ما يسقط به نصف المهر .
و أما بيان ما يسقط به نصف المهر فما يسقط به نصف المهر نوعان : .
نوع يسقط به نصف المهر صورة و معنى .
و نوع يسقط به نصف المهر معنى و الكل صورة أما النوع الأول فهو الطلاق قبل الدخول في نكاح فيه تسمية المهر و المهر دين لم يقبض بعد .
و جملة الكلام فيه : أن الطلاق قبل الدخول في نكاح فيه تسمية يسقط به عن الزوج نصف المهر و قد يعود به إليه النصف و قد يكون له به مثل النصف صورة و معنى أو معنى لا صورة و بيان هذه الجملة أن المهر المسمى إما أن يكون دينا و إما أن يكون عينا و كل ذلك لا يخلو إما أن يكون مقبوضا و إما أن يكون غير مقبوض فإن كان دينا فلم يقبضه حتى طلقها قبل الدخول بها سقط نصف المسمى بالطلاق و بقي النصف .
هذا طريق عامة المشايخ و قال بعضهم : إن الطلاق قبل الدخول يسقط جميع المسمى و إنما يجب نصف آخر ابتداء على طريقة المتعة لا بالعقد إلا أن هذه المتعة مقدرة بنصف المسمى و المتعة في الطلاق قبل الدخول في نكاح لا تسمية فيه غير مقدرة بنصف مهر المثل و إلى هذا الطريق ذهب الكرخي و الرازي و كذا روي عن إبراهيم النخعي أنه قال : في الذي طلق قبل الدخول و قد سمى لها أن لها : نصف المهر و ذلك متعتها .
و احتجوا بقوله عز و جل : { يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن و سرحوهن } أوجب الله تعالى المتعة في الطلاق قبل الدخول من غير فصل بين ما إذا كان في النكاح تسمية أو لم يكن إلا أن هذه المتعة قدرت بنصف المسمى بدليل آخر و هو قوله عز و جل : { فنصف ما فرضتم } و لأن النكاح انفسخ بالطلاق قبل الدخول لأن المعقود عليه عاد سليما إلى المرأة و سلامة المبدل لأحد المتعاقدين يقتضي سلامة البدل للآخر كما في الإقالة في باب البيع قبل القبض و هذ لأن المبدل إذا عاد سليما إلى المرأة فلو لم تسلم البدل إلى الزوج لاجتمع البدل و المبدل في ملك واحد في عقد المعاوضة و هذا لا يجوز و لهذا المعنى سقط الثمن عن المشتري بالإقالة قبل القبض كذا المهر و لعامة المشايخ قوله عز و جل : { و إن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن و قد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم } أوجب سبحانه و تعالى نصف المفروض فإيجاب نصف آخر على طريق المتعة إيجاب ما ليس بمفروض و هذا خلاف النص و لأن الطلاق تصرف في الملك بالإبطال وضعا لأنه موضوع لرفع القيد و هو الملك فكان تصرفا في الملك ثم إذا بطل الملك لايبقى النكاح في المستقبل و ينتهي لعدم فائدة البقاء و يتقرر فيما مضى بمنزلة الإعتاق لأنه إسقاط الملك فيكون تصرفا في الملك فيكون تصرفا في الملك ثم السبب ينتهي في المستقبل لعدم فائدة البقاء و يتقرر فيما مضى كذا الطلاق و كان ينبغي أن لا يسقط شيء من المهر كما لا المستقبل لعدم فائدة البقاء و يتقرر فيما مضى كذا الطلاق و كان ينبغي أن لا يسقط شيء من المهر كما لا يسقط بالموت إلا أن سقوط النصف ثبت بدليل و لأن المهر يجب بإحداث ملك المتعة جبرا للذل بالقدر الممكن و بالطلاق لا يتبين أن الملك لم يكن إلا أنه سقط بالنص .
