بعد موت الموصي ورد الآخر فالنصف للموصى له والنصف لورثة الموصي لأنه أوصى لكل واحد منهما على حياله فلا يشترط اجتماعهما في القبول فإذا رد أحدهما بعد موت الموصي لم يتم الركن في حقه بل بطل الإيجاب في حقه فعاد نصيبه إلى ورثة الموصي فصح القبول من الآخر فاستحق نصف الوصية كالشفيعين إذا سلم أحدهما الشفعة بعد قضاء القاضي بالشفعة أن ذلك النصف يكون للمشتري ولا يكون للشفيع الآخر وأما الذي يرجع إلى الموصي فأنواع منها : أن يكون من أهل التبرع في الوصية بالمال وما يتعلق به لأن الوصية بذلك تبرع بإيجابه بعد موته فلا بد من أهلية التبرع فلا تصح من الصبي والمجنون لأنهما ليسا من أهل التبرع لكونه من التصرفات الضارة المحضة إذ لا يقابله عرض دنيوي وهذا عندنا .
وقال الشافعي C في أحد قوليه : وصية الصبي العاقل في القرب صحيحة واحتج بما روي أن سيدنا عمر Bه أجاز وصية غلام يافع وهو الذي قرب إدراكه ولأن في وصيته نظرا له لأنه يثاب عليه ولو لم يوصي لزال ملكه إلى الوارث من غير ثواب لأنه يزول عنه جبرا شاء أو أبى فكان هذا تصرفا نافعا في حقه فأشبه صلاة التطوع وصوم التطوع .
والجواب : أما إجازة سيدنا عمر Bه فيحتمل أن وصية ذلك الصبي كانت لتجهيزه وتكفينه ودفنه ووصية الصبي في مثله جائزة عندنا لأنه يثبت من غير وصية .
وأما قوله : يحصل له عوض وهو الثواب فمسلم لكنه ليس بعوض دنيوي فلا يملكه الصبي كالصدقة مع ما أن هذا في حد التعارض لأنه كما يثاب على الوصية يثاب على الترك للوارث بل هو أولى في بعض الأموال لما بينا فيما تقدم وسواء مات قبل الإدراك و بعده لأنها وقعت باطلة فلا تنقلب إلى الجواز بالإدراك إلا بالاستئناف وسواء كان الصبي ماذونا في التجارة أو محجورا لأن الوصية ليست من باب التجارة إذ التجارة معاوضة المال بالمال .
ولو أضاف الوصية إلى ما بعد الإدراك بأن قال : إذا أدركت ثم مت فثلث مالي لفلان لم يصح لأن عبارته لم تقع صحيحة فلا تعتبر في إيجاب الحكم بعد الموت ولا تصح وصية العبد المأذون والمكاتب لأنهما ليسا من أهل التبرع ولو أوصيا ثم أعتقا وملكا مالا ثم ماتا لم تجز لوقوعها باطلة من الابتداء ولو أضاف أحدهما الوصية إلى ما بعد العتق بأن قال إذا أعتقت ثم مت فثلث مالي لفلان صح فرقا بين العبد والصبي ووجه الفرق : أن عبارة الصبي فيما يتضرر به ملحقة بالعدم لنقصان عقله فلم تصح عبارته من الأصل .
بل بطلت والباطل لا حكم له بل هو ذاهب متلاشي في حق الحكم فأما عبارة العبد فصحيحة لصدورها عن عقل مميز إلا أن امتناع تبرعه لحق المولى فإذا عتق فقد زال المانع والله سبحانه وتعالى أعلم .
ومنها : رضا الموصى لأنها إيجاب ملك أو ما يتعلق بالملك فلا بد فيه من الرضا كإيجاب الملك بسائر الأشياء فلا تصح وصية الهازل والمكره والخاطئ لأن هذه العوارض تفوت الرضا وأما إسلام الموصي فليس بشرط لصحة وصيته فتصح وصية الذمي بالمال للمسلم والذمي في الجملة لأن الكفر لا ينافي أهلية التمليك ألا ترى أنه يصح بيع الكافر وهبته فكذا وصيته وكذا الحربي المستأمن إذا أوصى للمسلم أو الذمي يصح في الجملة لما ذكرنا غير أنه إن كان دخل وارثه معه في دار الإسلام وأوصى بأكثر من الثلث وقف ما زاد على الثلث على إجازة وارثه لأنه بالدخول مستأمنا التزم أحكام الإسلام أو ألزمه من غير التزامه لإمكان إجراء الأحكام عليه ما دام في دار الإسلام .
