فصل : و أما وقت وجوب صدقة الفطر .
فصل : و أما وقت وجوب صدقة الفطر فقد اختلف فيه قال أصحابنا : هو وقت طلوع الفجرالثاني من يوم الفطر .
و قال الشافعي : هو وقت غروب الشمس من آخر يوم من رمضان حتى لو ملك عبدا أو ولد له ولد أو كان كافرا فأسلم أو كان فقيرا فاستغنى إن كان ذلك قبل طلوع الشمس تجب عليه فطرة و إن كان بعده لا تجب عليه و كذا من مات قبل طلوع الفجر لم تجب فطرته و إن مات بعده وجبت .
و عند الشافعي : إن كان قبل غروب الشمس تجب عليه و إن كان بعده لا تجب و كذا إن مات قبله لم تجب و إن مات بعده وجبت .
وجه قوله : أن سبب وجوب هذه الصدقة هو الفطر لأنها تضاف إليه و الإضافة تدل على السببية كإضافة الصلوات إلى أوقاتها و إضافة الصوم إلى الشهر و نحو ذلك و كما غربت الشمس من آخر يوم من رمضان جاء وقت الفطر فوجبت الصدقة .
و لنا : ما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ صومكم و فطركم يوم تفطرون ] أي وقت فطركم يوم تفطرون خص وقت الفطر بيوم الفطر حيث أضافه إلى اليوم و الإضافة للاختصاص فيقتضي اختصاص الوقت بالفطر يظهر باليوم و إلا فالليالي كلها في حق الفطر سواء فلا يظهر اللاختصاص و به تبين أن المراد .
من قوله : صدقة الفطر أي صدقة يوم الفطر فكانت الصدقة مضافة إلى يوم الفطر فكان سببا لوجوبها .
و لو عجل الصدقة على يوم الفطر لم يذكر في ظاهر الرواية و روى الحسن عن أبي حنيفة أنه يجوز التعجيل سنة و سنتين .
و عن خلف بن أيوب : أنه يجوز تعجيلها إذا دخل رمضان و لا يجوز قبله و ذكر الكرخي في مختصره أنه يجوز التعجيل بيوم أو يومين .
و قال الحسن بن زياد : لا يجوز تعجيلها أصلا .
وجه قوله : أن الوقت وجوب هذا الحق هو يوم الفطر فكان التعجيل أداء الواجب قبل وجوبه و أنه ممتنع كتعجيل الأضحية قبل يوم النحر .
وجه قول خلف : أن هذه فطرة عن الصوم فلا يجوز تقديمها على وقت الصوم و ما ذكره الكرخي من اليوم أو اليومين فقد قيل : إنه ما أراد به الشرط فإن أراد به الشرط فوجهه أن وجوبها لإغناء الفقير في يوم الفطر و هذا المقصود يحصل بالتعجيل بيوم أو يومين لأن الظاهر أن المعجل يبقى إلى يوم الفطر فيحصل الإغناء يوم الفطر و ما زاد على ذلك لا يبقى فلا يحصل المقصود .
و الصحيح : أنه يجوز التعجيل مطلقا و ذكر السنة و السنتين في رواية الحسن ليس على التقدير بل هو بيان لاستكثار المدة أي يجوز و إن كثرت المدة كما في قوله تعالى : { إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم } .
و وجهه : أن الوجوب إن لم يثبت فقد وجد سبب الوجوب و هو رأس يمونه و يلي عليه و التعجيل بعد وجود السبب جائز كتعجيل الزكاة و العشور و كفارة القتل و الله أعلم