و أما النص فقد قيل إنه منسوخ بالنص الذي في سورة البقرة و هو قوله عز و جل : { و إن طلقتموهن } الآية أو يحمل الأمر بالتمتع على الندب و الاستحباب أو يحمل على الطلاق في نكاح لا تسمية فيه عملا بالدلائل .
و قولهم : الطلاق فسخ النكاح ممنوع بل هو تصرف في الملك بالقطع و الإبطال فيظهر أثره في المستقبل كالإعتاق و به تبين أن المعقود عليه ما عاد إلى المرأة لأن المعقود عليه هو ملك المتعة و أنه لا يعود إلى المرأة بل يبطل الملك الزوج عن المتعة بالطلاق و يصير لها في المستقبل إلا أن يعود أو يقال إن الطلاق قبل الدخول يشبه الفسخ لما قالوا و يشبه الإبطال لما قلنا و شبه الفسخ يقتضي سقوط كل البدل كما في الإقالة قبل القبض و شبه الإبطال يقتضي أن لا يسقط شيء من البدل كما في الإعتاق قبل القبض فينتصف توفير الحكم على الشبهين عملا بهما بقدر الإمكان و الدليل على صحة هذا الطريق ما ظهر من القول عن أصحابنا فيمن تزوج امرأة على خمس من الإبل السائمة و سلمها إلى المرأة فحال عليها الحول ثم طلقها قبل الدخول بها أنه يسقط عنها نصف الزكاة .
ولو سقط المسمى كله ثم وجب نصفه بسبب آخر لسقط كل الزكاة و لأن القول بسقوط كل المهر ثم يوجب نصف غير مفيد و الشرع لا يرد بما لا فائدة فيه و الله عز و جل أعلم .
و لو شرط مع المسمى الذي هو مال ما ليس بمال بأن تزوجها على ألف درهم و على أن يطلق امرأته الأخرى أو على أن لا يخرجها من بلدها ثم طلقها قبل الدخول بها فلها نصف المسمى و سقط الشرط لأن هذا شرط إذا لم يقع الوفاء به يجب تمام مهر المثل و مهر المثل لا يثبت في الطلاق قبل الدخول فسقط اعتباره فلم يبق إلا المسمى فيتنصف .
و كذلك إن شرط مع المسمى شيئا مجهولا كما إذا تزوجها على ألف درهم و كرامتها أو على ألف درهم و أن يهدي إليها هدية ثم طلقها قبل الدخول بها فلها نصف المسمى لأنه إذا لم يف بالكرامة و الهدية يجب تمام مهر المثل و مهر المثل لا مدخل له في الطلاق قبل الدخول فسقط اعتبار هذا الشرط و كذلك لو تزوجها على ألف أو على ألفين حتى وجب مهر المثل في قول أبي حنيفة و في قولهما الأقل ثم طلقها قبل الدخول بها فلها نصف الألف بالإجماع أما عند أبي حنيفة فلأن الواجب هو مهر المثل و أنه لا يثبت في الطلاق قبل الدخول و أما عندهما فلأن الواجب هو الأقل فينتصف و كذلك لو تزوجها على ألف إن لم يكن له امرأة و على ألفين إن كانت له امرأة حتى فسد الشرط التالي عند أبي حنيفة فطلقها قبل الدخول فلها نصف الأقل لما قلنا و عندهما الشرطان جائزان فأيهما وجد فلها نصف ذلك بالطلاق قبل الدخول .
و لو تزوجها على أقل من عشرة ثم طلقها قبل الدخول بها فلها نصف ما سمى و تمام خمسة دراهم لأن تسمية ما دون العشرة تسمية للعشرة عندنا فكأنه تزوجها على ذلك الشيء و تمام عشرة دراهم .
و إن كان قبضته فإن كان دراهم أو دنانير معينة أو غير معينة أو كان مكيلا أو موزونا في الذمة فقبضته و هو قائم في يدها فطلقها فعليها رد نصف المقبوض و ليس عليها رد عين ما قبضت لأن عين المقبوض لم يكن واجبا بالعقد فلا يكون واجبا بالفسخ .
