فصل : في كيفية التكفين .
فصل : و أما كيفية التكفين فينبغي أن تجمر الأكفان أولا وترا أي مرة أو ثلاثا أو خمسا و لا يزيد عليه لما روي عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال [ إذا أجمرتم الميت فأجمروه وترا ] و لأن الثوب الجديد أو الغسيل مما يطيب و يجمر في حالة الحياة فكذا بعد الممات و الوتر مندوب إليه في ذلك لقوله A [ إن الله تعالى وتر يحب الوتر ] ثم تبسط اللفافة و هي الرداء طولا ثم يبسط الإزار عليها طولا ثم يلبسه القميص إن كان له قميص و إن لم يكن له السراويل لأن اللبس بعد الوفاة معتبر بحال الحياة إلا أن في حياته كان يلبس السراويل حتى لا تنكشف عورته عند المشي و لا حاجة إلى ذلك بعد موته فأقيم الإزار مقام السراويل إلا أن الإزار في حال حياته تحت القميص و بعد الموت فوق القميص من المنكب إلى القدم لأن الإزار تحت القميص حالة الحياة ليتيسر عليه المشي و بعد الموت لا يحتاج إلى المشي .
ثم يوضع الحنوط على رأسه و لحيته لما روي أن آدم صلى الله عليه و سلم لما توفي غسلته الملائكة و حنطوه و يوضع الكافور على مساجده يعني جبهته و أنفه و يديه و ركبتيه و قدميه لما روي عن ابن مسعود Bه أنه قال : و تتبع مساجده بالطيب يعني الكافور و لأن تعظيم الميت واجب و من تعظيمه أن يطيب لئلا تجيء منه رائحة منتنة و ليصان عن سرعة الفساد و أولى المواضع بالتعظيم مواضع السجود و كذا الرأس و اللحية هما من أشرف الأعضاء لأن الرأس موضع الدماغ و مجمع الحواس و اللحية من الوجه و الوجه : من أشرف الأعضاء .
و عن زفر C تعالى أنه قال : يذر الكافور على عينيه و أنفه و فمه لأن المقصود أن يتباعد الدود من الموضع الذي يذر عليه الكافور فخص هذه المحال من بدنه لهذا و إن لم يجد ذلك لم يضره .
و لا بأس بسائر الطيب غير الزعفران و الورس في حق الرجل لما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم : [ أنه نهى الرجال من المزعفر ] و لم يذكر في الأصل أنه هل تحتشي محارقه و قالوا : إن خشي خروج شيء يلوث الأكفان فلا بأس بذلك في أنفه و فمه و قد جوز الشافعي C تعالى في دبره أيضا و استقبح ذلك مشايخنا و إن لم يخش جاز الترك لانعدام الحاجة إليه ثم يعطف الإزار عليه من قبل شقة الأيسر و إن كان الإزار طويلا حتى يعطف على رأسه و سائر جسده فهو أولى ثم يعطف من قبل شقة الأيمن كذلك فيكون الأيمن فوق الأيسر ثم تعطف اللفافة و هي الرداء كذلك لأن المنتقب في حالة الحياة هكذا يفعل إذا تحزم بدأ بعطف شقه الأيسر على الأيمن ثم يعطف الأيمن على الأيسر فكذا يفعل به بعد الممات .
فإن خيف أن تنتشر أكفانه تعقد و لكن إذا وضع في قبره تحل العقد لزوال ما لأجله عقد و الله أعلم .
و أما المرأة فيبسط لها اللفافة و الإزار و اللفافة فوق الخمار و الخرقة يربط فوق الأكفان عند الصدر فوق الثديين و البطن كي لا ينتشر الكفن باضطراب ثدييها عند الحمل على السرير و عرض الخرقة ما بين الثدي و السرة و هكذا ذكر محمد C تعالى في غير رواية الأصول و يسدل شعرها ما بين ثدييها من الجانبين جميعا تحت الخمار و لا يسدل شعرها خلف ظهرها .
و عند الشافعي C تعالى يسدل خلف ظهرها و احتج بحديث أم عطية أنها قالت : لما توفيت رقية بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم ضفرنا شعرها ثلاثة فروق في ناصيتها و قرنيها و ألقيناها خلفها فدل أن السنة هكذا .
و لنا : أن إلقاءها إلى ظهرها من باب الزينة و هذه ليست بحال زينة و لا حجة في حديث أم عطية لأن ذلك كان فعل أم عطية و ليس في الحديث أن النبي صلى الله عليه و سلم علم ذلك