فصل : و أما كيفية وجوبها .
و أما كيفية وجوبها فقد اختلف أصحابنا فيه قال بعضهم : إنما يجب وجوبا مضيقا في يوم الفطر عينا .
و قال بعضهم : يجب وجوبا موسعا في العمر كالزكاة و النذور و الكفارات و نحوها و هذا هو الصحيح لأن الأمر بأدائها مطلق عن الوقت فلا يتضيق الوجوب إلا في آخر العمر كالأمر بالزكاة و سائر الأوامر المطلقة عن الوقت .
فصل : و أما بيان من تجب عليه فيضمن بيان شرائط الوجوب و أنها أنواع منها الإسلام فلا يجب على الكافر لأنه لا سبيل إلى الايجاب في حالة الكفر لأن فيها معنى العبادة حتى لا تتأدى بدون النية و الكافر ليس من أهل العبادة و لا تجب بدون الإسلام بالإجماع و إيجاب فعل لا يقدر المكلف على أدائه في الحال و في الثاني تكليف ما ليس في الوسع لهذا قلنا إن الكفار ليسوا مخاطبين بشرائع هي عبادات .
و منها : الحرية عندنا فلا تجب على العبد .
و قال الشافعي : الحرية من شرائط الوجوب و تجب الفطرة على العبد و يتحملها المولى عنه و احتج بما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ أدوا عن كل حر و عبد ] و الأداء عنه ينبي عن التحمل عنه و أنه يقتضي الوجوب عليه .
و لنا : أن الوجوب هو وجوب الأداء و لا سبيل إلى إيجاب الأداء على العبد لأن العبد لا يكلف بأدائها في الحال و لا بعد العتق و إيجاب فعل لا سبيل إلى أدائه رأسا ممتنع بخلاف الصبي الغني إذا لم يخرج وليه عنه على أصل أبي حنيفة و أبي يوسف أنه يلزمه الأداء لأنه يقدر على أدائه بعد البلوغ و أما الحديث فلم قلتم أن الأداء عنه يقتضي الوجوب عليه و سنذكر معناه .
و منها : الغنا فلا يجب الأداء إلا على الغني و هذا عندنا .
و قال الشافعي : لا يشترط لوجوبها الغنا و تجب على الفقير الذي زيادة على قوت يومه و قوت عياله وجه قوله : أن وجوبها ثبت مطهرة للصائم و معنى المطهرة لا يختلف بالغنا و الفقر .
و لنا : قول النبي صلى الله عليه و سلم [ لا صدقة إلا عن ظهر غنى ] و قد بينا حد الغنا الذي يجب به صدقة الفطر في زكاة المال ثم الغنا شرط الوجوب لا شرط بقاء الواجب حتى لو افتقر بعد يوم الفطر لا يسقط الواجب لأن هذا الحق يجب في الذمة لا في المال فلا يشترط لبقاء المال بخلاف الزكاة .
و أما العقل و البلوغ : فليسا من شرائط الوجوب في قول أبي حنيفة و أبي يوسف حتى تجب صدقة الفطر على الصبي و المجنون إذا كان لهما مال و يخرجها الولي من مالهما .
و قال محمد و زفر : لا فطرة عليهما حتى لو أدى الأب أو الوصي من مالهما لا يضمنان عند أبي حنيفة و أبي يوسف .
و عند محمد و زفر : يضمنان .
وجه قولهما : أنها عبادة و العبادات لا تجب على الصبيان و المجانين كالصوم و الصلاة و الزكاة و لأبي حنيفة و أبي يوسف أنها ليست بعبادة محضة بل فيها معنى المؤنة فأشبهت العشر و كذلك وجود الصوم في شهر رمضان ليس بشرط لوجوب الفطرة حتى أن من أفطر لكبر أو مرض أو سفر يلزمه صدقة الفطر لأن الأمر بأدائها مطلق عن هذا الشرط و لأنها تجب على من لا يوجد منه الصوم و هو الصغير