و أما على أصل زفر فالدراهم و الدنانير تتعين بالعقد فتتعين بالفسخ فعليها رد نصف عين المقبوض إن كان قائما .
و إن كان عبدا أو ثوبا وسطا فسلمه إليها ثم طلقها قبل الدخول بها فعليها رد نصف المقبوض لأن العبد لا مثل له و الأصل فيما لا مثل له أنه لا يجب في الذمة إلا أنه وجب الوسط منه في الذمة و تحملت الجهالة فيه لما ذكرنا فيما تقدم فإذا تعين بالقبض كان إيجاب نصف العين أعدل من إيجاب المثل أو القيمة فوجب عليها رد نصف عين المقبوض كما لو كان معينا فقبضته و لا يملكه الزوج بنفس لطلاق لما نذكر و هذا إذا كان المهر دينا فقبضته أو لم تقبضه حتى ورد الطلاق قبل الدخول فأما إذا كان عينا بأن كان معينا مشارا إليه مما يحتمل التعيين كالعبد و الجارية و سائر الأعيان فلا يخلو إما أن كان بحاله لم يزد و لم ينقص و إما أن زاد أو نقص فإن كان بحاله لم يزد و لم ينقص فإن غير مقبوض فطلقها قبل الدخول بها عاد الملك في النصف إليه بنفس الطلاق و لا يحتاج للعود إليه إلى الفسخ و التسليم منها حتى لو كان المهر أمة فأعتقها الزوج قبل الفسخ و التسليم ينفذ إعتاقه في نصفها بلا خلاف و إن كان مقبوضا لا يعود الملك في النصف إليه بنفس الطلاق و لا ينفسخ ملكها في النصف حتى يفسخه الحاكم أو تسلمه المرأة .
و ذكر ذلك في الزيادات و زاد عليه الفسخ من الزوج و هو أن يقول : قد فسخت هذا جواب ظاهر الراوية .
و روي عن أبي يوسف أنه ينفسخ ملكها في النصف بنفس الطلاق و هو قول زفر : حتى لو كان المهر أمة فأعتقها قبل الفسخ و التسليم جاز اعتاقها في جميعها و لا يجوز إعتاق الزوج فيها و على قول أبي يوسف لا يجوز إعتاقها إلا في النصف و يجوز إعتاق الزوج في نصفها .
وجه قول أبي يوسف : أن الموجب للعود هو الطلاق و قد وجد فيعود ملك الزوج إذا كالبيع إذا فسخ قبل القبض أنه يعود ملك البائع بنفس الفسخ كذا هذا وجه قولهما أن العقد و إن انفسخ بالطلاق فقد بقي القبض بالتسليط الحاصل وبالعقد و أنه من أسباب الملك عندنا فكان سبب الملك قائما فكان الملك قائما فلا يزول إلآ بالفسخ من القاضي لأنه فسخ سبب الملك أو بتسليمها لأن تسليمها نقض للقبض حقيقة أو بفسخ الزوج على رواية الزيادات لأنه بمنزلة المقبوض بحكم عقد فاسد و كل واحد من العاقدين بسبيل من فسخ عقد البيع الفاسد و صار كما لو اشترى عبدا بجارية فقبض العبد و لم يسلم الجارية حتى هلكت الجارية في يده أنه ينفسخ العقد في الجارية و يبقى الملك في العبد المقبوض إلى أن يسترد مقبوض بحكم عقد فاسد كذا هذا و لأن المهر بدل يملك بالعقد ملكا مطلقا فلا ينفسخ الملك فيه يفعل أحد العاقدين كالثمن في باب البيع بخلاف ما قبل القبض لأن غيرالمقبوض ليس بمملوك ملكا مطلقا هذا إذا كان المهر بحاله لم يزد و لم ينقص فأما إذا زاد فالزيادة لا تخلو إما أن كانت في المهر أو على المهر فإن كانت على المهر بأن سمى الزوج لها ألفا ثم زادها بعد العقد مائة ثم طلقها قبل الدخول بها فلها نصف الألف و بطلت الزيادة في ظاهر الرواية .
