فصل : في حملة على الجنازة .
فصل : و الكلام في حملة على الجنازة في مواضع في بيان كمية من يحمل الجنازة و كيفية حملها و تشييعها و وضعها و ما يتصل بذلك مما يسن و ما يكره .
أما بيان كمية من يحمل و كيفية حملها .
فالسنة : في حمل الجنازة أربعة نفر من جوانبها الأربع عندنا .
و قال الشافعي C تعالى : السنة حملها بين العمودين و هو أن يحملها رجلان يتقدم أحدهما فيضع جانبي الجنازة على كتفيه و يتأخر فيفعل مثل ذلك و هذا النوع من الحمل مكروه كذا ذكره الحسن بن زياد في المجرد .
و احتج الشافعي C تعالى : بما روي : [ أن النبي صلى الله عليه و سلم حمل جنازة سعد بن معاذ بين العمودين ] .
و لنا ما روي عن عبد الله بن مسعود أنه قال : السنة أن تحمل الجنازة من جوانبها الأربع .
و روي أن ابن عمر Bهما كان يدور على الجنازة من جوانبها الأربع و لأن عمل الناس اشتهر بهذه الصفة و هو آمن من سقوط الجنازة و أيسر على الحاملين المتداولين بينهم و أبعد من تشبيه حمل الجنازة يحمل الأثقال و قد أمرنا بذلك و لهذا يكره حملها على الظهر أو على الدابة و أما الحديث فتأويله أنه كان لضيق المكان أو لعوز الحاملين و من أراد إكمال السنة في حمل الجنازة ينبغي له أن يحملها من الجوانب الأربع لما روينا عن ابن عمر Bهما أنه كان يدور على الجنازة على جوانبها الأربع فيضع مقدم الجنازة على يمينه ثم مؤخرها على يمينه ثم مقدمها على يساره ثم مؤخرها على يساره كما بين في الجامع الصغير و هذا لأن النبي A [ كان يحب التيامن في كل شيء ] .
و إذا حمل هكذا حصلت البداية بيمين الحامل و يمين الميت و إنما بدأنا بالأيمن المقدم دون المؤخر لأن المقدم أول الجنازة و البداية بالشيء إنما تكون من أوله ثم نضع مؤخرها الأيمن على يمينه لأنه لو وضع مقدمها الأيسر على يساره لا حتاج إلى المشي أمامها و المشي خلفها أفضل و لأنه لو فعل ذلك أو وضع مؤخرها الأيسر على يساره على الأيمن ثم يضع مقدمها الأيسر على يساره لقدم الأيسر على الأيمن ثم يضع مقدمها الأيسر على يساره لأنه لو فعل كذلك يقع الفراغ خلف الجنازة فيمشي خلفها و هو أفضل كذلك كان الحمل و لكمال السنة كما وصفنا من النرتيب .
و ينبغي أن يحمل من كل جانب عشر خطوات لما روي في الحديث : [ من حمل جنازة أربعين خطوة كفرت أربعين كبيرة ] .
و أما جنازة الصبي : فالأفضل أن يحملها الرجال و يكره أن توضع جنازته على دابة لأن الصبي مكرم محترم كالبالغ و لهذا يصلى عليه كما يصلى على البالغ و معنى الكرامة والاحترام في الحمل على الأيدي فأما الحمل على الدابة فإهانة له لأنه يشبه حمل الأمتعة و إهانة المحترم مكروه و لا بأس بأن يحمله راكب على دابته و هو أن يكون الحامل له راكبا لأن معنى الكرامة حاصل .
و عن أبي حنيفة C تعالى في الرضيع و الفطيم لا بأس بأن يحمل في طبق يتداولونه و الله أعلم و الإسراع بالجنازة أفضل من الإبطاء لما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ عجلوا بموتاكم فإن يك خيرا قدمتموه إليه و إن يك شرا القيتموه عن رقابكم ] و في رواية [ فبعدا لأهل النار ] لكن ينبغي أن يكون الإسراع دون الخبب لما روي عن ابن مسعود Bه أنه قال : [ سألنا رسول الله صلى الله عليه و سلم عن المشي بالجنازة فقال : ما دون الخبب ] و لأن الخبب يؤدي إلى الضرار بمشيعي الجنازة و يقدم الرأس في حال حمل الجنازة لأنه من أشرف الأعضاء فكان تقديمه أولى و لأن معنى الكرامة في التقديم و الله أعلم وأما كيفية التشييع فالمشي خلف الجنازة أفضل عندنا