ومن أحكام الإسلام أن الوصية بما زاد على الثلث ممن له وارث تقف على إجازة وارثه وإن لم يكن له وارث أصلا تصح من جميع المال كما في المسلم والذمي وكذلك إذا كان له وارث لكنه في دار الحرب لأن امتناع الزيادة على الثلث لحق الورثة وحقهم غير معصوم لأنه لا عصمة لأنفسهم وأموالهم فلأن لا يكون لحقهم الذي في مال مورثهم عصمة أولى .
وذكر في الأصل .
ولو أوصى الحربي في دار الحرب بوصية ثم أسلم أهل الدار أو صاروا ذمة ثم اختصما إلي في تلك الوصية فإن كانت قائمة بعينها أجزتها وإن كانت قد استهلكت قبل الإسلام أبطلتها لأن الحربي من أهل التمليك .
ألا يرى أنه من أهل سائر التمليكات كالبيع ونحوه فكانت وصيته جائزة في نفسها إلا أنه ليس لنا ولاية اجراء أحكام الإسلام وتنفيذها في دارهم فإذا أسلموا أو صاروا ذمة قدرنا على التنفيذ فنفذها ما دام الموصى به قائما فأما إذا صار مستهلكا أبطلنا الوصية وألحقناها بالعدم لأن أهل الحرب إذا أسلموا أو صاروا ذمة لا يؤاخذون بما استهلك بعضهم على بعض وبما اغتصب بعضهم من بعض بل يبطل ذلك كذا هذا .
ومنها : أن لا يكون على الموصي دين مستغرق لتركته فإن كان لا تصح وصيته لأن الله تبارك وتعالى قدم الدين على الوصية والميراث لقوله تبارك وتعالى في آية المواريث : { من بعد وصية يوصى بها أو دين } ويوصي بها أو دين وتوصون بها أودين ويوصين بها أو دين ولما روي [ عن سيدنا علي Bه أنه قال : إنكم تقرؤون الوصية قبل الدين وقد شهدت رسول الله صلى الله عليه و سلم بدأ بالدين قبل الوصية ] أشار سيدنا علي Bه إلى أن الترتيب في الذكر لا يوجب الترتيب في الحكم .
وروي أنه قيل لابن عباس Bهما : إنك تأمر بالعمرة قبل الحج وقد بدأ الله تبارك وتعالى بالحج فقال تبارك وتعالى : { وأتموا الحج والعمرة لله } فقال Bه : كيف تقرؤون آية الدين ؟ فقالوا : من بعد وصية يوصي بها أو دين فقال : وبماذا تبدؤون ؟ قالوا بالدين قال Bه هو ذاك ولأن الدين واجب والوصية تبرع والواجب مقدم على التبرع ومعنى تقدم الدين على الوصية والميراث أنه يقضى الدين أولا فإن فضل منه شيء يصرف إلى الوصية والميراث وإلا فلا .
وأما معنى تقدم الوصية على الميراث فليس معناه أن يخرج الثلث ويعزل عن التركة ويبدأ بدفعه إلى الموصى له ثم يدفع الثلثان إلى الورثة لأن التركة بعد قضاء الدين تكون بين الورثة وبين الموصى له على الشركة والموصى له شريك الورثة في الاستحقاق كأنه واحد من الورثة لا يستحق الموصى له من الثلث شيئا قل أو كثر إلا ويستحق منه الورثة ثلثيه ويكون فرضهما معا لا يقدم أحدهما على الآخر حتى لو هلك شيء من التركة قبل القسمة يهلك على الموصى له والورثة جميعا ولا يعطى الموصى له كل الثلث من الباقي بل الهالك يهلك على الحقين والباقي يبقى على الحقين كما إذا هلك شيء من المواريث بعد الوصايا بخلاف الدين فإنه إذا هلك بعض التركة وبقي البعض يستوفى كل الدين من الباقي وإنما معناه أنه يحسب قدر الوصية من جملة التركة أولا لتظهر سهام الورثة كما تحسب سهام أصحاب الفرائض أولا ليظهر الفاضل للعصبة ويحتمل أن يكون معنى قوله تبارك وتعالى { يوصيكم الله في أولادكم للذكر } إلى قوله تعالى : { من بعد وصية يوصى بها } أي سوى ما لكم أن توصوه من الثلث أوصاكم الله بكذا وتكون بعد بمعنى سوى والله تعالى أعلم .
وأما الذي يرجع إلى الموصى له فمنها ! أن يكون موجودا فإن لم يكن موجودا لا تصح الوصية لأن الوصية للمعدوم لا تصح وعلى هذا يخرج ما إذا قال : أوصيت بثلث مالي لما في بطن فلانة أنها إن ولدت لما يعلم أنه كان موجودا في البطن صحت الوصية وإلا فلا وإنما يعلم ذلك إذا ولدت لأقل من ستة أشهر ثم يعتبر ذلك من وقت موت الموصي في ظاهر الرواية وعند الطحاوي C : من وقت وجود الوصية .