و روي عن أبي يوسف : أن لها نصف الألف و نصف الزيادة أيضا .
وجه الرواية أبي يوسف : قوله عز و جل : { و إن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن و قد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم } و الزيادة مفروضة فيجب تنصيفها في الطلاق قبل الدخول و لأن الزيادة تلتحق بأصل العقد على أصل أصحابنا كالزيادة في الثمن في باب البيع و يجعل كأن العقد ورد على الأصل و الزيادة جميعا فينتصف الطلاق قبل الدخول كالأصل .
وجه ظاهر الرواية : أن هذه الزيادة لم تكن مسماة في العقد حقيقية و ما لم يكن مسمى في العقد فورود الطلاق قبل الدخول يبطله كمهر المثل و أما قوله الزيادة على المهر لا تلتحق بأصل العقد لأنها وجدت متأخرة عن العقد حقيقة و إلحاق المتأخر عن العقد بالعقد خلاف الحقيقة فلا يصار إليه إلا لحاجة و الحاجة إلى ذلك في باب البيع لكونه عقد معاينة و مبادلة المال بالمال فتقع الحاجة إلى الزيادة دفعا للخسران و ليس النكاح عقد معاينة و لا مبادلة المال بالمال و لا يحترز به عن الخسران فلا ضرورة إلى تغيير الحقيقة .
و أما النص : فالمراد منه الفرض في العقد لأنه هو المتعارف فينصرف المطلق إليه و الدليل عليه قوله تعالى : { و لا جناح عليكم فيما تراضيتم } فدل أن الزيادة بفريضة و إن كانت في المهر فالمهر لا يخلو إما أن يكون في يد الزوج و إما أن يكون في يد المرأة فإن كان في يد الزوج فالزيادة لا تخلو إما أن كانت متصلة بالأصل و إما أن كانت منفصلة عنه و المتصلة لا تخلو من أن تكون متولدة من الأصل كالسمن و الكبر و الجمال و البصر و السمع و النطق كإنجلاء بياض العين و زوال الخرس و الصمم و الشجر إذا أثمر و الأرض إذا زرعت أو غير متولدة منه كالثواب إذا صبغ و الأرض إذا بنى فيها بناء و كذا المنفصلة لا تخلو إما أن كانت متولدة من الأصل كالولد و الصوف إذا جزا و الشعر إذا أزيل و الثمر إذا وجد الزرع إذا حصد أو كانت في حكم المتولدة منه كالأرش و العقر و إما أن كانت غير متولدة منه و لا في حكم المتولد كالهبة و الكسب فإن كانت الزيادة متولدة من الأصل أو في حكم المتولد فهي مهر سواء كانت متصلة بالأصل أو منفصلة عنه حتى لو طلقها قبل الدخول بها ينتصف الأصل و الزيادة جميعا بالأجماع لأن الزيادة تابعة للأصل لكونها نماء الأصل و الأرش بدل جزء هو مهر فليقوم مقامه و العقر بدل ما هو في حكم الجزء فكان بمنزلة المتولد من المهر فإذا حدثت قبل القبض و للقبض شبه بالعقد فكان وجودها عند القبض كوجودها عند العقد فكانت محلا للفسخ .
و إن كانت غير متولدة من الأصل فإن كانت متصلة بالأصل فإنها تمنع التنصيف و عليها نصف قيمة الأصل لأن هذه الزيادة ليست بمهر لا مقصودا و لا تبعا لأنها لم تتولد من المهر فلا تكون مهرا فلا تتنصف و لايمكن تنصيف الأصل بدون تنصيف الزيادة فامتنع التنصيف فيجب عليها نصف قيمة الأصل يوم الزيادة لأنها بالزيادة صارت قابضة للأصل فتعتبر قيمته يوم حكم بالقبض و إن كانت منفصلة عن الأصل فالزيادة ليست بمهر و هي كلها للمرأة في قول أبي حنيفة و لا تنتصف الأصل و عند أبي يوسف و محمد : هي مهر فتنتصف مع الأصل .
