أقسام اليمن .
ثم اليمين بالله تعالى منقسم ثلاثة أقسام في عرف الشرع : يمين الغموس و يمين اللغو و يمين معقودة .
و ذكر محمد في أول كتاب الأيمان من الأصل و قال الأيمان ثلاثة : يمين مكفرة و يمين لا تكفر و يمين نرجو أن لا يؤاخذ الله بها صاحبها و فسر الثالثة بيمين اللغو و إنما أراد محمد بقوله الأيمان ثلاث : الأيمان بالله تعالى لا جنس الأيمان لأن ذلك كثير0 .
فإن قيل : كيف أخبر محمد عن انتفاء المؤاخذة بلغو اليمين بلفظة الترجي و انتفاء المؤاخذة بهذا النوع من اليمين مقطوع به بنص الكتاب و هو قوله عز و جل : { لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم } فالجواب عنه من جهتين : .
أحدهما : أن يمين اللغو هي اليمين الكاذبة لكن لا عن قصد بل خطأ أو غلطاعلى ما نذكر تفسيرها إن شاء الله تعالى و التحرز عن فعله ممكن في الجملة و حفظ النفس عنه مقدور فكان جائز المؤاخذة عليه لكن الله تعالى رفع المؤاخذة عليه رحمة و فضلا و لهذا يجب الاستغفار و التوبة عن فعل الخطأ و النسيان كذلك فذكر محمد لفظ الرجاء ليعلم أن الله تفضل برفع المؤاخذة في هذا النوع بعدما كان جائز المؤاخذة عليه0 .
و الثاني : أن المؤاخذة و إن كانت منتفية عن هذا النوع قطعالكن العلم بمراد الله تعالى من اللغو المذكور غير مقطوع به بل هو محل الاجتهاد على ما نذكر إنشاء الله تعالى0 .
و العلم الحاصل عن اجتهاد علم غالب الرأي و أكثر الظن لا علم القطع فاستعمل محمد لفظة الرجاء لاحتمال أن لا يكون مراد الله تعالى من اللغو المذكور ما أفضى إليه اجتهاد محمد فكان استعمال لفظ الرجاء في موضعه وذكر الكرخي و قال اليمين على ضربين : ماض و مستقبل و هذه القسمة غير صحيحه لأن من شرط صحتها أن تكون محيطة بجميع أجزاء المقسوم به و لم يوجد لخروج الحال عنها و إنها داخلة في يمين الغموس و يمين اللغو على ما نذكر تفسيرهما فكانت القسمة ناقصة و النقصان في القسمة من عيوب القسمة كالزيادة فكانت القسمة الصحيحة ما ذكرنا لوقوعها حاصرة جميع أجزاء المقسوم بحيث لا يشذ عنها جزء و كذا ما ذكر محمد صحيح إلا أنه بين كل نوع بنفسه و حكمه دفعه واحدة و نحن أخرنا بيان الحكم عن بيان النوع سوقا للكلام على الترتيب الذي ضمناه .
أما يمين الغموس فهي الكاذبة قصدا في الماضي و الحال على النفي أو على الإثبات و هي الخبر عن الماضي أو الحال فعلا أو تركا متعمدا للكذب في ذلك مقرونا بذكر اسم الله تعالى نحو أن يقول و الله ما فعلت كذا و هو يعلم أنه فعله أو يقول و الله لقد فعلت كذا و هو يعلم أنه لم يفعله أو يقول و الله ما لهذا علي دين و هو يعلم أن له عليه دينا فهذا تفسير يمين الغموس 0