رفع اليدين في الصلاة .
وأما رفع اليدين عند التكبير فليس بسنة في الفرائض عندنا إلا في تكبيرة الافتتاح وقال الشافعي : يرفع يديه عند الركوع وعند رفع الرأس من الركوع وقال بعضهم : يرفع يديه عند كل تكبيرة وأجمعوا على أنه يرفع الأيدي في تكبير القنوت وتكبيرات العيدين .
احتج الشافعي بما روي [ عن جماعة من الصحابة مثل علي و ابن عمر ووائل بن حجر وأبي هريرة Bهم : أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يرفع يديه عند الركوع وعند رفع الرأس من الركوع ] .
ولنا : ما روى أبو حنيفة بإسناده [ عن عبد الله بن مسعود : أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يرفع يديه عند تكبيرة الافتتاح ثم لا يعود بعد ذلك ] .
و [ عن علقمة أنه قال : صليت خلف عبد الله بن مسعود فلم يرفع يديه عند الركوع وعند رفع الرأس من الركوع فقلت له : لم لا ترفع يديك ؟ فقال : صليت خلف رسول الله صلى الله عليه و سلم وخلف أبي بكر وعمر فلم يرفعوا أيديهم إلا في التكبيرة التي تفتتح بها الصلاة ] .
وروي عن ابن عباس Bهما أنه قال : إن العشرة الذين شهد لهم رسول صلى الله عليه و سلم بالجنة ما .
كانوا يرفعون أيديهم إلا لافتتاح الصلاة وخلاف هؤلاء الصحابة قبيح .
وفي المشاهير [ أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : لا ترفع الأيدي إلا في سبع مواطن عند افتتاح الصلاة وفي العيدين والقنوت في الوتر وعند استلام الحجر وعلى الصفا والمروة وبعرفات وبجمع وعند المقامين عند الجمرتين ] .
و [ روي أنه صلى الله عليه و سلم : رأى بعض أصحابه يرفعون أيديهم عند الركوع وعند رفع الرأس من الركوع فقال : مالي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خيل شمس اسكنوا في الصلاة ] وفي رواية : [ قاروا في الصلاة ] ولأن هذه تكبيرة يؤتى بها في حالة الانتقال فلا يسن رفع اليدين عندها كتكبيرة السجود وتأثيره أن المقصود من رفع اليدين إعلام الأصم الذي خلفه وإنما يحتاج إلى الإعلام بالرفع في التكبيرات التي يؤتى بها في حالة الاستواء كتكبيرات الزوائد في العيدين وتكبير القنوت فأما فيما يؤتى به في حالة الانتقال فلا حاجة إليه لأن الأصم يرى الانتقال فلا حاجة إلى رفع اليدين .
وما رواه منسوخ فإنه روي : [ أنه صلى الله عليه و سلم كان يرفع ثم ترك ذلك ] بدليل ما روي [ عن ابن مسعود Bه أنه قال : رفع رسول صلى الله عليه و سلم فرفعنا وترك فتركنا ] دل عليه أن مدار حديث الرفع على علي وابن عمر وعاصم بن كليب عن أبيه قال : صليت خلف علي سنتين فكان لا يرفع يديه إلا في تكبيرة الافتتاح و مجاهد قال : صليت خلف عبد الله بن عمر سنتين فكان لا يرفع يديه إلا في تكبيرة الافتتاح فدل عملهما على خلاف ما رويا على معرفتهما انتساخ ذلك .
على أن ترك الرفع عند تعارض الأخبار أولى لأنه لو ثبت الرفع لا تربو درجته على السنة ولو لم يثبت كان بدعة وترك البدعة أولى من إتيان السنة ولأن ترك الرفع مع ثبوته لا يوجب فساد الصلاة والتحصيل مع عدم الثبوت يوجب فساد الصلاة لأنه اشتغال بعمل ليس من أعمال الصلاة باليدين جميعا وهو تفسير العمل الكثير وقد بينا المقدار المفروض من الركوع في موضعه .
وأما سنن الركوع فمنها : أن يبسط ظهره لما روي [ عن أبي هريرة وعائشة Bهما أن النبي صلى الله عليه و سلم كان إذا ركع بسط ظهره حتى لو وضع على ظهره قدح من ماء لاستقر ] .
