فصل : و أما زمان هذا الطواف .
فصل : و أما زمان هذا الطواف و هو وقته فأوله حين يطلع الفجر الثاني من يوم النحر بلا خلاف بين أصحابنا حتى لا يجوز قبله .
و قال الشافعي : أول وقته منتصف ليلة النحر و هذا غير سديد لأن ليلة وقت ركن آخر و هو الوقوف بعرفة فلا يكون وقتا للطواف لأن الوقت الواحد لا يكون وقتا لركنين و ليس لآخر زمان معين موقت به فرضا بل جميع الأيام و الليالي وقته فرضا بلا خلاف بين أصحابنا لكنه موقت بأيام النحر وجوبا في قول أبي حنيقة حتى لو أخره عنها فعليه دم عنده و في قول أبي يوسف و محمد غير موقت أصلا و لو أخره عن أيام النحر لا شيء عليه و به أخذ الشافعي .
و احتجوا بما [ روي أن رسول الله A سئل عمن ذبح قبل أن يرمي فقال : ارم و لا حرج ] و ما سئل يومئذ عن أفعال الحج قدم شيء منها أو أخر إلا قال : [ افعل و لا حرج ] فهذا بنفي توقيت آخره و ينفي وجوب الدم بالتأخير و لأنه و لو توقت آخره لسقط بمضي آخره كالوفوق بعرفة فلما لم يسقط دل أنه لم يتوقت .
و لأبي حنيفة أن التأخير بمنزلة الترك في حق وجوب الجابر بدليل أم من جاوز الميقات بغير إحرام ثم أحرم يلزمه الجابر و هو سجدتا السهو فكان الفقه في ذلك أن أداء الواجب كما هو واجب فمراعاة محل الواجب واجب فكان التأخير تركا للمراعاة الواجبة و هي مراعاة في محله و الترك تركا لواجبين : .
أحدهما : أداء الواجب في نفسه .
و الثاني : مراعاة في محله فإذا ترك هذا الواجب يجب جبره بالدم .
و إذا توقت هذا الطواف بأيام النحر وجوبا عنده فإذا أخره عنها فقد ترك الواجب فأوجب ذلك نقصانا فيه فيجب جبره بالدم و لما لم يتوقت عندهما ففي أي وقت فعله فقد فعله في وقته فلا يتمكن فيه نقص فلا يلزمه شيء و لا حجة لهما في الحديث لأن فيه نفي الحرج و هو نفي الإثم و انتفاء الإثم لا ينفي وجوب الكفارة كما لو حلق رأسه لأذى فيه أنه لا يأثم و عليه الدم كذا ههنا .
و قولهما : إنه لا يسقط بمضي آخر الوقت كالصلوات المكتوبات أنها لا تسقط بخروج أوقاتها و إن كانت مؤقتة حتى تقضي كذا هذا و الأفضل هو الطواف في أول أيام النحر لقوله A : [ أيام النحر ثلاثة أولها أفضلها و قد روى : أنه A طاف في أول أيام النحر ] و معلوم أنه كان يأتي بالعبادات في أفضل أوقاتها و لأن الطواف يقع به تمام التحلل و هو التحلل من النساء فكان في تعجيله صيانة نفسه عن الوقوع في الجماع و لزوم البدنة فكان أولى