سنن الغسل .
وأما سننه : فهي أن يبدأ فيأخذ الإناء بشماله ويكفيه على يمينه فيغسل يديه إلى الرسغين ثلاثا ثم يفرغ الماء بيمينه على شماله فيغسل فرجه حتى ينقيه ثم يتوضأ وضوءه للصلاة ثلاثا ثلاثا إلا أنه لا يغسل رجليه حتى يفيض الماء على رأسه وسائر جسده ثلاثا ثم يتنحى فيغسل قدميه والأصل فيه ما [ روي عن ميمونة زوج النبي صلى الله عليه و سلم أنها قالت : وضعت غسلا لرسول الله صلى الله عليه و سلم ليغتسل من الجنابة فأخذ الإناء بشماله وأكفأه على يمينه فغسل يديه ثلاثا ثم أنقى فرجه بالماء ثم مال بيده إلى الحائط فدلكها بالتراب ثم توضأ وضوءه للصلاة غير غسل القدمين ثم أفاض الماء على رأسه و سائر جسده ثلاثا ثم تنحى فغسل قدميه ] .
فالحديث مشتمل على بيان السنة والفريضة جميعا وهل يمسح رأسه عند تقديم الوضوء على الغسل ذكر في ظاهر الرواية أنه يمسح .
وروى الحسن عن أبي حنيفة : أنه لا يمسح لأن تسييل الماء عليه بعد ذلك يبطل معنى المسح فلم .
يكن فيه فائدة بخلاف سائر الأعضاء لأن التسييل من بعد لا يبطل التسييل من قبل والصحيح جواب ظاهر للرواية لأن السنة وردت بتقديم الوضوء على الإفاضة على جميع البدن على ما روينا والوضوء اسم للمسح والغسل جميعا إلا أنه يؤخر غسل القدمين لعدم الفائدة في تقديم غسلهما لأنهما يتلوثان بالغسالات من بعد حتى لو اغتسل على موضع لا يجتمع الغسالة تحت قدمه كالحجر ونحوه لا يؤخر لانعدام معنى التلوث ولهذا قالوا في غسل الميت إنه يغسل رجليه عند التوضئة ولا يؤخر غسلهما لأن الغسالة لا تجتمع على التخت .
ومن مشايخنا من استدل بتأخير النبي صلى الله عليه و سلم غسل الرجلين عند تقديم الوضوء على الإفاضة على أن الماء المستعمل نجس إذ لو لم يكن نجسا لم يكن للتحرج عن الظاهر معنى فجعلوه حجة أبي حنيفة و أبي يوسف على محمد وليس فيه كبير حجة لأن الإنسان كما يتحرج عن النجس يتحرج عن القذر خصوصا الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم والماء المستعمل قد أزيل إليه قذر الحدث حتى تعافه الطباع السليمة