ومنها : أن لا ينكس رأسه ولا يرفعه أي يسوي رأسه بعجزه لما روي : [ أن النبي صلى الله عليه و سلم كان إذا ركع .
لم يرفع رأسه ولم ينكسه ] وروي [ أنه نهى أن يذبح المصلي تذبيح الحمار ] وهو أن يطأطىء رأسه إذا شم البول أو أراد أن يتمرغ ولأن بسط الظهر سنة وأنه لا يحصل مع الرفع والتنكيس .
ومنها : أن يضع يديه على ركبتيه وهو قول عامة الصحابة رضوان الله عليهم وقال ابن مسعود : السنة .
هي التطبيق وهو : أن يجمع بين كفيه ويرسلهما بين فخذيه والصحيح قول العامة لما روي [ عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال لأنس Bه : إذا ركعت فضع كفيك على ركبتيك وفرج بين أصابعك ] .
وفي رواية : [ وفرق بين أصابعك ] .
وروي عن عمر Bه أنه قال : سنت لكم الركب فخذوا بالركب والتطبيق منسوخ لما .
روي أن سعيد بن العاص رأى ابنه يطبق في الصلاة فنهاه عن ذلك فقال : رأيت ابن مسعود يطبق في الصلاة فقال : رحم الله ابن مسعود كنا نطبق في الابتداء ثم نهينا عنه فيحتمل أن ابن مسعود كان يفعله لأن النسخ لم يبلغه .
ومنها : أنه يفرق بين أصابعه لما روينا ولأن السنة هي الوضع مع الأخذ لحديث عمر Bه والتفريق أمكن من الأخذ .
ومنها : أن يقول في ركوعه : سبحانه ربي العظيم ثلاثا وهذا قول العامة وقال مالك في قول : من ترك التسبيح في الركوع تبطل صلاته وفي رواية عنه أنه قال : لا نجد في الركوع دعاء مؤقتا .
وروي عن أبي مطيع البلخي أنه قال : من نقص من الثلاث في تسبيحات الركوع والسجود لم تجزه صلاته وهذا فاسد لأن الأمر تعلق بفعل الركوع والسجود مطلقا عن شرط التسبيح فلا يجوز نسخ الكتاب بخبر الواحد فقلنا بالجواز مع كون التسبيح سنة عملا بالدليلين بقدر الإمكان ودليل كونه سنة ما روى [ عن عقبة بن عامر أنه قال : لما نزل قوله تعالى : { فسبح باسم ربك العظيم } قال النبي صلى الله عليه و سلم : اجعلوها في ركوعكم ولما نزل قوله تعالى : { سبح اسم ربك الأعلى } قال : اجعلوها في سجودكم ] .
ثم السنة فيه أن يقوله ثلاثا وذلك أدناه وقال الشافعي : يقول مرة واحدة لأن الأمر بالفعل لا يقتضي التكرار فيصير ممتثلا بتحصيله مرة واحدة .
ولنا : ما روي [ عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : إذا صلى أحدكم فليقل في ركوعه : سبحان ربي العظيم ثلاثا وفي سجوده : سبحان ربي الأعلى ثلاثا وذلك أدناه ] والأمر بالفعل يحتمل التكرار فيحمل عليه عند قيام الدليل وروي عن محمد أنه إذا سبح مرة واحدة يكره لأن الحديث جعل الثلاث أدنى التمام فما دونه يكون ناقصا فيكره ولو زاد على الثلاث فهو أفضل لأن قوله وذلك أدناه دليل استحباب الزيادة .
وهذا إذا كان منفردا فإن كان مقتديا يسبح إلى أن يرفع الإمام رأسه وأما إذا كان إماما فينبغي أن يسبح ثلاثا ولا يطول على القوم لما روينا من الأحاديث ولأن التطويل سبب التنفير وذلك مكروه .
وقال بعضهم : يقولها أربعا حتى يتمكن القوم من أن يقولوها ثلاثا .
وعن سفيان الثوري أنه يقولها : خمسا .
وقال الشافعي : يزيد في الركوع على التسبيحة الواحدة اللهم لك ركعت ولك خشعت ولك أسلمت وبك أمنت وعليك توكلت .
ويقول في السجود : سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره فتبارك الله أحسن الخالقين .
