فصل : صفات الشاهد الذي ينعقد به النكاح .
و أما صفات الشاهد الذي ينعقد به النكاح و هي شرائط تحمل الشهادة للنكاح فمنها : العقل و منها : البلوغ و منها الحرية فلا ينعقد النكاح بحضرة المجانين و الصبيان و المماليك قنا كان المملوك أو مدبرا أو مكاتبا من مشايخنا من أصل في هذا أصلا فقال : كل من صلح أن يكون وليا في النكاح بولاية نفسه يصلح شاهدا فيه و إلا فلا و هذا الاعتبار صحيح لأن الشهادة من باب الولاية لأنها تنفيذ القول على الغير و الولاية هي نفاذ المشيئة و هؤلاء ليس لهم ولاية الإنكاح لأنه لا ولاية لهم على أنفسهم فكيف يكون لهم ولاية على غيرهم إلا المكاتب فإنه يزوج أمته لكن لا بولاية نفسه بل بولاية مولاه بتسليطه على ذلك بعقد الكتابة و كان التزويج من المولى من حيث المعنى فلا يصلح شاهدا .
و منهم من قال : كل من يملك قبول عقد بنفسه ينعقد ذلك العقد بحضوره و من لا فلا و هذا الاعتبار صحيح أيضا لأن الشهادة من شرائط ركن العقد و ركنه و هو الإيجاب و القبول و لا وجود للركن بدون القبول فكما لا وجود للركن بدون القبول حقيقة لا وجود له شرعا بدون القبول حقيقة لا وجود له شرعا بدون الشهادة و هؤلاء لا يملكون قبول العقد بأنفسهم فلا ينعقد النكاح بحضورهم .
و الدليل على أنهم ليسوا من أهل الشهادة أن قاضيا لو قضى بشهادتهم ينفسخ قضاؤه عليه .
و عن أبي يوسف C أنه أصل فيه أصلا و قال : كل من جاز الحكم بشهادته في قول بعض الفقهاء ينعقد النكاح بحضوره و من لا يجوز الحكم بشهادته عند أحد لا يجوز بحضوره و هذا الاعتبار صحيح أيضا لأن الحضور لفائدة الحكم بها عند الأداء فإذا جاز الحكم بها في الجملة كان الحضور مفيدا و لا يجوز الحكم بشهادة هؤلاء عند البعض من الفقهاء ألا ترى أن قاضيا لو قضى بشهادتهم ينفسخ عليه قضاؤه