بيان ما يبطل به الخيار .
فصل : و أما بيان ما يبطل به الخيار نوعان نص و دلالة .
فالنص هو : التصريح بإسقاط الخيار و ما يجزي مجراه نحو أن يقول : أسقطت الخيار أو رضيت بالنكاح أو اخترت الزوج و نحو ذلك سواء كان ذلك بعد تخيير القاضي أو قبله و الدلالة هي أن تفعل ما يدل على الرضا بالمقام مع الزوج بأن خيرها القاضي فأقامت مع الزوج مطاوعة له في المضجع و غير ذلك لأن ذلك دليل الرضا بالنكاح و المقام مع الزوج و لو فعلت ذلك بعد مضي الأجل قبل تخيير القاضي لم يكن ذلك رضا لأن إقامتها معه بعد المدة قد تكون لاختياره و قد تكون للاختيار بحاله فلا تكون دليل الرضا مع الاحتمال و هل يبطل خيارها بالقيام عن المجلس ؟ .
و ذكر الكرخي أن ابن سماعة و بشرا قالا عن أبي يوسف : إذا خيرها الحاكم فأقامت معه أو قامت من مجلسها قبل أن تختار أو قام الحاكم أو أقامها عن مجلسها بعض أعوان القاضي و لم تقل شيئا فلا خيار لها و هذا يدل على أن خيارها يتقيد بالمجلس و هو مجلس التخيير و لم يذكر الخلاف .
و ذكر القاضي في شرحه مختصر الطحاوي أنه لا يقتصر علىالمجلس في ظاهر الرواية و روي عن أبي يوسف و محمد أنهما قالا : يقتصر علىالمجلس كخيار المخيرة .
وجه ما روي عن أبي يوسف و محمد : أن تخيير القاضي ههنا قائم مقام تخيير الزوج ثم خيار المخيرة بتخيير الزوج يبطل بقيامها عن المجلس فكذا خيار هذه و كذا إذا قام الحاكم عن المجلس قبل أن تختار لأن المجلس التخيير قد بطل بقيام الحاكم و كذا إذا أقامها عن مجلسها بعض أعوان القاضي قبل الاختيار لأنها كانت قادرة على الاختيار قبل الإقامة فدل امتناعها مع القدرة على الرضا بالنكاح .
وجه ظاهر الرواية : و هو الفرق بين هذا الخيار و بين خيار المخيرة أن خيار المخيرة إنما اقتصر على المجلس لأن الزوج بالتخيير ملكها بالطلاق إذ المالك للشيء هو الذي يتصرف فيه باختياره و مشيئته فكان التخيير من الزوج تمليكا للطلاق و جواب التمليك يقتصر على المجلس لأن المملك يطلب جواب التمليك في المجلس عادة لهذا يقتصر القبول على المجلس في البيع كذا ههنا و التخيير من القاضي تفويض الطلاق و ليس بتمليك لأنه لا يملك الطلاق بنفسه لأن الزوج ما ملكه الطلاق و إنما فوض إليه التطليق و ولاه ذلك فيلي التفويض لا التمليك و إذا لم يملك بنفسه فكيف يملكه من غيره فهو الفرق بين التخييرين و الله أعلم .
و المؤخذ و الخصي في جميع ما وصفنا مثل العنين لوجود الآلة في حقهما فكانا كالعنين و كذلك الخنثى .
و أما المجبوب فإنه إذا عرف أنه مجبوب إما بإقراره أو بالمس فوق الإزار فإن كانت المرأة عالمة بذلك وقت النكاح لها لرضاها بذلك و إن لم تكن عالمة به فإنها تخيير للحال و لا يؤجل حولا لأن التأجيل لرجاء الوصول و لا يرجى منه الوصول فلم يكن التأجيل مفيدا فلا يؤجل و إن اختارت الفرقة و فرق القاضي بينهما أو لم يفرق على الاختلاف الذي ذكرنا فلها كمال المهر و عليها كمال العدة إن كان قد خلى بها في قول أبي حنيفة و عندهما لها نصف المهر و عليها كمال العدة و إن كان لم يخل بها فلها نصف المهر و لا عدة عليها بالإجماع و قد ذكرنا ذلك فيما تقدم