كذا روي عن علي Bه وهو عندنا محمول على النوافل .
ثم الإمام إذا كان في الركوع فسمع خفق النعل ممن دخل المسجد هل ينتظره أم لا قال أبو يوسف سألت أبا حنيفة و ابن أبي ليلى عن ذلك فكرها .
وقال أبو حنيفة : أخشى عليه أمرا عظيما يعني الشرك .
وروى هشام عن محمد أنه كره ذلك وعن أبي مطيع أنه كان لا يرى به بأسا .
وقال الشافعي : لا بأس به مقدار تسبيحة أو تسبيحتين وقال بعضهم : يطول التسبيحات ولا يزيد على العدد .
وقال أبو القاسم الصفار : إن كان الرجل غنيا لا يجوز له الانتظار وإن كان فقيرا يجوز وقال الفقيه أبو الليث : إن كان الإمام قد عرف الجائي فإنه لا ينتظره لأنه يشبه الميل وإن لم يعرفه فلا بأس به لأن في ذلك إعانة على الطاعة والله أعلم .
وإذا اطمأن راكعا رفع رأسه وقال : سمع الله لمن حمده ولم يرفع يديه فيحتاج فيه إلى بيان المفروض والمسنون أما المفروض فقد ذكرناه وهو الانتقال من الركوع إلى السجود لما بينا أنه وسيلة إلى الركن وأما رفع الرأس وعوده إلى القيام فهو تعديل الانتقال وأنه ليس بفرض عند أبي حنيفة و محمد بل هو واجب أو سنة عندهما وعند أبي يوسف و الشافعي فرض على ما مر .
وأما سنن هذا الانتقال : فمنها أن يأتي بالذكر لأن الانتقال فرض فكان الذكر فيه مسنونا واختلفوا في .
ماهية الذكر والجملة فيه : أن المصلي لا يخلو إما إن كان إماما أو مقتديا أو منفردا فإن كان إماما يقول : سمع الله لمن حمده ولا يقول : ربنا لك الحمد في قول أبي حنيفة وقال أبو يوسف و محمد و الشافعي : يجمع بين التسميع والتحميد وروي عن أبي حنيفة مثل قولهما .
احتجوا بما روي [ عن عائشة Bها أنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا رفع رأسه من الركوع قال : سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد ] وغالب أحواله كان هو الإمام وكذا روى أبو هريرة Bه ولأن الإمام منفرد في حق نفسه وكذا روى أبو هريرة Bه ولأن الإمام منفرد في حق نفسه والمنفرد يجمع بين هذين الذكرين فكذا الإمام ولأن التسميع تحريض على التحميد فلا ينبغي أن يأمر غيره بالبر وينسى نفسه كيلا يدخل تحت قوله تعالى : { أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب } .
واحتج أبو حنيفة : بما [ روى أبو موسى الأشعري وأبو هريرة Bهما عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : إنما جعل الإمام إماما ليؤتم به فلا تختلفوا عليه فإذا كبر فكبروا وإذا قرأ فأنصتوا وإذا قال : ولا الضالين فقولوا : آمين وإذا ركع فاركعوا وإذا قال : سمع الله لمن حمده فقولوا : ربنا لك الحمد ] قسم التحميد والتسميع بين الإمام والقوم فجعل التحميد لهم والتسميع له وفي الجمع بين الذكرين من أحد الجانبين إبطال هذه القسمة وهذا لا يجوز .
وكان ينبني أن لا يجوز للإمام التأمين أيضا بقضية هذا الحديث وإنما عرفنا ذلك لما روينا من الحديث ولأن إتيان التحميد من الإمام يؤدي إلى جعل التابع متبوعا والمتبوع تابعا وهذا لا يجوز .
بيان ذلك : أن الذكر يقارن الانتقال فإذا قال الإمام مقارنا للانتقال : سمع الله لمن حمده يقول المقتدي مقارنا له : ربنا لك الحمد فلو قال الإمام بعد ذلك لوقع قوله بعد قول المقتدي فينقلب المتبوع تابعا والتابع متبوعا ومراعاة التبعية في جميع أجزاء الصلاة واجبة بقدر الإمكان وحديث عائشة Bها محمول على حالة الانفراد في صلاة الليل .
