مطلب في لمس المرأة .
ولو لمس امرأته بشهوة أو غير شهوة فرجها أو سائر أعضائها من غير حائل ولم ينشر لها لا ينتقض وضوؤه عند عامة العلماء .
وقال مالك : إن كان المس بشهوة يكون حدثا وإن كان بغير شهوة بأن كانت صغيرة أو كانت ذا رحم محرم منه لا يكون حدثا وهو أحد قولي الشافعي وفي قول : يكون حدثا كيفما كان بشهوة أو بغير شهوة وهل تنتقض طهارة الملموسة لا شك أنها لا تنتقض عندنا و للشافعي فيه قولان احتجاجا بقوله تعالى : .
{ أو لامستم النساء } والملامسة مفاعلة من اللمس واللمس والمس واحد لغة قال الله تعالى : { وأنا لمسنا السماء } حقيقة المس باليد وللجماع مجاز أو هو حقيقة لهما جميعا لوجود المس فيهما جميعا وإنما اختلف آلة المس فكان الاسم حقيقة لهما لوجود معنى الاسم فيهما وقد جعل الله تعالى اللمس حدثا حيث أوجب به إحدى الطهارتين وهي التيمم .
ولنا : ما روى [ عن عائشة Bها أنها سئلت عن هذه الحادثة فقالت : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يقبل .
بعض نسائه ثم يخرج إلى الصلاة ولا يتوضأ ] ولأن المس ليس بحدث بنفسه ولا سبب لوجود الحدث غالبا فأشبه مس الرجل الرجل والمرأة المرأة ولأن مس أحد الزوجين صاحبه مما يكثر وجوده فلو جعل حدثا لوقع الناس في الحرج .
وأما الآية فقد نقل عن ابن عباس Bهما أن المراد من اللمس الجماع وهو ترجمان القرآن .
وذكر ابن السكيت في إصلاح المنطق أن اللمس إذا قرن بالنساء يراد به الوطء تقول العرب : .
لمست المرأة أي جامعتها على أن اللمس يحتمل الجماع إما حقيقة وإما مجازا فيحمل عليه توفيقا بين الدلائل ولو مس ذكره بباطن كفه من غير حائل لا ينتقض وضوؤه عندنا وعند الشافعي ينتقض احتج بما [ روت بسرة بنت صفوان عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : من مس ذكره فليتوضأ ] .
ولنا : ما روي عن عمر وعلي و ابن مسعود و ابن عباس وزيد بن ثابت وعمران بن حصين وحذيفة بن اليمان وأبي الدرداء وأبي هريرة Bهم أنهم لم يجعلوا مس الذكر حدثا حتى قال علي Bه : لا أبالي مسسته أو أرنبة أنفي .
وقال بعضهم : للراوي إن كان نجسا فاقطعه ولأنه ليس بحدث بنفسه ولا سبب لوجود الحدث غالبا فأشبه مس الأنف ولأن مس الإنسان ذكره مما يغلب وجوده فلو جعل حدثا يؤدي إلى الحرج .
وما رواه فقد قيل أنه ليس بثابت لوجوه : .
أحدهما : أنه مخالف لإجماع الصحابة Bهم وهو ما ذكرنا .
والثاني : أنه روي أن هذه الحادثة وقعت في زمن مروان بن الحكم فشاور من بقي من الصحابة فقالوا : لا ندع كتاب ربنا ولا سنة نبينا بقول امرأة لا ندري أصدقت أم كذبت .
والثالث : أنه خبر واحد فيما تعم به البلوى فلو ثبت لاشتهر ولو ثبت فهو محمول على غسل اليدين لأن الصحابة كانوا يستنجون بالأحجار دون الماء فإذا مسوه بأيديهم كانت تتلوث خصوصا في أيام الصيف فأمر بالغسل لهذا والله أعلم .
ومنها : الإغماء والجنون والسكر الذي يستر العقل أما الإغماء فلأنه في استرخاء المفاصل واستطلاق الوكاء فوق النوم مضطجعا وذلك حدث فهذا أولى وأما الجنون فلأن المبتلى به يحدث حدثا ولا يشعر به فأقيم السبب مقام المسبب والسكر الذي يستر العقل في معنى الجنون في عدم التمييز وقد انضاف إليه استرخاء المفاصل ولا فرق في حق هؤلاء بين الاضطجاع والقيام لأن ما ذكرنا من المعنى لا يوجب الفصل بين حال وحال