فصل : بيان ما يستحب للإمام أن يفعله عقيب الفراغ من الصلاة .
و أما بيان ما يستحب للإمام أن يفعله عقيب الفراغ من الصلاة فنقول : إذا فرغ الإمام من الصلاة فلا يخلو إما إن كانت صلاة لا تصلى بعدها سنة أو كانت صلاة تصلى بعدها سنة فإن كانت صلاة لا تصلى بعدها سنة كالفجر و العصر فإن شاء الإمام قام و إن شاء قعد في مكانه يشتغل بالدعاء لأنه لا تطوع بعد هاتين الصلاتين فلا بأس بالقعود إلا أنه يكره المكث على هيئته مستقبل القبلة لما روي [ عن عائشة Bها أن النبي صلى الله عليه و سلم كان إذا فرغ من الصلاة لا يمكث في مكانه إلا مقدار أن يقول : اللهم أنت السلام و منك السلام تباركت يا ذا الجلال و الإكرام ] و روي جلوس الإمام في مصلاه بعد الفراغ مستقبل القبلة بدعة و لأن مكثه يوهم الداخل أنه في الصلاة فيقتدي به فيفسد اقتداؤه فكان المكث تعريضا لفساد اقتداء غيره به فلا يمكث و لكنه يستقبل القوم بوجهه إن شاء إن لم يكن بحذائه أحد يصلي لما روي أن النبي صلى الله عليه و سلم كان إذا فرغ من صلاة الفجر استقبل بوجهه أصحابه و قال : [ هل رأى أحد منكم رؤيا ] كأنه كان يطلب رؤيا فيها بشرى بفتح مكة .
فإن كان بحذائه أحد يصلي لا يستقبل القوم بوجهه لأن استقبال الصورة الصورة في الصلاة مكروه لما روي .
أن عمر Bه رأى رجلا يصلي إلى وجه غيره فعلاهما بالدرة و قال للمصلي : أتستقبل الصورة و للآخر أتستقبل المصلي بوجهك و إن شاء انحرف لأن بالانحراف يزول الاشتباه كما يزول بالاستقبال .
ثم اختلف المشايخ في كيفية الانحراف .
قال بعضهم : ينحرف إلى يمين القبلة تبركا بالتيامن .
و قال بعضهم : ينحرف إلى اليسار ليكون يساره إلى اليمين و قال بعضهم : هو مخير إن شاء انحرف يمنة و إن شاء يسرة و هو الصحيح لأن ما هو المقصود من الانحراف و هو زوال الاشتباه يحصل بالأمرين جميعا .
و إن كانت صلاة بعدها سنة يكره له المكث قاعدا و كراهة القعود مروية عن الصحابة Bهم .
روي عن أبي بكر و عمر Bهما أنهما كانا إذا فرغا من الصلاة قاما كأنهما على الرضف و لأن المكث يوجب اشتباه الأمر على الداخل فلا يمكث و لكن يقوم و يتنحى عن ذلك المكان ثم يتنفل لما روي [ عن أبي هريرة Bه عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : أيعجز أحدكم إذا فرغ من صلاته أن يتقدم أو يتأخر ] .
و عن ابن عمر Bه أنه كره للإمام أن يتنفل في المكان الذي أم فيه و لأن ذلك يؤدي إلى اشتباه الأمر على الداخل فينبغي أن يتنحى إزالة للاشتباه أو استكثارا من شهوده على ما روي أن مكان المصلي يشهد له يوم القيامة .
و أما المأمومون فبعض مشايخنا قالوا : لا حرج عليهم في ترك الانتقال لانعدام الاشتباه على الداخل عند معاينة فراغ مكان الإمام عنه .
و روي عن محمد أنه قال : يستحب للقوم أيضا أن ينقضوا الصفوف و يتفرقوا ليزول الاشتباه على الداخل المعاين الكل في الصلاة البعيد عن الإمام و لما روينا من حديث أبي هريرة Bه .
و أما الذي هو في الصلاة فنوعان : نوع هو أصلي و نوع هو عارض ثبت وجوبه بسبب عارض