وجه قولهما : أن هذه الزيادة تملك بملك الأصل فكانت تابعة للأصل فتنتصف مع الأصل كالزيادة المتصلة المنفصلة المتولدة من الأصل كالسمن و الولد و لأبي حنيفة : أن هذه الزيادة ليست بمهر لا مقصودا و لا تبعا أما مقصودا فظاهر لأن العقد ما ورد عليها مقصودا و كذا هي غير مقصوده بملك الجارية لأنه لا يقصد بتملك الجارية الهبة لها .
و أما تبعا فلأنها ليست بمتولدة من الأصل فدل أنها ليست بمهر لا قصدا و لا تبعا و إنما هي مال المرأة فأشبهت سائر أموالها بخلاف الزيادة المتصلة المتولدة لأنها نماء المهر فكانت جزءا من أجزائه قتتنصف كما يتنصف الأصل .
و لو آجر الزوج المهر بغير إذن فالأجرة له أن المنافع ليست بأموال متقومة بأنفسها عندنا و إنما تأخذ حكم المالية و التقوم بالعقد و العقد صدر من الزوج فكانت الأجرة له كالغاضب إذا آجر المغضوب و يتصدق بالأجرة لأنها مال حصل بسبب محظور و هو التصرف في ملك الغير بغير إذنه فيتمكن فيه الخبث فكان سبيله التصدق به هذا إذا كان المهر في يد الزوج فحدثت فيه الزيادة فأما إذا كان في يد المرأة أي قبل الفرقة فإن كانت الزيادة متصلة متولدة من الأصل فإنها تمنع التنصيف في قول أبي حنيفة و أبي يوسف و للزوج عليها نصف القيمة يوم سلمه إليها .
و قال محمد : لا تمنع و ينتصف الأصل مع الزيادة واخحتج بقوله تعالى : { و إن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن و قد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم } جعل سبحانه و تعالى في الطلاق قبل الدخول في نكاح فيه فرض نصف المفروض فمن جعل فيه نصف قيمة الفروض فقد خالف النص و إذا وجب تنصيف أصل المفروض و لا يمكن تنصيفه إلا بتنصيف الزيادة فيجب تنصيف الزيادة ضرورة و لأن هذه الزيادة تابعة للأصل من كل وجه لأنها قائمة به و الأصل مهر فكذا الزيادة بخلاف الزيادة المنفصلة المتولدة من الأصل لأنها ليست بتابعة محضة لأن الولد بالانفصال صار أصلا بنفسه فلم يكن مهرا و بخلاف الزيادة المتصلة في الهبة أنها تمنع من الرجوع و الاسترداد لأن حق الرجوع في الهبة ليس بثابت بيقين لكونه محل الاجتهاد فلا يمكن إلحاق الزيادة بحالة العقد فتعذر إيراد الفسخ عليها فيمنع الرجوع .
وجه قولهما : أن هذه الزيادة لم تكن موجودة عند العقد و لا عندما له شبه بالعقد و هو القبض فلا يكون لها حكم المهر فلا يمكن فسخ العقد فيها بالطلاق قبل الدخول لأن الفسخ إنما يرد على ما ورد عليه العقد و العقد لم يرد عليه أصلا فلا يرد عليه الفسخ كالزيادة المنفصلة المتولدة من الأصل و لأنه لو نقض العقد فإما أن يرد نصف الأصل مع نصف الزيادة أو بدون الزيادة لا سبيل إلى الثاني لأنه لا يتصور رد الأصل بدون رد الزيادة المتصلة و لا سبيل إلى الأول لأنه يؤدي إلى الربا لنها إذا لم يكن محلا للفسخ لعدم و رود العقد عليها كان أخذ الزيادة منها أخذ مال بلا عوض في عقد المعاوضة و هذا تفسير الربا و يجب نصف قيمة المفروض لا نصف المفروض لأن المفروض صار بمنزلة الهالك .