وجه ما ذكره الطحاوي C : أن سبب الاستحقاق هو الوصية فيعتبر وجوده .
وجه ظاهر الرواية : أن وقت نفوذ الوصية واعتبارها في حق الحكم وقت الموت فيعتبر وجوده من ذلك الوقت لأنها إذا جاءت به لأقل من ستة أشهر من وقت الموت أو من وقت الوصية على اختلاف الروايتين تيقنا أنه كان موجودا إذ المرأة لا تلد لأقل من ستة أشهر .
وإذا جاءت به لستة أشهر فصاعدا لا يعلم وجوده في البطن لاحتمال أنها علقت بعده فلا يعلم وجوده بالشك إلا إذا كانت المرأة معتدة من زوجها من طلاق أو وفاة فولدت إلى سنتين منذ طلقها أو مات عنها زوجها فله الوصية لأن نسب الولد يثبت من زوجها إلى سنتين ومن ضرورة ثبات النسب الحكم بوجوده في البطن وقت موت الموصي .
فرق بين الوصية لما في البطن وبين الهبة لما في البطن أن الهبة لا تصح والوصية صحيحة لأن الهبة لا صحة لها بدون القبض ولم يوجد والوصية لا تقف صحتها على القبض .
ولو قال : إن كان في بطن فلانة جارية فلها وصية ألف وإن كان في بطنها غلام فله وصية ألفان فولدت جارية لستة أشهر إلا يوما وولدت غلاما بعد ذلك بيومين فلهما جميع الوصية لأنهما أوصى لهما جميعا لكن لأحدهما بألف وللآخر بألفين وقد علم كونهما في البطن أما الجارية فلا شك فيها لأنها ولدت لأقل من ستة أشهر من وقت موت الموصي فعلم أنها كانت موجودة في البطن في ذلك الوقت وكذا الغلام لأنه لما ولد لأكثر من ستة أشهر بيوم أو يومين علم أنه كان في البطن مع الجارية لأنه توأم فكان من ضرورة كون أحدهما في البطن كون الآخر كذلك لأنهما علقا من ماء واحد فإن ولدت غلامين وجاريتين لأقل من ستة أشهر فذلك إلى الورثة يعطون أي الغلامين شاؤوا وأي الجاريتين شاؤوا إلا أنه ما أوصى لهما جميعا وإنما أوصى لأحدهما وليس أحدهما بأولى من الآخر فكان البيان إلى الورثة لأنهم قائمون مقام المورث وقيل إن هذا الجواب على مذهب محمد C تعالى فأما على قول أبي حنيفة Bه : فالوصية باطلة بناء على مسألة أخرى وهو ما إذا أوصى بثلث ماله لفلان وفلان أو أوصى بثلث ماله لأحد هذين الرجلين روي عن أبي حنيفة Bه أن الوصية باطلة وعند أبي يوسف و محمد رحمهما الله أنها صحيحة غير أن عند أبي يوسف : الوصية لهما جميعا وعند محمد : لأحدهما وخيار التعيين إلى الورثة يعطون أيهما شاؤوا فقاسوا هذه المسألة على تلك لأن المعنى يجمعهما وهو جهالة الموصى له .
ومنهم من قال : ههنا يجوز في قولهم جميعا وفرق بين المسألتين من حيث أن الجهالة هناك مقارنة للعقد وههنا طارئة لأن الوصية هناك حال وجودها أضيفت إلى ما في البطن لا إلى أحد الغلامين وإحدى الجاريتين ثم طرأت بعد ذلك بالولادة والبقاء أسهل من الابتداء كالعدة إذا قارنت النكاح منعته من الإنعقاد فإذا طرأت عليه لا ترفعه كذا ههنا .
ولو قال إن كان الذي في بطن فلانة غلاما فله ألفان وإن كان جارية فلها ألف فولدت غلاما وجارية فليس لواحد منهما شيء من الوصية لأنه جعل شرط استحقاق الوصية لكل واحد منهما أن يكون هو كل ما في البطن بقوله إن كان الذي في بطنها كذا فله كذا وكل واحد منهما ليس هو كل ما في البطن بل بعض ما فيه فلم يوجد شرط صحة استحقاق الوصية في كل واحد منهما فلا يستحق أحدهما شيئا بخلاف المسألة الأولى لأن قوله : إن كان في بطن فلانة جارية فلها كذا وإن كان في بطنها غلام فله كذا ليس فيه شرط أن يكون كل واحد كل ما في البطن بل الشرط فيه أن يكون في بطنها غلام وأن يكون في بطنها جارية وقد كان في بطنها غلام وجارية فوجد شرط الاستحقاق .
وكذلك لو أوصى بما في بطن دابة فلان أن ينفق عليه أن الوصية جائزة إذا قبل صاحبها وتعتبر فيه المدة على ما ذكرنا .
