النوم مضطجعا .
ومنها : النوم مضطجعا في الصلاة أو في غيرها بلا خلاف بين الفقهاء .
وحكي عن النظام : أنه ليس بحدث ولا عبرة بخلافه لمخالفته الإجماع وخروجه عن أهل الاجتهاد والدليل عليه ما روي [ عن ابن عباس Bهما : أن النبي صلى الله عليه و سلم نام في صلاته حتى غط ونفخ ثم قال : لا وضوء على من نام قائما أو قاعدا أو راكعا أو ساجدا إنما الوضوء على من نام مضطجعا فإنه إذا نام مضطجعا استرخت مفاصله ] نص على الحكم وعلل باسترخاء المفاصل وكذا النوم متوركا بأن نام على أحد وركيه لأن مقعده يكون متجافيا عن الأرض فكان في معنى النوم مضطجعا في كونه سببا لوجود الحدث بواسطة استرخاء المفاصل و زوال مسكة اليقظة .
فأما النوم في غير هاتين الحالتين فإما إن كان في الصلاة و إما إن كان في غيرها فإن كان في الصلاة لا يكون حدثا سواء غلبه النوم أو تعمد في ظاهر الرواية و روي عن أبي يوسف أنه قال : سألت أبا حنيفة عن النوم في الصلاة فقال : لا ينقض الوضوء و لا أدري سألته عن العمد أو الغلبة و عندي أنه إن نام متعمدا ينتقض وضوؤه .
و عند الشافعي : أن النوم حدث على كل حال إلا إذا كان قاعدا مستقرا على الأرض فله فيه قولان : احتج ما روي [ عن صفوان بن عسال المرادي أنه قال : كان النبي صلى الله عليه و سلم يأمرنا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام و لياليها إذا كنا سفرا إلا من جنابة لكن من نوم أو بول أو غائط ] فقد جعل النوم حدثا على الإطلاق و روي عنه صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ العينان وكاء السه فإذا العينان استطلق الوكاء ] أشار إلى كون النوم حدثا حيث جعله علة استطلاق الوكاء .
و لنا : ما روينا عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم حيث نفى الوضوء في النوم في غير حال الاضطجاع و أثبته فيها بعلة استرخاء المفاصل و زوال مسكة اليقظة و لم يوجد في هذه الأحوال لأن الإمساك فيها باق ألا ترى أنه لم يسقط و في المشهور من الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ إذا نام العبد في سجوده يباهي الله تعالى به ملائكتة فيقول : انظروا إلى عبدي روحه عندي و جسده في طاعتي ] و لو كان النوم في الصلاة حدثا لما كان جسده في طلعة الله تعالى .
ولا حجة له فيما روى لأن مطلق النوم ينصرف إلى النوم المتعارف وهو نوم المضطجع وكذا استطلاق الوكاء يتحقق به لا بكل نوم .
وجه رواية أبي يوسف : إن القياس في النوم حالة القيام والركوع والسجود أن يكون حدثا لكونه سببا لوجود الحدث إلا أنا تركنا القياس حالة الغلبة لضرورة التهجد نظرا للمتهجدين وذلك عند الغلبة دون التعمد .
ولنا : ما روينا من الحديثين من غير فصل ولأن الاستمساك في هذه الأحوال باق لما بينا .
وإن كان خارج الصلاة فإن كان قاعدا مستقرا على الأرض غير مستند إلى شيء لا يكون حدثا لأنه ليس بسبب لوجود الحدث غالبا وإن كان قائما أو على هيئة الركوع والسجود غير مستند إلى شيء اختلف المشايخ فيه والعامة على أنه لا يكون حدثا لما روينا من الحديث من غير فصل بين حالة الصلاة وغيرها ولأن الاستمساك فيها باق على ما مر والأقرب إلى الصواب في النوم على هيئة السجود خارج الصلاة ما .
ذكر القمي أنه لا نص فيه ولكن ينظر فيه إن سجد على الوجه المسنون بأن كان رافعا بطنه عن فخذيه مجافيا عضديه عن جنبيه لا يكون حدثا وإن سجد لا على وجه السنة بأن ألصق بطنه بفخذيه واعتمد على ذراعيه على الأرض يكون حدثا لأن في الوجه الأول الاستمساك باق والاستطلاق منعدم وفي الوجه الثاني بخلافه إلا أنا تركنا هنا القياس في حالة الصلاة بالنص .
ولو نام مستندا إلى جدار أو سارية أو رجل متكئا على يديه ذكر الطحاوي : أنه إن كان بحال لو أزيل السند لسقط يكون حدثا وإلا فلا وبه أخذ كثير من مشايخنا .
وروى خلف بن أيوب عن أبي يوسف أنه قال : سألت أبا حنيفة عمن استند إلى سارية أو رجل فنام ولولا السارية والرجل لم يستمسك قال : إذا كانت إليته مستوثقة من الأرض فلا وضوء عليه وبه أخذ عامة مشايخنا وهو الأصح لما روينا من الحديث وذكرنا من المعنى .
ولو نام قاعدا مستقرا على الأرض فسقط وانتبه فإن انتبه بعدما سقط على الأرض وهو نائم انتقض وضوؤه بالإجماع لوجود النوم مضطجعا وإن قل وإن انتبه قبل أن يصل جنبه إلى الأرض روي عن أبي حنيفة أنه لا ينتقض وضوؤه لانعدام النوم مضطجعا .
وعن أبي يوسف أنه ينتقض وضوؤه لزوال الاستمساك بالنوم حيث سقط وعن محمد أنه إن انتبه قبل أن يزايل مقعده الأرض لم ينتقض وضؤه و إن زايل مقعده قبل أن ينتبه انتقض وضوؤه