و أما الآية الكريمة فلا حجة فيها لأن مطلق المفروض ينصرف إلى المفروض المتعارف و هو الأثمان دون السلع و الأثمان لا تحتمل الزيادة و النقصان و على هذا الاختلاف الزيادة المتصلة في البيع إذا اختلفا أنها تمنع التحالف عند أبي حنيفة و أبي يوسف و عند محمد لا تمنع و لو هلكت هذه الزيادة في يد الزوج ثم طلقها فلها نصف الأصل لأن المانع من التصنيف قد ارتفع و إن كانت متصلة غير متولدة من الأصل فإنها تمنع التنصيف و عليها نصف قيمة الأصل لما بينا فيما تقدم و إن كانت الزيادة منفصلة متولدة من الأصل فإنها تمنع التنصيف في قول أصحابنا الثلاثة و عليها رد نصف قيمة الأصل إلى الزوج و قال زفر لا تمنع و يتنصف مع الزيادة و إن كانت منفصلة غير متولدة فهي لها خاصة و الأصل بينهما نصفان بالإجماع .
وجه قول زفر : إن الزيادة تابعة للأصل لأنها متولدة منه قتتنصف مع الأصل كالزيادة الحادثة قبل القبض .
و لنا : أن هذه الزيادة لم تكن عند العقد و لا عند القبض فلم تكن مهرا و الفسخ إنما يرد على ما له حكم المهر فلا تتصف و تبقى على ملك المرأة كما كانت قبل الطلاق ولا يمكن تنصيف الأصل بدون الزيادة و هو رد نصف الجارية بدون الولد لأنها لا يصير لها فضل أصل فسخ العقد فيه ما لم يكن لها ذلك و الأصل أن لا تبدل من غير بدل و ذلك وصف الربا و أنه حرام فإذا تعذر تنصيف المفروض لمكان الربا يجعل المفروض كالهالك لأنه في حق كونه معجوز التسليم إلى الزوج بمنزلة الهالك فيجب نصف القيمة ليزول معنى الربا و الله عز و جل أعلم .
و كذلك لو ارتدت أو قبلت ابن زوجها قبل الدخول بها بعد ما حدثت الزيادة في يد المرأة فذلك كله لها و عليها رد قيمة الأصل يوم قبضت كذا ذكر أبو يوسف في الأصل و هو قول محمد .
و روي عن أبي يوسف أنها ترد الأصل و الزيادة ففرق بين الردة و التقبيل و بين الطلاق فقال في الطلاق ترد نصف قيمة الأصل و في الردة و التقبيل ترد الأصل و الزيادة جميعا .
و وجه الفرق أن الردة و التقبيل فسخ للعقد من الأصل و جعل إياه كأن لم يكن فصار كمن باع عبدا بجارية و قبض الجارية و لم يدفع العبد حتى ولدت ثم مات العبد قبل أن يدفعه أنه يأخذ الجارية و ولدها لانفساخ العقد من الأصل بموت العبد في يد بائعه كذا هذا بخلاف الطلاق فإنه إطلاق و حل العقد و ليس بفسخ فينحل العقد و تطلق أو يرتفع من حين الطلاق لا من الأصل .
