مطلب شرط جواز المسح .
وأما شرط جوازه فهو : أن يكون الغسل مما يضر بالعضو المنكسر والجرح والقرح أو لا يضره الغسل لكنه يخاف الضرر من جهة أخرى بنزع الجبائر فإن كان لا يضر به ولا يخاف لا يجوز ولا يسقط الغسل لأن المسح لمكان العذر ولا عذر .
ثم إذا مسح على الجبائر والخرق التي فوق الجراحة جاز لما قلنا .
وأما إذا مسح على الخرقة الزائدة عن رأس الجراحة و لم يغسل ما تحتها فهل يجوز ؟ لم يذكر هذا في ظاهر الرواية .
و ذكر الحسن بن زياد : أنه ينظر إن كان حل الخرقة و غسل ما تحتها من حوالي الجراحة مما يضر بالجرح المسح على الخرقة الزائدة و يقوم المسح عليها مقام غسل ما تحتها كالمسح على الخرقة التي تلاصق الجراحة و إن كان ذلك لا يضر بالجرح عليه أن يحل و يغسل حوالي الجراحة و لا يجوز المسح عليها لأن الجواز لمكان الضرورة فيقدر بقدر الضرورة .
و من شرط جواز المسح على الجبيرة أيضا أن يكون المسح على عين الجراحة مما يضر بها فإن كان لا يضر بها لا يجوز المسح إلا على نفس الجراحة و لا يجوز على الجبيرة كذا ذكره الحسن بن زياد لأن الجواز على الجبيرة للعذر و لا عذر ولو كانت الجراحة على رأسه و بعضه صحيح فإن كان الصحيح قدر ما يجوز عليه المسح و هو قدر ثلاث أصابع لا يجوز إلا أن يمسح عليه لأن المفروض من مسح الرأس هو هذا القدر و هذا القدر من الرأس صحيح فلا حاجة إلى المسح على الجبائر .
و عبارة مشايخ العراق في مثل هذا أنه إن ذهب عير فعير في الرباط و إن كان أقل من ذلك لم يمسح عليه لأن وجوده و عدمه بمنزلة واحدة و يمسح على الجبائر .
و أما بيان أن المسح على الجبائر هل هو واجب أم لا فقد ذكر محمد في كتاب الصلاة عن أبي حنيفة أنه إذا ترك المسح على الجبائر و ذلك يضره أجزأه و قال أبو يوسف و محمد : إذا كان ذلك لا يضره لم يجز فخرج جواب أبي حنيفة في صورة و خرج جوابهما في صورة أخرى فلم يتبين الخلاف و لا خلاف في أنه إذا كان المسح على الجبائر يضره أنه يسقط عنه المسح لأن الغسل يسقط بالعذر فالمسح أولى .
وأما إذا كان لا يضره لقد حقق بعض مشايخنا الاختلاف فقال : على قول أبي حنيفة المسح على الجبائر مستحب وليس بواجب وهكذا ذكر قول أبي حنيفة في اختلاف زفر ويعقوب وعندهما واجب .
وحجتهما : ما روينا [ عن علي Bه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أمر عليا Bه بالمسح على الجبائر بقوله : امسح عليها ] ومطلق الأمر للوجوب و لأبي حنيفة أن الفرضية لا تثبت إلا بدليل مقطوع به وحديث علي Bه من أخبار الآحاد فلا تثبت الفرضية به .
وقال بعض مشايخنا : إن كان المسح لا يضره يجب بلا خلاف .
ويمكن التوفيق بين حكاية القولين وهو أن من قال : إن المسح على الجبائر ليس بواجب عند أبي حنيفة عنى به أنه ليس بفرض عنده لما ذكرنا أن المفروض اسم لما ثبت وجوبه بدليل مقطوع به ووجوب المسح على الجبائر ثبت بحديث علي Bه وأنه من الأحاد فيوجب العمل دون العلم ومن .
قال : إن المسح على الجبائر واجب عندهما فإنما عنى به وجوب العمل لا الفرضية وعلى هذا لا يتحقق الخلاف لأنهما لا يقولان بفرضية المسح على الجبائر لانعدام دليل الفرضية بل بوجوبه من حيث العمل لأن مطلق الأمر يحمل على الوجوب في حق العمل وإنما الفرضية تثبت بدليل زائد و أبو حنيفة Bه يقول بوجوبه في حق العمل والجواز وعدم الجواز يكون مبنيا على الوجوب وعدم الوجوب في حق العمل .
ولو ترك المسح على بعض الجبائر ومسح على البعض لم يذكر هذا في ظاهر الرواية .
وعن الحسن بن زياد أنه قال : إن مسح على الأكثر جاز وإلا فلا بخلاف مسح الرأس والمسح على الخفين أنه لا يشترط فيهما الأكثر لأن هنالك ورد الشرع بالتقدير فلا تشترط الزيادة على المقدر وههنا لا تقدير من الشرع بل ورد بالمسح على الجبائر فظاهره يقتضي الاستيعاب إلا أن ذلك لا يخلو عن ضرب حرج فأقيم الأكثر مقام الجميع والله أعلم