وقولهم : الإمام منفرد في حق نفسه مسلم لكن المنفرد لا يجمع بين الذكرين على إحدى الروايتين عن أبي حنيفة ولأن ما ذكرنا من معنى التبعية لا يتحقق في المنفرد فبطل الاستدلال .
وأما قولهم : إنه يأمر غيره بالبر فينبغي أن لا ينسى نفسه فنقول : إذا أتى بالتسميع فقد صار دالا على التحميد والدال على الخير كفاعله فلم يكن ناسيا نفسه .
هذا إذا كان إماما فإن كان مقتديا يأتي بالتحميد لا غير عندنا وعند الشافعي يجمع بينهما استدلالا بالمنفرد لأن الاقتداء لا أثر له في إسقاط الأذكار بالإجماع وإن اختلفا في القراءة .
ولنا : أن النبي صلى الله عليه و سلم قسم التسميع والتحميد بين الإمام والمقتدي وفي الجمع بينهما من الجانببن إبطال القسمة وهذا لا يجوز ولأن التسميع دعاء إلى التحميد وحق من دعي إلى شيء الإجابة إلى ما دعي إليه لا إعادة ما دعي إليه وإن كان منفردا فإنه يأتي بالتسميع في ظاهر الرواية وكذا يأتي بالتحميد عندهم وعن أبي حنيفة روايتان روى المعلى عن أبي يوسف عن أبي حنيفة : أنه يأتي بالتسميع دون التحميد و إليه ذهب الشيخ الإمام أبو القاسم الصفار و الشيخ أبو بكر الأعمش وروى الحسن عن أبي حنيفة أنه يجمع بينهما وذكر في بعض النوادر عنه أنه يأتي بالتحميد لا غير وفي الجامع الصغير ما يدل عليه فإن أبا يوسف قال : سألت أبا حنيفة C تعالى عن الرجل يرفع رأسه من الركوع في الفريضة أيقول : اللهم اغفر لي قال : يقول : ربنا لك الحمد ويسكت وما أراد به الإمام لأنه لا يأتي بالتحميد عنده فكان المراد منه المنفرد .
وجه هذه الرواية : أن التسميع ترغيب في التحميد وليس معه من يرغبه والإنسان لا يرغب نفسه فكانت حاجته إلى التحميد لا غير .
وجه رواية المعلى : أن التحميد يقع في حالة القومة وهي مسنونة وسنة الذكر تختص بالفرائض والواجبات كالتشهد في القعدة الأولى ولهذا لم يشرع في القعدة بين السجدتين .
وجه رواية الحسن أن رسول الله صلى الله عليه و سلم جمع بينهما في حديث عائشة Bها ولا محمل له .
سوى حالة الانفراد لما مر ولهذا كان عمل الأمة على هذا وما كان الله ليجمع أمة محمد صلى الله عليه و سلم على ضلالة .
واختلفت الأخبار في لفظ التحميد في بعضها : ربنا لك الحمد وفي بعضها : ربنا ولك الحمد وفي بعضها : اللهم ربنا لك الحمد والأشهر هو الأول .
وإذا اطمأن قائما ينحط للسجود لأنه فرغ من الركوع وأتى به على وجه التمام فيلزمه الانتقال إلى ركن آخر وهو السجود إذ الانتقال من ركن إلى ركن فرض لأنه وسيلة إلى الركن على ما مر .
ومن سنن الانتقال : أن يكبر مع الانحطاط ولا يرفع يديه لما تقدم .
ومنها : أن يضع ركبتيه على الأرض ثم يديه وهذا عندنا وقال مالك و الشافعي يضع يديه أولا .
واحتجا بما روي : [ أن النبي صلى الله عليه و سلم نهى عن بروك الجمل في الصلاة ] وهو يضع ركبتيه أولا .
ولنا : عين هذا الحديث لأن الجمل يضع يديه أولا وروي عن عمر و ابن مسعود Bهما مثل قولنا وهذا إذا كان الرجل حافيا يمكنه ذلك فإن كان ذا خف لا يمكنه وضع الركبتين قبل اليدين فإنه يضع يديه أولا ويقدم اليمنى على اليسرى .
