فصل : و أما شرائط الجواز فثلاثة .
فصل : و أما شرائط الجواز فثلاثة : .
أحدها : كمال النصاب في أول الحول .
و الثاني : كماله في آخر الحول .
و الثالث : أن لا ينقطع النصاب فيما بين ذلك حتى لو عجل و له في أول الحول أقل من النصاب ثم كمل في أخره فتم الحول و النصاب كامل لم يكن المعجل زكاة بل كان تطوعا و كذا لو عجل و النصاب كامل ثم هلك نصفه مثلا فتم الحول و النصاب غير كامل لم يجز التعجيل و إنما كان كذلك لأن المعتبر كمال النصاب في طرفي الحول و لأن سبب الوجوب هو النصاب فأحد الطرفين حال انعقاد السبب و الطرف الآخر حال الوجوب أو حال تأكد الوجوب بالسبب و ما بين ذلك ليس بحال الانعقاد ولا حال الوجوب إذ تأكد الوجوب بالسبب فلا معنى لاشتراط النصاب عنده .
و لأن في اعتبار كمال النصاب فيما بين ذلك حرجا لأن التجار يحتاجون إلى النظر في ذلك كل يوم و كل ساعة و فيه من الحرج مالا يخفى ولا حرج في مراعاة الكمال في أول الحول و آخره و كذلك جرت عادة التجار بتعرف رؤوس أموالهم في أول الحول و آخره ولا يلتفتون إلى ذلك في أثناء الحول إلا أنه لابد من بقاء شيء من النصاب و إن قل في أثناء الحول ليضم المستفاد إليه و لأنه إذا هلك النصاب الأول كله فقد انقطع حكم الحول فلا يمكن إبقاء المعجل زكاة فيقع تطوعا .
و لو كان نصاب في أول الحول فعجل زكاته و انتقص النصاب و لو يستفيد شيئا حتى حال الحول و النصاب ناقص لم يجز التعجيل و يقع المؤدى تطوعا و لا يعتبر المعجل في تمام النصاب عندنا .
و عند الشافعي : يكمل النصاب بما عجل و يقع زكاة .
و صورته إذا عجل خمسة عن مائتين و لم يستفد شيئا حتى حال الحول و عنده مائة و خمسة و تسعون أو عجل شاة من أربعين فحال عليها الحول و عنده تسعة و ثلاثون لم يجز التعجيل عندنا و عنده جائز .
وجه قوله : إن المعجم وقع زكاة عن كل النصاب فيعتبر في إتمام النصاب .
و لنا : أن المؤدى مال أزال ملكه عنه بنية الزكاة فلا يكمل به النصاب كما لو هلك في يد الإمام و لو استفاد خمسة في آخر الحول جاز التعجيل لوجود كمال النصاب في طرفي الحول و لو كان له مائتا درهم فعجل زكاتها خمسة فانتقص النصاب ثم استفاد ما يكمل به النصاب بعد الحول في أول الحول الثاني و تم الحول الثاني و النصاب كامل فعليه الزكاة للحول الثاني و ما عجل يكون تطوعا لأنه عجل للحول الأول و لم تجب عليه الزكاة للحول الأول لنقصان النصاب في آخر الحول .
و لو كان له مائتا درهم فعجل خمسة منها ثم تم الحول و النصاب ناقص و دخل الحول الثاني و هو ناقص ثم تم الحول الثاني و هو كامل لا تجزي الخمسة عن السنة الأولى و لا عن السنة الثانية لأن في السنة الأولى كان النصاب ناقصا في آخرها و في السنة الثانية كان ناقصا في أولها فلم تجب الزكاة في السنتين فلا يقع المؤدى زكاة عنهما و لو كان له مائتا درهم فحال الحول و أدى خمسة منها حتى انتقص منها خمسة ثم إنه عجل عن السنة الثانية خمسة حتى انتقص منها خمسة أخرى فصار المال مائة و تسعين فتم الحول الثاني و قد استفاد عشرة حتى حال الحول على المائتين .
ذكر في الجامع أن الخمسة التي عجل للحول الثاني جائزة .
طعن عيسى بن أبان و قال : ينبغي أن لا تجزئه هذه الخمسة عن السنة الثانية لأن الحول الأول لما تم وجبت الزكاة و صارت خمسة من المائتين واجبة و وجوب الزكاة يمنع وجوب الزكاة فانعقد الحول الثاني و النصاب ناقص فكان تعجيل الخمسة عن السنة الثانية تعجيلا حال نقصان النصاب فلم يجز .
و الجواب : أن الزكاة تجب بعد تمام السنة الأولى و تمام السنة الأولى يتعقبه الجزء الأول من السنة الثانية و الوجوب ثبت مقارنا لذلك الجزء و النصاب كان كاملا في ذلك الوقت ثم انتقص بعد ذلك و هو حال وجود الجزء الثاني من السنة الثانية فكان ذلك نقصان النصاب في أثناء الحول و لا عبرة به عند وجود الكمال في طرفيه و قد وجد ههنا فجاز التعجيل لوجود حال كمال النصاب