الحلف على الهدم .
فصل : و أما الحالف على الهدم قال ابن سماعة : و سمعت أبا يوسف يقول في رجل قال و الله لأهدمن هذه الدار فإن هدم سقوفها بر لأنه لا يقدر على أن يزيل اسم الدار بالهدم لأنه لو هدم جميع بنائها لكانت بذلك تسمى دارا لما ذكرنا أنها اسم للعرصة فحملت اليمين على الكسر .
قال محمد : إذا حلف لينقضن هذا الحائط أو ليهدمنه اليوم فنقض بعضه أو هدم بعضه و لم يهدم ما بقي حتى مضى اليوم يحنث قال : و الهدم عندنا أن يهدم حتى يبقى منه ما لا يسمى حائطا لأن الحائط يمكن هدمه حتى يزيل الاسم عنه فوقعت اليمين على ذلك بخلاف الدار فإن نوى هدم بعضه صدق ديانة لأن ذلك يسمى هدما بمعنى الكسر و لو حلف ليكسرن هذا الحائط فكسر بعضه بر لأنه يقال له حائط مكسور فلا يعتبر ما يزيل به اسم الحائط فالحاصل أن ههنا ألفاظ ثلاثة : الهدم و النقض و الكسر و المسائل مبنية على معرفة معنى كل لفظ فالهدم اسم لإزالة البناء لأنه ضد البناء فإن فعل في الحائط فعلا ينظر إن بقي بعده ما يسمى مبنيا حنث لأنه لا وجود للشيء مع وجود ما يضاده و إن لم يبق ما يسمى مبنيا بر لتحققه في نفسه قال الله تعالى : { و لولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع } و المراد منه استئصالها لا إحداث صدع أو وهن في أبنيتها و كذلك النقض يقال فلان نقض بينه كذا أي أزالها و لو نقض بعض الحائط أو هدم بعضه و قال عنيت به بعضه يصدق فيما بينه و بين الله تعالى عز و جل لأنه نوى تخصيص العموم و أنه محتمل فلا يصدقه القاضي لأنه عدول عن الظاهر و الكسر عبارة عن إحداث صداع أو شق فيما صلب من الأجسام بمنزلة الخرق فيما استرخى منها فإذا ثبت فيه هذا فقد بر في يمينه و إن بقي التركيب و الله تعالى أعلم