ومنها : أن يضع جبهته ثم أنفه وقال بعضهم : أنفه ثم جبهته والكلام في فرضية أصل السجود والقدر المفروض منه ومحل إقامة الفرض قد مر في موضعه وههنا نذكر سنن السجود .
منها : أن يسجد على الأعضاء السبعة لما روينا فيما تقدم .
ومنها : أن يجمع في السجود بين الجبهة والأنف فيضعهما وعند الشافعي فرض لقوله صلى الله عليه و سلم : [ لا يقبل الله صلاة من لم يمس أنفه الأرض كما يمس جبهته ] وهو عندنا محمول على التهديد ونفي الكمال لما مر .
ومنها أن يسجد على الجبهة والأنف من غير حائل من العمامة والقلنسوة ولو سجد على كور العمامة ووجد صلابة الأرض جاز عندنا كذا ذكر محمد في الآثار .
وقال الشافعي : لا يجوز والصحيح قولنا لما روي أن النبي صلى الله عليه و سلم [ كان يسجد على كور عمامته ] .
ولأنه لو سجد على عمامته وهي منفصلة عنه ووجد صلابة الأرض يجوز فكذا إذا كانت متصلة به .
ولو سجد على حشيش أو قطن إن تسفل جبينه فيه حتى وجد حجم الأرض أجزأه وإلا فلا وكذا إذا صلى على طنفسة محشوة جاز إذا كان متلبدا وكذا إذا صلى على الثلج إذا كان موضع سجوده متلبدا يجوز وإلا فلا ولو زحمه الناس فلم يجد موضعا للسجود فسجد على ظهر رجل أجزأه لقول عمر : اسجد على ظهر أخيك فإنه مسجد لك وروى الحسن عن أبي حنيفة أنه إن سجد على ظهر شريكه في الصلاة يجوز وإلا فلا لأن الجواز للضرورة وذلك عند المشاركة في الصلاة .
ومنها : أن يضع يديه في السجود حذاء أذنيه لما روي أن النبي صلى الله عليه و سلم : [ كان إذا سجد وضع يديه حذاء أذنيه ] .
ومنها : أن يوجه أصابعه نحو القبلة لما روي [ عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : إذا سجد العبد سجد كل عضو منه ] فليوجه من أعضائه إلى القبلة ما استطاع .
ومنها : أن يعتمد على راحتيه لـ [ قوله صلى الله عليه و سلم لعبد الله بن عمر : إذا سجدت فاعتمد على راحتيك ] .
ومنها أن يبدي ضبعيه لـ [ قوله لابن عمر : وأبد ضبعيك ] أي أظهر الضبع وهو وسط العضد .
بلحمه و [ روى جابر Bه أن النبي صلى الله عليه و سلم : كان إذا سجد جافى عضديه عن جنبيه حتى يرى بياض إبطيه ] .
ومنها : أن يعتدل في سجوده ولا يفترش ذراعيه لما روي [ عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : اعتدلوا في .
السجود ولا يفترش أحدكم ذراعيه افتراش الكلب ] وقال مالك : يفترش في النفل دون الفرض وهو محجوج لما روينا من الحديث من غير فصل .
وهذا في حق الرجل فأما المرأة فينبغي أن تفترش ذراعيها وتنخفض ولا تنتصب كانتصاب الرجل وتلزق بطنها بفخذيها لأن ذلك أستر لها .
ومنها : أن يقول في سجوده : سبحان ربي الأعلى ثلاثا وذلك أدناه لما ذكرنا .
ثم يرفع رأسه ويكبر حتى يطمئن قاعدا والرفع فرض لأن السجدة الثانية فرض فلا بد من الرفع للانتقال إليها والطمأنينة في القعدة بين السجدتين للاعتدال وليست بفرض في قول أبي حنيفة و محمد رحمهما الله تعالى ولكنها سنة أو واجبة وعند أبي يوسف و الشافعي رحمهما الله تعالى فرض على ما مر .
وأما مقدار الرفع بين السجدتين فقد روى الحسن عن أبي حنيفة C تعالى فيمن رفع رأسه من السجدة مقدار ما تمر الريح بينه وبين الأرض أنه تجوز صلاته وروى أبو يوسف عن أبي حنيفة أنه إذا رفع رأسه مقدار ما يسمى به رافعا جاز وكذا قال محمد بن سلمة أنه إذا رفع رأسه مقدار ما لا يشكل على الناظر أنه رفع رأسه جاز وهو الصحيح لأنه وجد الفصل بين الركنين والانتقال وهذا هو المفروض .