وجه ظاهر الرواية : ان المعقود عليه في الفصلين جميعا أعني الطلاق و الردة يعود سليما إلى المرأة كما كان إلا أن الطلاق قبل الدخول طلاق من وجه و فسخ من وجه فأوجب عود نصف البدل عملا بالشبهين و الردة و التقبيل كل واحد منهما فسخ من كل وجه فيوجب عود الكل إلى الزوج هذا كله إذا حدثت الزيادة قبل الطلاق فأما ذا حدثت بعد الطلاق بأن طلقها ثم حدثت الزيادة فلا يخلو إما أن حدثت بعد القضاء بالنصف للزوج و إما أن حدثت قبل القضاء و كل ذلك قبل القبض أو بعده فإن حدثت قبل القبض فالأصل و الزيادة بينهما نصفان سواء وجد القضاء أو لم يوجد لأنه كما وجد االطلاق عاد نصف المهر إلى الزوج بنفس الطلاق و صار بينهما نصفين فالزيادة حدثت على ملكيهما فتكون بينهما و إن حدثت بعد القبض فإن كانت بعد القضاء بالنصف للزوج فكذلك الجواب لأنه لما قضى به فقد عاد نصف المهر إلى الزوج فحصلت الزيادة على الملكين فكانت بينهما و إن كان قبل القضاء بالنصف للزوج فالمهر في يدها كالمقبوض بعقد فاسد لأن الملك كان لها و قد فسخ ملكها في النصف بالطلاق حتى لو كان المهر عبدا فأعتقه بعد الطلاق قبل القضاء بالنصف للزوج جاز إعتاقها و لو أعتقه الزوج لا ينفذ و إن قضى القاضي له بعد ذلك كالبائع إذا أعتق العبد المبيع بيعا فاسدا أنه لا ينفذ عتقه و إن رد عليه بعد ذلك كذا ههنا هذا الذي ذكرنا حكم الزيادة و أما حكم النقصان فحدوث النقصان في المهر لا يخلو : إما أن يكون في يد الزوج و إمغا أن يكون في يد المرأة فإن كان في يد الزوج فلا يخلو من خمسة أوجه إما أن يكون بفعل أجنبي و إما أن يكون بآفة سماوية و إما أن يكون بفعل الزوج و إما أن يكون بفعل المهر و إما أن يكون بفعل المرأة و كل ذلك لا يخلو إما أن يكون قبل قبض المهر أو بعده و النقصان فاحش أو غير فاحش فإن كان النقصان بفعل أجنبي و هو فاحش قبل القبض فالمرأة بالخيار إن شاءت أخذت العبد الناقص و اتبعت الجاني بالأرش و إن شاءت تركت و أخذت من الزوج قيمة العبد يوم العقد ثم يرجع الزوج على الأجنبي بضمان النقصان وهو الأرش أما ثبوت الخيار فلأن المعقود عليه و هو المهر تغير قبل القبض لأنه صار بعضة قيمة و يعتبر المعقود عليه قبل القبض فوجب الخيار كالتغير المبيع قبل القبض فإن اختارت أخذ العبد اتبعت الجاني بالأرش لأن الجناية حصلت على ملكها و إن اختارت أخذ القيمة اتبع الزوج الجاني بالأرش لأنه يملك العين بأداء الضمان فقام مقام المرأة فكان الأرش له و ليس لها أن تأخذ العبد ناقصا و تضمن الزوج الأرش لأنها لما اختارت أخذ فقد أبرأت الزوج من ضمانه و إن كان النقصان بآفة سماوية فالمرأة بالخيار إن شاءت أخذته ناقصا و لا شيء لها غير ذلك و إن شارت تركته و أخذت قيمته يوم العقد لأن المهر مضمون على الزوج بالعقد و الأوصاف لا تضمن بالعقد لعدم ورود العقد عليها موصوفا فلا يظهر الضمان في حقها و إنما يظهر في حق الأصل لورود العقد عليه و إنما ثبت لها الخيار لتغير المعقود عليه و هو المهر عما كان عليه و هذا يثبت الخيار كالمبيع إذا انتقص في يد البائع أنه يتخير المشتري فيه كذا هذا .
و إن كان النقصان بفعل الزوج ذكر في ظاهر الرواية ان المرأة بالخيار إن شاءت أخذته ناقصا و أخذت معه أرش النقصان و إن شاءت أخذت قيمته يوم العقد كذا ذكر في ظاهر الرواية و فرق بين هذا و بين البائع إذا جنى على المبيع قبل القبض .
و روى عن أبي حنيفة أن الزوج إذا جنى على المهر فهي بالخيار إن شاءت أخذته ناقصا و لا شيء لها غير ذلك و إن شاءت أخذت القيمة و سوى بينه و بين المبيع