هذا هو حكم الوصية لما في البطن فأما حكم الإقرار بمال لما في بطن فلانة فهذا في الأصل على وجهين : إما إن بين السبب وإما إن لم يبين بل أطلق فإن بين السبب فأما إن بين سببا هو جائز الوجود وإما إن بين سببا هو مستحيل الوجود عادة فإن بين سببا هو جائز الوجود عادة بأن قال : لما في بطن فلانة علي ألف درهم لأني استهلكت ماله أو غصبت أو سرقت جاز إقراره في قولهم جميعا وإن بين سببا هو مستحيل الوجود عادة بأن قال : لما في بطن فلانة علي ألف درهم لأني استقرضت منه لا يجوز في قولهم جميعا لأنه أسند إقراره إلى سبب هو محال عادة وإن لم يبين للإقرار سببا بل سكت عنه بأن قال لما في بطن فلانة علي ألف درهم ولم يزد عليه فهذا الإقرار باطل في قولهما وعند محمد : صحيح .
وجه قوله : أن تصرف العاقل يحمل على الصحة ما أمكن وأمكن تصحيحه بالحمل على سبب متصور الوجود فيحمل عليه تصحيحا له .
ولهما : أن الإقرار المطلق بالدين يراد به الإقرار بسبب المداينة لأنه هو السبب الموضوع لثبوت الدين وأنه في الدين ههنا محال عادة والمستحيل عادة كالمستحيل حقيقة .
ومنها : أن يكون حيا وقت موت الموصي حتى لو قال : أوصيت بثلث مالي لما في بطن فلانة فولدت لأقل من ستة أشهر من وقت موت الموصي ولدا ميتا لا وصية له لأن الميت ليس من أهل استحقاق الوصية كما ليس من أهل استحقاق الميراث بأن ولد ميتا وأنها أخت الميراث .
ولو ولدت ولدين حيا وميتا فجميع الوصية للحي لأن الميت لا يصلح محلا لوضع الوصية فيه ولهذا لو أوصى لحي وميت كان كل الوصية للحي كما لو أوصى لآدمي وحائط والله سبحانه وتعالى أعلم .
ومنها : أن لا يكون وارث الموصي وقت موت الموصي فإن كان لا تصح الوصية لما روي [ عن أبي قلابة Bه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : إن الله تبارك وتعالى أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث ] وفي هذا حكاية وهي ما حكي أن سليمان بن الأعمش C تعالى كان مريضا فعاده أبو حنيفة Bه فوجده يوصي لإبنيه فقال أبو حنيفة Bه : أن هذا لا يجوز فقال : ولم يا أبا حنيفة ؟ فقال : لأنك رويت لنا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : [ لا وصية لوارث ] فقال سليمان C : يا معشر الفقهاء أنتم الأطباء ونحن الصيادلة فقد نفى الشارع E أن يكون لوارث وصية نصا وأشار إلى تحول الحق من الوصية إلى الميراث على ما بينا فيما تقدم ولأنا لو جوزنا الوصية للورثة لكان للموصي أن يؤثر بعض الورثة وفيه إيذاء البعض وإيحاشهم فيؤدي إلى قطع الرحم وأنه حرام وما أفضى إلى الحرام فهو حرام دفعا للتناقض .
ثم الشرط أن لا يكون وارث الموصي وقت موت الموصي لا وقت الوصية حتى لو أوصى لأخيه وله ابن وقت الوصية ثم مات قبل موت الموصي ثم مات الموصي لم تصح الوصية لأن الموصى له وهو الأخ صار وارث الموصي عند موته ولو أوصى لأخيه ولا ابن له وقت الوصية ثم ولد له ابن ثم مات الموصي صحت الوصية لأن الأخ ليس بوارثه عند الموت لصيرورته محجوبا بالابن وإنما اعتبرت الوراثة وقت موت الموصي لا وقت وصيته لأن الوصية ليست بتمليك للحال ليعتبر كونه وارثا وقت وجودها بل هي تمليك عند الموت فيعتبر ذلك عند الموت وكذلك الهبة في المرض بأن وهب المريض لوارثه شيئا ثم مات أنه يعتبر كونه وارثا له وقت الموت لا وقت الهبة لأن هبة المريض في معنى الوصية حتى تعتبر من الثلث وعلى هذا يخرج ما إذا أوصى لامرأة أجنبية وهو مريض أو صحيح ثم تزوجها أنه لا يصح .
ولو أقر المريض لامرأة أجنبية بدين ثم تزوجها جاز إقراره لأن الوصية إنما تصير ملكا عند موت الموصي فيعتبر كونها وارثة له حينئذ وهي وارثته عند موته لأنها زوجته فلم تصح الوصية .
