مطلب غسل الوجه .
وأما أركان الوضوء فأربعة : .
أحدهما : غسل الوجه مرة واحدة لقوله تعالى : { فاغسلوا وجوهكم } والأمر المطلق لا يقتضي التكرار ولم يذكر في ظاهر الرواية حد الوجه وذكر في غير رواية الأصول أنه من قصاص الشعر إلى أسفل الذقن وإلى شحمي الأذنين وهذا تحديد صحيح لأنه تحديد الشيء بما ينبىء عنه اللفظ لغة لأن الوجه اسم لما يواجه الإنسان أو ما يواجه إليه في العادة والمواجهة تقع بهذا المحدود فوجب غسله قبل نبات الشعر فإذا نبت الشعر يسقط غسل ما تحته عند عامة العلماء وقال أبو عبد الله البلخي : أنه لا يسقط غسله وقال الشافعي : إن كان الشعر كثيفا يسقط وإن كان خفيفا لا يسقط .
وجه قول أبي عبد الله : أن ما تحت الشعر بقي داخلا تحت الحد بعد نبات الشعر فلا يسقط غسله .
وجه قول الشافعي : أن السقوط لمكان الحرج والحرج في الكثيف لا في الخفيف .
و لنا : أن الواجب غسل الوجه ولما نبت الشعر خرج ما تحته من أن يكون وجها لأنه لا يواجه إليه فلا يجب غسله وخرج الجواب عما قاله أبو عبد الله وعما قاله الشافعي أيضا لأن السقوط في الكثيف ليس لمكان الحرج بل لخروجه من أن يكون وجها لاستتاره بالشعر وقد وجد ذلك في الخلاف وعلى هذا الخلاف غسل ما تحت الشارب و الحاجبين .
و أما الشعر الني يلاقي الخدين و ظاهر الذقن فقد روى ابن شجاع عن الحسن عن أبي حنيفة و زفر : أنه إذا مسح من لحيته ثلثا منها أو ربعا جاز و إن مسح أقل من ذلك لم يجز .
و قال أبو يوسف : إن لم يمسح شيئا منها جاز و هذه الروايات مرجوع عنها و الصحيح أنه يجب غسله لأن البشرة خرجت من أن تكون وجها لعدم معنى المواجهة لاستتارها بالشعر فصار ظاهر الشعر الملاقي إياها هو الوجه لأن المواجهة تقع إليه و إلى هذا أشار أبو حنيفة فقال : و إنما مواضع الوضوء ما ظهر منها و الظاهر هو الشعر لا البشرة فيجب غسله و لا يجب غسل ما استرسل من اللحية عندنا و عن الشافعي يجب .
له أن المسترسل تابع لما اتصل و التبع حكمه حكم الأصل .
و لنا : أنه إنما يواجه إلى المتصل عادة لا إلى المسترسل فلم يكن المسترسل وجها فلا يجب غسله و يجب غسل البياض الذي بين العذار و الأذن في قول أبي حنيفة و محمد و روي عن أبو يوسف أنه لا يجب لأبي يوسف أن ما تحت العذار لا يجب غسله مع أنه أقرب إلى الوجه فلأن لا يجب غسل البياض أولى و لهما أن البياض داخل في حد الوجه و لم يستر بالشعر فبقي واجب الغسل كما كان بخلاف العذار و إدخال الماء في داخل العينين ليس بواجب لأن داخل العينين ليس بوجه لأنه لا يواجه إليه و لأن فيه حرجا و قيل : أن من تكلف لذلك من الصحابة كف بصره كابن عباس و ابن عمر Bهم