فصل : بيان ما يستحب في يوم العيد .
وأما بيان ما يستحب في يوم العيد : فيستحب فيه أشياء : منها : ما قال أبو يوسف أنه يستحب أن يستاك ويغتسل ويطعم شيئا ويلبس أحسن ثيابه ويمس طيبا ويخرج فطرته قبل أن يخرج .
أما الاغتسال والاستياك ومن الطيب ولبس أحسن الثياب جديدا كان أو غسيلا فلما ذكرنا في الجمعة .
وأما إخراجه الفطرة قبل الخروج إلى المصلى في عيد الفطر فلما روى [ أن النبي كان يخرج قبل أن يخرج إلى المصلى ] ولأنه مسارعة إلى أداء الواجب فكان مندوبا إليه وأما الذوق فيه فلكون اليوم يوم فطر .
وأما في عيد الأضحى فإن شاء ذاق وإن شاء لم يذق والأدب أنه لا يذوق شيئا إلى وقت الفراغ من الصلاة حتى يكون تناوله من القرابين .
ومنها : أن يغدو إلى المصلى جاهرا بالتكبير في عيد الأضحى فإذا انتهى إلى المصلى ترك لما [ روى عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه كان يكبر في الطريق ] .
وأما في عيد الفطر فلا يجهر بالتكبير في قول أبي حنيفة وعند أبي يوسف و محمد يجهر وذكر الطحاوي أنه يجهر في العيدين جميعا واحتجا بقوله تعالى : { ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم } وليس بعد إكمال العدة إلا هذا التكبير و لأبي حنيفة ما روي عن ابن عباس أنه حمله قائده يوم الفطر فسمع الناس يكبرون فقال : لقائده أكبر الإمام ؟ قال : لا قال : أفجن الناس ولو كان الجهر بالتكبير سنة لم يكن لهذا الإنكار معنى ولأن الأصل في الأذكار هو الإخفاء إلا فيما ورد التخصيص فيه وقد ورد في عيد الأضحى فبقي الأمر في عيد الفطر على الأصل .
وأما الآية فقد قيل إن المراد منه صلاة العيد على أن الآية تتعرض لأصل التكبير وكلامنا في وصف التكبير من الجهر والإخفاء والآية ساكتة عن ذلك ومنها : أن يتطوع بعد صلاة العيد أي بعد الفراغ من الخطبة لما روي [ عن علي Bه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : من صلى بعد العيد أربع ركعاتي كتب الله له بكل نبت نبت وبكل ورقة حسنة ] وأما قبل صلاة العيد فلا يتطوع في المصلى ولا في بيته عند أكثر أصحابنا لما نذكر في بيان الأوقات التي يكره فيها التطوع إن شاء الله تعالى .
ومنها : أنه يستحب للأمام إذا خرج إلى الجبانة لصلاة العيد أن يخلف رجلا يصلي بأصحاب العلل في المصر صلاة العيد لما روى عن علي Bه أنه لما قدم الكوفة استخلف أبا موسى الأشعري ليصلي بالضعفة صلاة العيد في المسجد وخرج إلى الجبانة مع خمسين شيخا يمشي ويمشون ولأن في هذا إعانة للضعفة على إحراز الثواب فكان حسنا وإن لم يفعل لا بأس بذلك لأنه لم ينقل ذلك عن رسول الله صلى الله عليه و سلم ولا عن الخلفاء الراشدين سوى علي Bه ولأنه لا صلاة على الضعفة ولكن لو خلف كان أفضل لما بينا ولا يخرج المنبر في العيدين لما روينا [ أن النبي صلى الله عليه و سلم لم يفعل ذلك وقد صح أنه كان يخطب في .
العيدين على ناقته ] وبه جرى التوارث من لدن رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى يومنا هذا ولهذا اتخذوا في المصلى منبرا على حدة من اللبن والطين واتباع ما اشتهر العمل به في الناس واجب