فأما الإقرار فاعتباره حال وجوده وهي أجنبية حال وجوده فاعتراض الزوجية بعد ذلك لا يبطله وكذا لو وهب لها هبة في مرض موته ثم تزوجها بطلت الهبة لأن تبرعات المريض مرض الموت تعتبر بالوصايا ولو أوصى وهو مريض أو صحيح لابنه النصراني صح لأنه ليس بوارثه فلو أسلم الابن قبل موته بطلت وصيته لما قلنا إن اعتبارها بعد الموت وهو وارث بعد الموت ولو أقر المريض بدين لابنه النصراني ثم أسلم لم يجز إقراره عند أصحابنا الثلاثة رحمهم الله تعالى وعند زفر C تعالى : يصح .
وجه قوله على نحو ما ذكرنا في المرأة : أن الإقرار يعتبر حال وقوعه وأنه غير وارث وقت الإقرار فاعتراض الوراثة بعد ذلك لا يبطل الدين الثابت كما قلنا في المرأة .
ولنا : أن الوراثة وإن لم تكن موجودة عند الإقرار لكن سببها كان قائما وهو القرابة لكن لم يظهر عملها للحال لمانع وهو الكفر فعند زوال المانع يلحق بالعدم من الأصل ويعمل السبب من وقت وجوده لا من وقت زوال المانع كما في البيع بشرط الخيار أن عند سقوط الخيار يعمل السبب وهو البيع في الحكم من وقت وجوده لا من وقت سقوط الخيار والجامع أن العامل عند ارتفاع المانع ذات البيع وذات القرابة فتستند السببية إلى وقت وجود ذاته فيظهر أنه أقر لوارثه فلم يصح أو يقال : إن إقرار المريض لوارثه إنما يرد التهمة وسبب التهمة وقت الإقرار موجود وهو القرابة بخلاف ما إذا أقر لامرأة أجنبية ثم تزوجها لأن هناك سبب القرابة لم يكن موجودا وقت الإقرار لأن السبب هو الزوجية ولم تكن وقت الإقرار وإنما وجدت بعد ذلك وبعد وجودها لا تحتمل الاستناد فيقتصر على حال وجودها ولم يكن ذلك إقرارا لوارثه فيصح ويثبت الدين في ذمته فلا يسقط بحدوث الزوجية وعلى التقريب الثاني لم يوجد سبب التهمة وقت الإقرار فيصح .
ولو كان ابنه مسلما لكنه مملوك فأوصى له ثم أعتق فالوصية باطلة لما ذكرنا أن أوان اعتبار الوصية أوان الموت وهو وارثه عند الموت ولو أقر له بالدين وهو مريض أو وهب له هبة فقبضها فإن لم يكن عليه دين جاز ذلك لأنه إذا لم يكن عليه دين كان الإقرار والهبة لمولاه وأنه أجنبي عن الموصي فجاز وإن كان عليه دين لا يجوز لأن الإقرار والهبة يقعان له لا لمولاه لأنه يقضي منه ديونه فتبين أن الإقرار كان لوارثه من طريق الاستناد فلا يصح أو لا يصح لقيام سبب شبهة التهمة وقت الإقرار كما قلنا في الإقرار لابنه النصراني إذا أسلم .
ولو أوصى لبعض ورثته فأجاز الباقون جازت الوصية لأن امتناع الجواز كان لحقهم لما يلحقهم من الأذى والوحشة بايثار البعض ولا يوجد ذلك عند الإجازة وفي بعض الروايات عنه E أنه قال : [ لا وصية لوارث إلا أن يجيزها الورثة ] .
ولو أوصى بثلث ماله لبعض ورثة ولأجنبي فإن أجاز بقية الورثة جازت الوصية لهما جميعا وكان الثلث بين الأجنبي وبين الوارث نصفين وإن ردوا جازت في حصة الأجنبي وبطلت في حصة الوارث .
