في سنة الحفر .
فصل : و أما سنة الحفر فالسنة فيه اللحد عندنا .
و عند الشافعي : الشق و احتج أن توارث أهل المدينة الشق دون اللحد و توارثهم حجة .
و لنا : قول النبي صلى الله عليه و سلم : [ اللحد لنا و الشق لغيرنا ] و في رواية [ اللحد لنا و الشق لأهل الكتاب ] .
و روي أن النبي صلى الله عليه و سلم لما توفي اختلف الناس أن يشق له أو يلحد و كان أبو طلحة الأنصاري لحادا و أبو عبيدة بن الجراح شاقا فبعثوا رجلا إلى أبي عبيدة و رجلا إلى أبي طلحة فقال العباس بن عبد المطلب : اللهم خر لنبيك أحب الأمرين إليك فوجد أبا طلحة من كان بعث إليه و لم يجد أبا عبيدة من بعث إليه و العباس Bه كان مستجاب الدعوة و أهل المدينة إنما توارثوا الشق لضعف أراضيهم بالبقيع و لهذا اختار أهل بخارى الشق دون اللحد لتعذر اللحد لرخاوة أراضيهم .
و صفة اللحد : أن يحفر القبر ثم يحفر في جانب القبلة منه حفيرة فيوضع فيه الميت .
و صفة الشق : أن يحفر حفيرة في وسط القبر فيوضع فيه الميت و يجعل على اللحد البن و القصب لما روي أنه وضع على قبر رسول الله صلى الله عليه و سلم طن من قصب .
و روي أنه صلى الله عليه و سلم رأى فرجة في قبر فأخذ مدرة و ناولها الحفار و قال : [ سد بها تلك الفرجة فإن الله تعالى يحب من كل صانع أن يحكم صنعته ] و المدرة قطعة من اللبن .
و روي عن سعيد بن العاص أنه قال : اجعلوا على قبري اللبن و القصب كما جعل على قبر رسول الله صلى الله عليه و سلم و قبر أبي بكر و قبر عمر و لأن اللبن و القصب لا بد منهما ليمنعا ما يهال من التراب على القبر من الوصول إلى الميت و يكره الآجر و دفوف الخشب لما روي عن إبراهيم النخعي أنه قال : كانوا يستحبون اللبن و القصب على القبور و كانوا يكرهون الآجر .
و روي أن النبي صلى الله عليه و سلم [ نهى أن تشبه القبور بالعمران ] و الآخر و الخشب للعمران و لأن الآجر مما يستعمل للزينة و لا حاجة إليها للميت و لأنه مما مسته النار فيكره أن يجعل على الميت تفاؤلا كما يكره أن يتبع قبره بنار تفاؤلا و كان الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل البخاري يقول : لا بأس بالآجر في ديارنا لرخاوة الأراضي و كان أيضا يجوز دفوف الخشب و اتخاذ التابوت للميت حتى قال : لو اتخذوا تابوتا من حديد لم أر به بأسا في هذه الديار