الصيام في الأيام المكروهة .
أما الصيام في الأيام الكروهة فمنها : صوم يومي العيد و أيام التشريق .
و عند الشافعي : لا يجوز الصوم في هذه الأيام و هو رواية أبي يوسف و عبد الله بن المبارك عن أبي حنيفة و احتج بالنهي الوارد عن الصوم فيها و هو ما روى أبو هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ ألا لا تصوموا في هذه الأيام فإنها أيام أكل و شرب و بعال ] و النهي للتحريم ولأنه عين هذه الأيام لأضداد الصوم فلا تبقى محلا للصوم .
و الجواب : أن ما ذكرنا من النصوص و المعقول يقتضي جواز الصوم في هذه الأيام فحمل النهي على الكراهة و يحمل التعيين على الندب و الاستجباب توفيقا بين الدلائل بقدر الإمكان .
و عندنا : يكره الصوم في هذه الأيام و المستحب هو الإفطار .
و منها : إتباع رمضان بست من شوال كذا قال أبي يوسف كانوا يكرهون أن يتبعوا رمضان صوما خوفا أن يلحق ذلك بالفريضة .
و كذا روي عن مالك أنه قال : أكره أن يتبع رمضان بست من شوال و ما رأيت أحدا من أهل الفقه و العلم يصومها و لم يبلغنا عن أحد من السلف و أن أهل العلم يكرهون ذلك و يخافون بدعته و أن يلحق أهل الجفاء برمضان ما ليس منه و الاتباع المكروه هو أن يصوم يوم الفطر و يصوم بعده خمسة أيام فأما إذا أفطر يوم العيد ثم صام بعد ستة أيام فليس بمكروه بل هو مستحب و سنة .
و منها : صوم يوم الشك بنية رمضان أو بنية مترددة اما بنية رمضان فلقول النبي صلى الله عليه و سلم : [ لا يصام اليوم الذي يشك فيه من رمضان إلا تطوعا ] .
و عن عمر و عثمان و علي Bه أنهم كانوا ينهون عن صوم اليوم الذي يشك فيه من رمضان و لأنه يريد أن يزيد في رمضان .
و قد روي عن ابن مسعود Bه أنه قال : [ لأن أفطر يوما من رمضان ثم أقضيه أحب إلي أن أزيد فيه ما ليس منه ] .
و أما النية المترددة بأن نوى أن يكون صومه عن رمضان إن كان اليوم من رمضان و إن لم يكن تطوعا فلأن النية المترددة لا تكون نية حقيقية لأن النية تعين للعمل و التردد يمنع التعيين .
و أما صوم يوم الشك بنية التطوع فلا يكره عندنا و يكره عند الشافعي و احتج بما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم ] .
و لنا ما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ لا يصام اليوم الذي يشك فيه من رمضان إلا تطوعا ] استثنى التطوع و المستثنى يخالف حكمه حكم المستثنى منه و أما الحديث فالمراد منه صوم يوم الشك عن رمضان لأن المروي أن النبي صلى الله عليه و سلم نهى عن صوم يوم الشك عن رمضان و قال : [ من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم ] أي صام عن رمضان .
و اختلف المشايخ في أن الفضل أن يصوم فيه تطوعا أو يفطر أو ينتظر قال بعضهم : الأفضل أن يصوم لما روي [ عن عائشة و علي Bهما أنهما كان يصومان يوم الشك بنية التطوع و يقولان : لأن نصوم يوما من شعبان أحب إلينا من أن نفطر يوما من رمضان ] فقد صاما و نبها على المعنى و هو أن يكون هذا من رمضان و يحتمل أن يكون من شعبان فلو صام لدار الصوم بين أن يكون من رمضان و بين أن يكون من شعبان و لو أفطر لدار الفطر بين أن يكون في رمضان و بين أن يكون في شعبان فكان الاحتياط في الصوم .
و قال بعضهم : الإفطار أفضل و به كان يفتي محمد بن سلمة و كان يضع كوزا له بين يديه يوم الشك فإذا جاءه مستفتي عن صوم يوم الشك أفتاه بالإطار و شرب من الكوز بين يدي المستفتي و إنما كان يفعل كذلك لأنه لو أفتى بالصوم لاعتاده الناس فيخاف أن يلحق بالفريضة .
و قال بعضهم : يصام سرا و لا يفتى به العوام لئلا يظنه الجهال زيادة على صوم رمضان هكذا روى عن أبي يوسف أنه استفتي عن صوم يوم الشك فأفتى بالفطر ثم قال للمستفتي : تعال فلما دنا منه اخبره سرا فقال : إني صائم و قال بعضهم : ينتظر فلا يصوم و لا يفطر فإن تبين قبل الزوال أنه من رمضان عزم على الصوم و إن لم يتبين أفطر لما روي عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ أصبحوا يوم الشك مفطرين متلومين ] أي غير آكلين و لا عازمين على الصوم إلا إذا كان صائما قبل ذلك فوصل يوم الشك به .
و منها : أن يستقبل الشهر بيوم أو يومين بأن تعمد ذلك فإن وافق ذلك صوما كان يصومه قبل ذلك فلا بأس به لما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ لا تتقدموا الشهر بيوم و لا بيومين إلا أن يوافق ذلك صوما كان يصومه أحدكم و لأن استقبال الشهر بيوم أو بيومين يوهم الزيادة على الشهر و لا كذلك إذا وافق صوما كان يصومه قبل ذلك لأنه لم يستقبل الشهر و ليس فيه و هم الزيادة و قد روي أن رسول الله صلى الله عليه و سلم : كان يصل شعبان برمضان ]