وقال : بعض الناس يصرف الثلث كله إلى الأجنبي لأن الوارث ليس بمحل للوصية فالتحقت الإضافة إليه بالعدم كما لو أوصى لحي وميت أن الوصية كلها للحي لما قلنا كذا هذا وهذا غير سديد لأن الوصية للوارث ليست وصية باطلة بدليل أنه لو اتصلت بها الإجازة جازت والباطل لا يحتمل الجواز بالإجازة وبه تبين أن الوارث محل للوصية لأن التصرف المضاف إلى غير محله يكون باطلا دل أنه محل وأن الإضافة إليه وقعت صحيحة إلا أنها تبطل في حصته برد الباقين وإذا وقعت صحيحة فقد أوصى لكل واحد منهما بنصف الثلث ثم بطلت الوصية في حق الوارث بالرد فبقيت في حق الأجنبي على حالها كما لو أوصى لأجنبيين فرد أحدهما دون الآخر بخلاف المريض إذا أقر بدين لبعض ورثته ولأجنبي كما إذا أقر لهما بألف درهم والوارث مع الأجنبي تصادفا أنه لا يصح لهما الإقرار أصلا لا للوارث ولا للأجنبي لأن الوصية تمليك فبطلانه في حق أحدهما لا يوجب البطلان في حق الآخر لأنه لا يوجب الشركة والإقرار لهما بالدين اخبار عن دين مشترك بينهما فلو صح في حق الأجنبي لكان فيه قسمة الدين قبل القبض وإنها باطلة ولأنه إذا كان إخبارا عن دين مشترك بينهما فالوارث يشارك الأجنبي فيما يقبض ثم تبطل حصته وفيه إقرار الوارث وأنه باطل بخلاف الوصية فإن الوارث لا يشارك الأجنبي وإذا بطل الإقرار أصلا تقسم التركة بين ورثة المقر فما أصاب الوارث المقر له من ذلك يكون بينه وبين الأجنبي إلى تمام الإقرار وما زاد على ذلك يكون للوارث لأنهما إذا تصادقا فمن زعمهما أن هذا القدر دين على الميت والدين مقدم على الميراث هذا إذا تصادقا فإن تكاذبا أو أنكر الأجنبي شركة الوارث أو رد الورثة إقراره فالإقرار باطل أيضا في قول أبي حنيفة و أبي يوسف رحمهما الله لما ذكرنا وإذا بطل كان المال ميراثا بين ورثة المقر فما أصاب الوارث فهو له كله ولا شركة للأجنبي فيه لأنه يكذبه في ذلك وعند محمد : يصح إقراره في حق الأجنبي ويكون له خمسمائة .
وإن كان الأجنبي يكذب الوارث والوارث يصدقه في ذلك فالخمسمائة مما أصابه للأجنبي لأنه لما صدقه الوارث فقد أقر أنه كان له على الميت خمسمائة دين وأنه مقدم على الميراث إلا أنه ادعى الشركة فيه وهو يكذبه في الشركة فكان القول قول الأجنبي ويأخذ تلك الخمسمائة كلها .
ولو أوصى لعبد وارثه لا يصح سواء كان على العبد دين أو لم يكن أما إذا لم يكن عليه دين فظاهر لأن الوصية تقع لمولاه لأن الملك يقع له فكانت الوصية لوارثه وإن كان عليه دين فالوصية تقع لمولاه من وجه لأنه إذا سقط عنه الدين يصير الموصى به للوارث وقت الوصية فكان وصية للوارث من وجه فلا تصح إلا إذا عتق قبل موت الموصى فيصح الوصية لأن الوصية إيجاب الملك عند موت الموصى وهو كان حرا عند موته وكذا إذا أوصى لعبد نفسه فأعتقه قبل موته صحت وصيته له فإن مات وهو عبد بطلت لأن وصيته لمولاه ومولاه وارثه .
ولو أوصى لمكاتب وارثه لا يصح لأن منفعة الوصية تحصل لوارثه في الحال والمال في الحال بأداء بدل الكتابة وفي المال بالعجز ولو أوصى لمكاتب نفسه جاز لأنه إما أن يعتق بأداء بدل الكتابة فيصير أجنبيا فتجوز له الوصية وإما أن يعجز ويرد في الرق فيصير ميراثا لجميع ورثته لا لبعضهم دون بعض فلا يكون في هذه الوصية إيثار بعض الورثة على بعض فتجوز كما لو أوص بثلث ماله لورثته .
ومنها : أن لا يكون قاتل الموصي قتلا حراما على سبيل المباشرة فإن كان لم تصح الوصية له عندنا وبه أخذ الشافعي C .
وقال مالك C : هذا ليس بشرط وتصح الوصية للقاتل واحتج بما ذكرنا من الدلائل لجواز الوصية في أول الكتاب من غير فصل بين القاتل وغيره ولأن الوصية تمليك وتملك والقتل لا ينافي أهلية التمليك .
ولنا : ما روي عنه E أنه قال : [ لا وصية لقاتل ] وهذا نص ويروى أنه قال : [ ليس لقاتل شيء ] ذكر الشيء نكرة في محل النفي فتعم الميراث والوصية جميعا وبه تبين أن القاتل مخصوص عن عمومات الوصية ولأن الوصية أخت الميراث ولا ميراث للقاتل لما روي عن سيدنا عمر وسيدنا علي Bهما لما يجعلا للقاتل ميراثا .
وعن عبيدة السلماني أنه قال : لا يورث قاتل بعد صاحب البقرة ويروى لا يورث قاتل بعد صاحب البقرة وهذا منه بيان لإجماع المسلمين من زمن سيدنا موسى E إلى زمن التابعين Bهم على أنه لا ميراث للقاتل .