فأما الاعتدال فمن باب السنة أو الواجب على ما مر والسنة فيه أن يكبر مع الرفع لما مر .
ثم ينحط للسجدة الثانية مكبرا ويقول ويفعل فيها مثل ما فعل في الأولى ثم ينهض على صدور قدميه ولا يقعد يعني إذا قام من الأولى إلى الثانية ومن الثالثة إلى الرابعة وقال الشافعي يجلس جلسة خفيفة ثم يقوم واحتج بما [ روى مالك بن الحويرث أن النبي صلى الله عليه و سلم : كان إذا رفع رأسه من السجدة الثانية استوى قاعدا واعتمد بيديه على الأرض حالة القيام ] .
ولنا : ما [ روي أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه و سلم كان إذا قام من السجدة الثانية ينهض على صدور قدميه ] وروي عن عمر وعلي و عبد الله بن مسعود و عبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير Bهم : أنهم كانوا ينهضون على صدور أقدامهم .
وما رواه الشافعي محمول على حالة الضعف حتى كان يقول لأصحابه : لا تبادروني بالركوع والسجود فإني قد بدنت أي كبرت وأسننت فاختار أيسر الأمرين .
ويعتمد بيديه على ركبتيه لا على الأرض ويرفع يديه قبل ركبتيه وعند الشافعي يعتمد بيديه على الأرض ويرفع ركبتيه قبل يديه لما روينا من حديث مالك بن الحويرث .
ولنا : ما روي عن علي أنه قال : من السنة في الصلاة المكتوبة أن لا يعتمد بيديه على الأرض إلا أن يكون شيخا كبيرا وبه تبين أن النبي صلى الله عليه و سلم إنما فعل ذلك في حالة العذر ثم يفعل ذلك في الركعة الثانية مثل ما فعل في الأولى ويقعد على رأس الركعتين وقد بينا فيما تقدم صفة القعدة الأولى وأنها واجبة شرعت للفصل بين الشفعين و ههنا نذكر كيفية القعدة و ذكر القعدة .
أما كيفيتها : فالسنة أن يفترش رجله اليسرى في القعدتين جميعا ويقعد عليها وينصب اليمنى نصبا .
وقال الشافعي : السنة في القعدة الأولى كذلك فأما في الثانية فإنه يتورك وقال مالك : يتورك .
فيهما جميعا وتفسير التورك : أن يضع إليتيه على الأرض ويخرج رجليه إلى الجانب الأيمن ويجلس على وركه الأيسر .
احتج الشافعي بما روي [ عن أبي حميد الساعدي أنه قال : فيما وصف صلاة رسول الله صلى الله عليه و سلم : كان إذا جلس في الأولى فرش رجله اليسرى وقعد عليها ونصب اليمنى نصبا وإذا جلس في الثانية أماط رجليه وأخرجهما من تحت وركه اليمنى ] .
ولنا : ما روي [ عن عائشة Bها أن النبي صلى الله عليه و سلم : كان إذا قعد فرش رجله اليسرى وقعد عليها ونصب اليمنى نصبا ] .
وروى [ أنس بن مالك Bه عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه نهى عن التورك في الصلاة ] وحديث أبي حميد محمول على حال الكبر والضعف وهذا في حق الرجل .
فأما المرأة فإنها تقعد كأستر ما يكون لها فتجلس متوركة لأن مراعاة فرض الستر أولى من مراعاة سنة القعدة .
ويوجه أصابع رجله اليمنى نحو القبلة لما مر وينبغي أن يضع يده اليمنى على فخذه الأيمن واليسرى على فخذه الأيسر في حالة القعدة كذا روي عن محمد في النوادر وذكر الطحاوي أنه يضع يديه على ركبتيه والأول أفضل لما روي [ أن النبي صلى الله عليه و سلم : كان إذا قعد وضع مرفقه اليمنى على فخذه الأيمن ] وكذا اليسرى على فخذه الأيسر ولأن في هذا توجيه أصابعه إلى القبلة وفيما قاله الطحاوي توجيهها إلى الأرض والله أعلم