بيان فريضته .
أما الأول فالحج فريضة ثبتت فرضيته بالكتاب و السنة و إجماع الأمة و المعقول .
أما الكتاب : فقوله تعالى : { و لله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } في الآية دليل وجوب الحج من وجهين : .
أحدهما : أنه قال : { و لله على الناس حج البيت } و على كلمة إيجاب .
و الثاني : أنه قال تعالى : { و من كفر } قيل : في التأويل و من كفر بوجوب الحج حتى روي عن ابن عباس Bه أنه قال : أي و من كفر بالحج فلم ير حجه برا و لا تركه مأثما و قوله تعالى لإبراهيم عليه الصلاة و السلام : { و أذن في الناس بالحج } أي ادع الناس و نادهم إلى حج البيت و قيل أي أعلم الناس أن الله فرض عليهم الحج دليله قوله تعالى : { يأتوك رجالا و على كل ضامر } .
و أما السنة فقوله A : [ بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله و إقام الصلاة و إيتاء الزكاة و صوم رمضان و حج البيت من استطاع إليه سبيلا ] و قوله A : [ اعبدوا ربكم و صلوا خمسكم و صوموا شهركم و حجوا بيت ربكم و أذوا زكاة أموالكم طيبة بها أنفسهم تدخلوا جنة ربكم ] .
و روي عنه E أنه قال : [ من مات و لم يحج حجة الإسلام من غير أن يمنعه سلطان جائر أو مرض حابس أو عدو ظاهر فليمت إن شاء يهوديا و إن شاء نصرانيا أو مجوسيا ] .
و روى أنه قال : [ من ملك زادا وراحلة تبلغه إلى بيت الله الحرام فلم يحج فلا عليه أن يموت يهوديا أو نصرانيا ] .
و أما الجماع : فلأن الأمة أجمعت على فرضيته و أما المعقول فهو أن العبادات و جبت لحق العبودية أو لحق شكر النعمة إذ كل ذلك لازم في العقول و في الحج إظهار العبودية و شكر النعمة أما الإظهار العبودية لأن الإظهار العبودية هو إظهار التذلل للمعبود و في الحج ذلك لأن الحج فلي حال إحرامه يظهر الشعث و يرفض أسباب التزين و الارتفاق و يتصور بصورة عبد سخط عليه مولاه فيتعرض بسوء حاله لعطف مولاه و مرحمته إياه و في حال وقوقفه بمنزلة عبد عصى مولاه فوقف بين يديه متضرعا حامدا له مثنيا عليه مستغفرا لزلاته مستقيلا لعثراته و بالطواف حول البيت يلازم المكان المنسوب إلى ربه بمنزلة عبد معتكف على باب مولاه لا ئذ بجنابه .
و أما شكر النعمة فلأن العبادات بعضها بدنية و بعضها مالية و الحج عبادة لا تقوم إلا بالبدن و المال و لهذا لا يجب إلا عند وجود المال و صحة البدن فكان فيه شكر النعمتين و شكر النعمة ليس إلا استعمالها في طاعة المنعم و شكر النعمة واجب عقلا و شرعا و الله أعلم