وذكر محمد C هذه الآثار في الأصل وقال : والوصية عندنا بمنزلة ذلك لا وصية للقاتل ولأن الورثة تتأذى بوضع الوصية في القاتل كما يتأذى البعض بوضعها في البعض فيؤدي إلى قطع الرحم وإنه حرام ولأن المجروح إذا صار صاحب فراش فقد تعلق حق الورثة بماله نظرا لهم لئلا يزيل المورث ملكه إلى غيرهم لعداوة أو أذى لحقه من جهتهم فيتضررون بذلك لكن مع بقاء ملك المورث نظرا له لحاجته إلى دفع حوائجه الأصلية وسبب ثبوت حقهم في مرض الموت ما هو سبب ثبوت ملكهم بعد الموت وهو القرابة فكان ينبغي أن لا يملك التبرع بشيء من ماله إلا أنه ملك ذلك على غير القاتل والوارث بخلاف القياس فيبقى الأمر فيهما على أصل القياس ولأن القتل بغير حق جناية عظيمة فتستدعي الزجر بأبلغ الوجوه وحرمان الوصية يصلح زاجرا لحرمان الميراث فيثبت وسواء كان القتل عمدا أو خطأ لأن القتل الخطأ قتل وأنه جاز المؤاخذة عليه عقلا وسواء أوصى له بعد الجناية أو قبلها لأن الوصية إنما تقع تمليكا بعد الموت فتقع وصية للقاتل تقدمت الجنابة أو تأخرت .
ولا تجوز الوصية لعبد القاتل كان على العبد دين أو لم يكن ولا لمكاتبه لما ذكرنا في عبد الوارث : ومكاتبه وتجوز الوصية لابن القاتل ولأبويه ولجميع قرابته لأن ملك كل واحد منهما منفصل عن ملك .
صاحبه فلا تكون الوصية لأحدهما وصية لصاحبه .
ولو اشترك عشرة في قتل رجل فأوصى لبعضهم بعد الجناية لم تصح لأن كل واحد منهم قاتل على الكمال حين وجب القصاص على كل واحد منهم فكانت وصية لقاتله فلم تصح .
ولو كان أحدهم عبد الموصى فوصى لبعضهم بعد الجناية وأعتق عبده ثم مات فالوصية باطلة ولا يبطل العتق ولكن العبد يسعى في قيمته .
أما بطلان الوصية فلما ذكرنا أن كل واحد منهم قاتل فكان الموصى له قاتلا فلم تصح الوصية له .
وأما صحة الإعتاق ونفاذه ففيه ضرب إشكال وهو إن الإعتاق حصل في مرض الموت والإعتاق في مرض الموت وصية والوصية للقاتل لا تصح والعبد قاتل فينبغي أن لا ينفذ إعتاقه .
والجواب عنه من وجهين : .
أحدهما : أن الإعتاق في مرض الموت ليس بوصية حقيقة لأن الوصية تمليك والإعتاق إسقاط الملك وإزالته لا إلى أحد وهما متغايران بل متنافيان حقيقة وكذا الإعتاق ينجز حكمه للحال وحكم الوصية يتأخر إلى ما بعد الموت فلم يكن الإعتاق في مرض الموت وصية حقيقة إلا أنه يشبه الوصية من حيث أنه يعتبر من الثلث لا غير .
والثاني : إن كان في معنى الوصية فالوصية بالإعتاق مردودة من حيث المعنى وإن كانت نافذة صورة .
ألا ترى أن العبد يسعى في قيمته والسعاية قيمة الرقبة فكانت السعاية ردا للوصية معنى والعتق بعد وقوعه وإن كان لا يحتمل النقض صورة يحتمله معنى برد السعاية التي هي قيمة الرقبة .
ولو أوص لعبده بالثلث ثم قتله العبد لم تصح وصيته غير أنه يعتق ويسعى في جميع قيمته أما بطلان الوصية فلأنه وصية للقاتل وأما نفاذ العتاق فلأن الوصية للقاتل ليست بباطلة بل هي صحيحة ألا ترى أنها تقف على إجازة الورثة في ظاهر الرواية فإذا أوصى له بثلث ماله فقد أوصى له بثلث رقبته لأن رقبته من ماله فدخلت تحت الوصية بالثلث فلما مات الموصى ملك ثلث رقبته وتمليك ثلث رقبته منه يكون إعتاقا لثلثه عند الموت فيعتق ثلثه عند الموت ثم ينقض من حيث المعنى برد السعاية كما لو أعتقه نصا في مرض موته أو أضاف العتق إلى ما بعد الموت بالتدبير غير أن عند أبي حنيفة Bه : وقعت الوصية له بثلث الرقبة لأن الإعتاق متجزئ عنده فيعتق ثلث رقبته ويسعى في ثلثيه لأنه معتق البعض ويسعى في ذلك الثلث للذي عتق ردا للوصية معنى بالسعاية لأنه لا وصية للقاتل فيرد برد السعاية وعندهما : وقعت الوصية له بكل الرقبة لأنه عتق كله لأن الإعتاق لا يتجزأ عندهما ومتى عتق كله يسعى في كل قيمته ردا للوصية معنى فاتفق الجواب وهو السعاية في جميع قيمته وإنما اختلف الطريق .
