كيفة التشييع .
و قال الشافعي C تعالى : المشي أمامها أفضل و احتج بما روى الزهري عن سالم عن عبد الله بن عمر Bه : [ أن النبي صلى الله عليه و سلم و أبا بكر و عمر كانوا يمشون أمام الجنازة و هذا حكاية عادة و كانت عادتهم اختيار الأفضل و لأنهم شفعاء الميت و الشفيع أبدا يتقدم لأنه أحوط للصلاة لما فيه من التحرز عن احتمال الفوت ] .
و لنا : ما روي عن ابن مسعود موقوفا عليه و مرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ الجنازة متبوعة و ليست بتابعه ليس معها من تقدمها ] .
و روي عنه أنه صلى الله عليه و سلم : [ كان يمشي خلف جنازة بن معاذ و روى معمر عن طاوس عن أبيه قال : ما مشى رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى مات إلا خلف الجنازة ] .
و عن ابن مسعود : فضل المشي خلف الجنازة على المشي أمامها كفضل المكتوبة على النافلة و لأن المشي خلفها أقرب إلى الاتعاظ لأنه يعاين الجنازة فيتعظ فكان أفضل و المروي عن النبي صلى الله عليه و سلم لبيان الجواز و تسهيل الأمر على الناس عند الازدحام و هو تأويل فعل أبي بكر وعمر Bهما و الدليل عليه ما روي عن عبد الرحمن بن أبي أندى أنه قال : بينا أنا أمشي مع علي خلف الجنازة و أبو بكر و عمر يمشيان أمامها فقلت لعلي : ما بال أبي بكر و عمر يمشيان أمام الجنازة ؟ .
فقال : إنهما يعلمان أن المشي خلفها أفضل من المشي أمامها إلا أنهما يسهلان بالناس ومعناه أن الناس يتحرزون عن المشي أمامها تعظيما لها فلو اختار المشي خلف الجنازة لضاق الطريق على مشيعيها .
و أما قوله : إن الناس شفعاء الميت فينبغي أن يتقدموا فيشكل هذا بحالة االصلاة فإن حالة الصلاة حالة الشفاعة و مع ذلك لا يتقدمون الميت بل الميت قدامهم و قوله : هذا أحوط للصلاة قلنا عندنا إنما يكون المشي خلفها أفضل إذا كان بقرب منها بحيث يشاهدها و في مثل هذا لا تفوت الصلاة و لو مشى قدامها كان واسعا لأن النبي صلى الله عليه و سلم و أبا بكر و عمر Bهما فعلوا ذلك في الجملة على ما ذكرنا غير أنه يكره أن يتقدم الكل عليها .
لأن فيه إبطال متبوعية الجنازة من كل وجه و لا بأس بالركوب إلى صلاة الجنازة و المشي أفضل لأنه أقرب إلى الخشوع و أليق بالشفاعة و يكره الراكب أن يتقدم الجنازة لأن ذلك لا يخلو عن الضرر بالناس .
و لا تتبع الجنازة بنار إلى قبره يعني الإجمار في قبره لما روي أن النبي صلى الله عليه و سلم خرج في جنازة فرأى امرأة يدها مجمر فصاح عليها و طردها حتى توارت بالآكام و روي عن أبي هريرة Bه أنه قال : .
[ لا تحلموا معي مجمرا ] و لأنها آلة العذاب فلا تتبع معه تفاؤلا .
قال إبراهيم النخعي : أكره أن يكون آخر زاده من الدنيا نارا و لأن هذا فعل أهل الكتاب فيكره التشبيه بهم و لا ينبغي أن يرجع من يتبع الجنازة حتى يصلي لأن الاتباع كان للصلاة عليها فلا يرجع قبل حصول المقصود و لا ينبغي للنساء أن يخرجن في الجنازة لأن النبي صلى الله عليه و سلم نهاهن عن ذلك و قال : [ انصرفن مأزورات غير مأجورات ] .
و لا ينبغي لأحد أن يقوم للجنازة إذا أتى بها بين يديه إلا أن يريد اتباعها و يكره النوح و الصياح في الجنازة و منزل الميت لما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم [ أنه نهى عن الصوتين الأحمقين : صوت النائحة و المغنية ] فأما البكاء فلا بأس لما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه بكى على ابنه إبراهيم و قال [ العين تدمع و القلب يخشع و لا نقول ما يسخط الرب و إنا عليك يا إبراهيم لمحزونون ] و إذا كان مع الجنازة نائحة أو صائحة زجرت فإن لم تنزجر فلا بأس بأن يتبع الجنازة معها و لا يمتنع لأجلها لأن اتباع الجنازة سنة فلا يترك ببدعة من غيره .
و يطيل الصمت إذا أتبع الجنازة .
و يكره رفع الصوت بالذكر لما روي عن قيس بن عبادة أنه قال : [ كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم يكرهون الصوت عند ثلاثة : عند القتال و عند الجنازة و الذكر ] و لأنه تشبه بأهل الكتاب فكان مكروها .
و يكره لمتبعي الجنازة أن يقعدوا قبل وضع الجنازة لأنهم اتباع الجنازة و التبع لا يقعد قبل قعود الأصل و لأنهم إنما حضروا تعظيما للميت و ليس من التعظيم الجلوس قبل الوضع فأما بعد الوضع فلا بأس بذلك لما روي عن عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه و سلم [ كان لا يجلس حتى يوضع الميت في اللحد و كان قائما مع أصحابه على رأس قبر فقال يهودي : هكذا نفعل بموتانا فجلس A و قال لأصحابه : خالفوهم ] .
و أما كيفية الوضع فنقول : إنها توضع عرضا للقبلة هكذا توارثه الناس و الله الموفق ثم إذا وضعت الجنازة يصلى عليها