بيان ما تعتبر فيه الكفاءة .
فصل : و أما الثالث في بيان ما تعتبر فيه الكفاءة فما تعتبر فيه الكفاءة أشياء : منها : النسب و الأصل فيه قول النبي صلى الله عليه و سلم : [ قريش بعضهم أكفاء لبعض و العرب بعضهم أكفاء لبعض حي بحي و قبيلة بقبيلة و الموالي بعضهم أكفاء لبعض رجل برجل ] لأن التفاخر و التعيير يقعان بالأنساب فتلحق النقيصة بدناءة النسب فتعتبر فيه الكفاءة فقريش بعضهم أكفاء لبعض على اختلاف قبائلهم حتى يكون القرشي الذي ليس بها شمي كالتيمي و الأموي و العدوي و نحو ذلك كفأ للهاشمي لقوله صلى الله عليه و سلم : [ قريش بعضهم أكفاء لبعض ] و قريش تشتمل على بني هاشم و العرب بعضهم أكفاء لبعض بالنص و لا تكون العرب كفأ لقريش لفضيلة قريشا على سائر العرب و لذلك اختصت الإمامة بهم .
قال النبي صلى الله عليه و سلم : [ الأئمة من قريش ] بخلاف القرشي أنه يصلح كفأ للهاشمي و إن كان للهاشمي من الفضيلة ما ليس للقرشي لكن الشرع أسقط اعتبار تلك الفضيلة في باب النكاح عرفنا ذلك بفعل رسول الله صلى الله عليه و سلم و إجماع الصحابة Bه فإنه روي : [ أن رسول الله صلى الله عليه و سلم زوج ابنته من عثمان Bه ] و كان أمويا لا هاشميا [ و زوج علي Bه ابنته من عمر Bه ] و لم يكن هاشميا بل عدويا .
فدل أن الكفاءة في قريش لا تختص ببطن دون بطن و استثنى محمد Bه بيت الخلافة فلم يجعل القرشي الذي ليس بهاشمي كفأ له و لا تكون الموالي أكفاء للعرب لفضل العرب على العجم و الموالي بعضهم أكفاء لبعض بالنص و موالي العرب أكفاء لموالي قريش لعموم قوله : [ و الموالي بعضهم أكفاء لبعض رجل برجل ] .
ثم مفاخرة العجم بالإسلام لا بالنسب و من له أب واحد في الإسلام لا يكون كفأ لمن له أباء كثيرة في الإسلام لأن تمام التعريف بالجد و الزيادة على ذلك لا نهاية لها قيل هذا إذا كان في موضع قد طال عهد الإسلام و امتد فأما إذا كان في موضع كان عهد الإسلام قريبا بحيث لا يعير و لا يعد عيبا يكون بعضهم كفأ لبعضهم لأن التعير إذا لم يجبر بذلك و لم يعد عيبا لم يلحق الشين و النقيصة فلا يتحقق الضرر .
فصل : و منها : الحرية لأن النقص و الشين بالرق فوق النقص و الشين بدناءة النسب فلا يكون القن و المدبر و المكاتب كفأ للحرة بحال و لا يكون مولى العتاقة كفأ لحرة الأصل و يكون كفأ لمثله لأن التفاخر يقع بالحرة الأصلية و التعيير يجري في الحرية العارضة المستفادة بالإعتاق و كذا من له أب واحد في الحرية لا يكون كفأ لمن له أبوان فصاعدا في الحرية و من له أبوان في الحرية لا يكون كفأ لمن له آباء كثيرة في الحرية كما في إسلام الآباء لأن أصل التعريف بالأب و تمامه بالجد و ليس وراء التمام شيء و كذا مولى الوضيع لا يكون كفأ لمولاة الشريف حتى لا يكون مولى العرب كفأ لمولاة بني هاشم حتى لو زوجت مولاة بني هاشم نفسها من مولى العرب كان لمعتقها حق الاعتراض لأن الولاء بمنزلة النسب قال النبي صلى الله عليه و سلم : [ الولاء لحمة كلحمة النسب ]