ولو أوصى للقاتل ثم أجازت الورثة الوصية بعد موت الموصى ذكر في الأصل أنه يجوز ولم يذكر خلافا .
وذكر في الزيادات أن على قول أبي يوسف لا يجوز وسكت عن قولهما فيدل على الجواز عند أبي حنيفة و محمد رحمهما الله .
[ لأبي يوسف ما روينا عنه E أنه قال : لا وصية لقاتل ] وقال E : [ ليس لقاتل شيء ] من غير فصل بين حال الإجازة وعدمها ولأن المانع من الجواز هو القتل والإجازة لا تمنع القتل .
ولهما : أن امتناع الجواز كان لحق الورثة لأنهم يتأذون بوضع الوصية في القاتل أكثر مما يتأذى البعض بإيثار البعض بالوصية ثم جازت الوصية للبعض بإجازة الباقين فههنا أولى والدليل على أن المانع هو حق الورثة أن الورثة ينتفعون ببطلان الوصية للقاتل وحق الإنسان ما ينتفع به فإذا أجازوا فقد زال المانع فجازت ولهذا جازت الوصية لبعض الورثة بإجازة الباقين كذا هذا .
ولو كان القتل قصاصا لا يمنع صحة الوصية لأنه ليس بقتل حرام وكذا لو كان القاتل صبيا لأن قتله لا يوصف بالحرمة ولهذا لم يتعلق بشيء من ذلك حرمان الميراث فكذا حرمان الوصية وكذا القتل تسبيبا لا يمنع جواز الوصية كما لا يمنع حرمان الميراث على ما عرف في كتاب الفرائض .
وأما الإقرار للقاتل بالدين فإن صار صاحب فراش لم يجز وإن كان يذهب ويجيء جاز لأن إقرار المريض مرض الموت في معنى الوصية ألا ترى أنه لا يصح لوارثه كما لا تصح وصيته له وإذا كان يذهب ويجيء كان في حكم الصحيح فيجوز كما لو أقر لوارثه في هذه الحالة وكذا الهبة في المرض في معنى الوصية فلا تصح للقاتل وعفو المريض عن القاتل في دم العمد جائز لقوله تعالى : { وأن تعفوا أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم } مطلقا من غير فصل بين حال المرض والصحة ولأن المانع من نفاذ تصرف المريض هو تعلق حق الورثة أو الغرماء وإنما يتعلق حقهم بالمال والقصاص ليس بمال وبهذا علل في الأصل وإن كان القتل خطأ يجوز العفو من الثلث لأن القتل الخطأ يوجب المال فكان عفوه بمنزلة الوصية بالمال وإنها جائزة من الثلث ودلت هذه المسألة على أن الدية كلها تجب على العاقلة ولا يجب على القاتل شيء لأنه لو وجب لم يصح عفوه من الثلث في حصة القاتل لأنه يكون وصية للقاتل في ذلك القدر ولا وصية للقاتل ولما جاز العفو ههنا من الثلث علم أن الدية لا تجب على القاتل وإنما تجب على عاقلة القاتل حتى تكون وصية لعاقلة القاتل ثم الوصية للقاتل إنما لا تجوز إذا لم تجز الورثة فإن أجازوا جازت ولم يذكر في الأصل اختلافا .
وذكر في الزيادات قول أبي يوسف أنها لا تجوز وإن أجازت الورثة وسكت عن قول أبي حنيفة و محمد رحمهم الله تعالى .
وجه قول أبي يوسف : أن المانع من الجواز هو القتل وأنه لا ينعدم بالإجازة ولهذا حرم الميراث أجازته الورثة أو لا ولأنه لما قتله بغير حق صار كالحربي والوصية للحربي لا تجوز أجازت الورثة أم لم تجز كذا القاتل .
وجه ظاهر الرواية : أن عدم الجواز لمكان حق الورثة لما ذكرنا في الوصية لبعض الورثة فيجوز عند إجازتهم كما جازت لبعض الورثة عند إجازة الباقين بل أولى لأن من الناس من يقول بجواز الوصية للقاتل وهو مالك ولا أحد يقول بجواز الوصية للوارث فلما لحقتها الإجازة هناك فلأن تلحقها ههنا أولى